جمال النص مقابل بشاعة الكاتب
قبل عدة أيام ، ومع بداية قراءتي لمجلة
The Paris Rivew
وجدت نفسي معجبة بأول فقرةٍ على صفحتها الأولى ، فبادرت مباشرةً إلى ترجمتها إلى اللغة العربية لمشاركة النص مع أصدقائي في الانستغرام. وهذا كان النص
ما يُميِّز الأدب عن غيره من الفنون ، هذا الفن العظيم الذي جسّد حضارتنا الغربية التي نراها اليوم تذوي أمام أعيننا ، هو ليس بالصعب تحديده
الموسيقى تغمر حواسك بعاطفةٍ مفاجئة : فإمّا حزنٌ مطلق أو نشوةٌ عارمة
وكذلك هو الحال مع الأدب
الرسم يذهلك ويفتح عينيك على رؤية العالم بنظرةٍ نضرةٍ جديدة
وكذلك هو الحال مع الأدب
لكن لا الموسيقى ولا الرسم يملك أحدهما أن يصلك بروحٍ إنسانيةٍ أخرى
وهذا ما يفعله الأدب
الأدب يفتح لك باب التواصل مع روحٍ أخرى بكل ما فيها من ضعفٍ وعظمة، تستكشف بنفسك حدودها وعجزها، هوسها ومعتقداتها ، كل ما يثير عاطفتها فإمّا يسعدها أو يقرفها
الأدب وحده يصلك بروحٍ جسدها واراهُ التراب، يصلك بها برابطٍ هو أكثر اكتمالاً وعمقاً من أيّ رابطٍ ستشعر به في حديثٍ لك مع أعز الأصحاب
Michel Houellebecq
Submission
ترجمت النص والتقطت الصورة للصفحة مع القهوة والوردة والقلم ، لكن وقبل أن أعرضها بحثت عن اسم الكاتب في غوغل، لا لشيء، فقط لأعرف كيف لي أن أكتبَ اسمه باللغة العربية، فلم يسبق لي أن سمعتُ به ولا أود أن أرتكب خطأً يبِّن جهلي السابق به. فلا موقف أسوأ لروائي مبتدئ من أن يكشفَ قارئٌ متمرس جهله بروائيٍ عالمي
ما إن ضغطت علامة البحث حتى أدركت أن الصورة التي التقطتها بعد عشر محاولات وعشر ترتيبات مختلفة لوضع الوردة بين فنجان القهوة والصفحة لن تُعْرض
لن تعرض أبداً
كاتب النص هو الروائي الفرنسي ميشيل ويلبك، ورغم أنه روائي حاصل على جائزة الغونكور الفرنسية إلّا أنه وبذات الوقت من أكثر كُتّاب فرنسا إثارةً للجدل إن بالنسبة لأسلوب كتابته الذي يميل إلى الإغراق في الإباحيّة والسخرية المبتذلة من عناصر الحياة الفرنسية، أو لما هو أسوأ من ذلك بكثير : موقفه المعلن المناهض للإسلام
فقد أثار الجدل السنة الماضية قبيل نشر روايته الجديدة " الخضوع " ( ذات الرواية التي كنت سأعرض الاقتباس منها! ) وفي تلك الرواية يستشرف ويلبك مستقبلاً يصل فيه الإخوان المسلمون إلى الحكم في فرنسا وتتحول إلى دولة إسلامية تطبق أحكام الشريعة
نص الاقتباس جميل والكاتب بشع
فعلى من نحكم؟
على النص أم على الكاتب؟
بالنسبة لي ، وفي تلك اللحظة ، بنيت قراري في نشر الاقتباس على بشاعة الكاتب لأن ذكر اسمه حتماً سيستفز القارئ متى ما عرف مواقفه ولن يعود النص حينها جميلاً على الإطلاق. فلغيت الصورة
لكن وبذات الوقت تساءلت
ألم نقرأ لمدمني مخدرات ، لمدمني كحول ، مدمني قمار ، لفلاسفة ملحدين ، لشعراء منتحرين؟
(التساؤل أعلاه مبني على قائمة الكتب التي قرأتها في حياتي إذ معظمها تعود لكتاب ينتمون إلى الفئات المذكورة )
فأين هو الحد الذي يقف فيه تأثير شخص الكاتب وهويته على حكم القارئ؟
لا أدري! لكن ما أنا متيقنة منه أن كل قارئٍ في العالم له سقف عالٍ يسمح فيه للكاتب ما لا يسمح لغيره، شرط أن لا يتجاوزه
و ويلبك قد تجاوزه
The Paris Rivew
وجدت نفسي معجبة بأول فقرةٍ على صفحتها الأولى ، فبادرت مباشرةً إلى ترجمتها إلى اللغة العربية لمشاركة النص مع أصدقائي في الانستغرام. وهذا كان النص
ما يُميِّز الأدب عن غيره من الفنون ، هذا الفن العظيم الذي جسّد حضارتنا الغربية التي نراها اليوم تذوي أمام أعيننا ، هو ليس بالصعب تحديده
الموسيقى تغمر حواسك بعاطفةٍ مفاجئة : فإمّا حزنٌ مطلق أو نشوةٌ عارمة
وكذلك هو الحال مع الأدب
الرسم يذهلك ويفتح عينيك على رؤية العالم بنظرةٍ نضرةٍ جديدة
وكذلك هو الحال مع الأدب
لكن لا الموسيقى ولا الرسم يملك أحدهما أن يصلك بروحٍ إنسانيةٍ أخرى
وهذا ما يفعله الأدب
الأدب يفتح لك باب التواصل مع روحٍ أخرى بكل ما فيها من ضعفٍ وعظمة، تستكشف بنفسك حدودها وعجزها، هوسها ومعتقداتها ، كل ما يثير عاطفتها فإمّا يسعدها أو يقرفها
الأدب وحده يصلك بروحٍ جسدها واراهُ التراب، يصلك بها برابطٍ هو أكثر اكتمالاً وعمقاً من أيّ رابطٍ ستشعر به في حديثٍ لك مع أعز الأصحاب
Michel Houellebecq
Submission
ترجمت النص والتقطت الصورة للصفحة مع القهوة والوردة والقلم ، لكن وقبل أن أعرضها بحثت عن اسم الكاتب في غوغل، لا لشيء، فقط لأعرف كيف لي أن أكتبَ اسمه باللغة العربية، فلم يسبق لي أن سمعتُ به ولا أود أن أرتكب خطأً يبِّن جهلي السابق به. فلا موقف أسوأ لروائي مبتدئ من أن يكشفَ قارئٌ متمرس جهله بروائيٍ عالمي
ما إن ضغطت علامة البحث حتى أدركت أن الصورة التي التقطتها بعد عشر محاولات وعشر ترتيبات مختلفة لوضع الوردة بين فنجان القهوة والصفحة لن تُعْرض
لن تعرض أبداً
كاتب النص هو الروائي الفرنسي ميشيل ويلبك، ورغم أنه روائي حاصل على جائزة الغونكور الفرنسية إلّا أنه وبذات الوقت من أكثر كُتّاب فرنسا إثارةً للجدل إن بالنسبة لأسلوب كتابته الذي يميل إلى الإغراق في الإباحيّة والسخرية المبتذلة من عناصر الحياة الفرنسية، أو لما هو أسوأ من ذلك بكثير : موقفه المعلن المناهض للإسلام
فقد أثار الجدل السنة الماضية قبيل نشر روايته الجديدة " الخضوع " ( ذات الرواية التي كنت سأعرض الاقتباس منها! ) وفي تلك الرواية يستشرف ويلبك مستقبلاً يصل فيه الإخوان المسلمون إلى الحكم في فرنسا وتتحول إلى دولة إسلامية تطبق أحكام الشريعة
نص الاقتباس جميل والكاتب بشع
فعلى من نحكم؟
على النص أم على الكاتب؟
بالنسبة لي ، وفي تلك اللحظة ، بنيت قراري في نشر الاقتباس على بشاعة الكاتب لأن ذكر اسمه حتماً سيستفز القارئ متى ما عرف مواقفه ولن يعود النص حينها جميلاً على الإطلاق. فلغيت الصورة
لكن وبذات الوقت تساءلت
ألم نقرأ لمدمني مخدرات ، لمدمني كحول ، مدمني قمار ، لفلاسفة ملحدين ، لشعراء منتحرين؟
(التساؤل أعلاه مبني على قائمة الكتب التي قرأتها في حياتي إذ معظمها تعود لكتاب ينتمون إلى الفئات المذكورة )
فأين هو الحد الذي يقف فيه تأثير شخص الكاتب وهويته على حكم القارئ؟
لا أدري! لكن ما أنا متيقنة منه أن كل قارئٍ في العالم له سقف عالٍ يسمح فيه للكاتب ما لا يسمح لغيره، شرط أن لا يتجاوزه
و ويلبك قد تجاوزه
Published on August 02, 2015 09:14
No comments have been added yet.


