لماذا فشل تطوير التعليم!؟


لا يحتاج الكلام عن أهمية تطوير التعليم سوى أن نردد ما يقال في أي مؤتمر أو بحث أو مواد منشورة في الإعلام. لا يوجد من هو ضد فكرة تطوير التعليم كمبدأ.. لكن وجهات النظر في تحديد نوعية التطوير الأفضل من أكثر القضايا تعقيدا عند خبراء تطوير التعليم في العالم، وليست كما يتوهم البعض بأنها مجرد خلاف بين محافظ وبين منفتح. الوجه الآخر من المشكلة أن نقد تعليمنا وتخلفه مهارة أصبح يجيدها حتى الطالب الكسول منذ مرحلته الابتدائية، فيدعي أنه لم يتح له ما يتاح للطالب الياباني أو الأوروبي، لتبرز مواهبه.. فتنمو هذه المهارة النقدية عند الكسالى، والمجتمع وتجد أثرها في المقالات والتعليقات كفكرة واحدة تتحدث عن التلقين والحفظ، وأنه لم يتح لهؤلاء العباقرة الفهم!




لا يحتاج الكلام عن أهمية تطوير التعليم سوى أن نردد ما يقال في أي مؤتمر أو بحث أو مواد منشورة في الإعلام. لا يوجد من هو ضد فكرة تطوير التعليم كمبدأ.. لكن وجهات النظر في تحديد نوعية التطوير الأفضل من أكثر القضايا تعقيدا عند خبراء تطوير التعليم في العالم، وليست كما يتوهم البعض بأنها مجرد خلاف بين محافظ وبين منفتح. الوجه الآخر من المشكلة أن نقد تعليمنا وتخلفه مهارة أصبح يجيدها حتى الطالب الكسول منذ مرحلته الابتدائية، فيدعي أنه لم يتح له ما يتاح للطالب الياباني أو الأوروبي، لتبرز مواهبه.. فتنمو هذه المهارة النقدية عند الكسالى، والمجتمع وتجد أثرها في المقالات والتعليقات كفكرة واحدة تتحدث عن التلقين والحفظ، وأنه لم يتح لهؤلاء العباقرة الفهم!

من متابعة مشكلة تطوير التعليم في السعودية في أكثر من مرحلة، من الخطأ الحديث عن التطوير وكأنه تجربة جديدة. يجب أن نعيد النظر أولا في تجارب التطوير الماضية الفاشلة، ومن المسؤول، ولماذا فشل في تطبيقها!؟ حتى لا يتكرر الفشل، فهل الخطأ في تطبيقها أم في فكرتها أم عدم تصورها للبيئة التعليمية أم في الوزارة التي طبقت خططا وأفكارا بدون أن تقوم بمناقشة أفكارها علانية وعرضها على أهل الخبرة وأخذ رأيهم. مشكلة إخفاق أي تجربة جديدة في التعليم أنها لا تظهر إلا بعد أكثر من عقد، وهنا خطورة وحساسية فكرة التطوير. وبعدها قد نجد أنفسنا أمام كارثة عميقة. فأقوى مراحل تراجع التعليم في مجتمعنا كانت في العقدين اللذين كثر الحديث فيهما عن أهمية تطوير التعليم. وقد بدأت فعلا محاولات التغيير.. وما زالت مستمرة، وللأسف منذ التسعينات لم تكن الكثير من هذه المحاولات التجديدية موفقة. والآن نواجه تراجعات كثيرة في التعليم العام، والعالي..أما التعليم التقني فقصة فشل كبرى لم يلتفت إليها حتى الآن.

في هذه الفترة نعيش مرحلة تصحيح لأخطاء كبيرة تبين أثرها السلبي على مستوى التحصيل بعد أكثر من عقد ونصف، عندما جاءت فكرة إلغاء الامتحانات النهائية، لصالح التقييم المستمر لسنوات طويلة، وسوقت بأنها طريقة متقدمة في تقييم المستوى التحصيلي للطالب، البدعة الأخرى التي أصبحت من معالم مرحلة العقدين الماضيين.. هي اختفاء حالات الرسوب، وأصبحت الوزارة تفاخر بمعدلات النجاح العالية، وأصبح معدلات أكثر الطلاب بين الممتاز والجيد جدا في أغلب المراحل منذ المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، ولم تعد هذه المعدلات تدل على أي شيء أو على تفوق يتميز بين طالب وآخر.. بقدر ما تدل على فشل التعليم.

كانت أحد مظاهر التغيير في تطوير التعليم منذ التسعينات هي كثرة المواد والكتب فوصلت المواد في بعض المراحل لأرقام كبيرة، وكانت سببا للتشتت الذهني واضطرار المعلمين لعدم الاهتمام بجزء كبير منها، فأصبحت هناك قائمة للمواد التي وجودها كعدمها.. وأصبح الطلاب لديهم حاسة وخبرة للتفريق بين مواد تمشية الحال والمواد المهمة. وزيادة المواد جاءت مع تطور الطباعة وتجارتها.. فكرة تعدد الكتب فأصبح لأغلب المقررات كتابان أو ثلاثة.. حتى وصلت العدوى للمقررات النظرية.. فأصبحت مشتتة للفهم، وكثيرا ما يتعرض أحدهما للإهمال والتركيز على واحد منهما.

في التسعينات جاءت مشروعات الحاسب الآلي وأخذت من أولياء الأمور رسوم حينها، ولم يظهر لها أثر، وبدأت مشكلة أن الحاسب نفسه يتطور بأسرع من تطور الاهتمام بهذا الجانب، وبعد أن أصبحت التقنية جزءا من واقع العصر لكل طبقات المجتمع، لم يعد هناك حاجة للافتخار بأي وجود لها. إلا من يريد أن يفتخر بوجود السبورة والطباشير في السابق.

هناك تطورات في العالم حدثت ليس لك فخر فيها، خاصة في قضية الوسائل التقنية والبرمجيات، وأصبحت متاحة بدون ميزانيات باهظة، ولم يعد الحاسب الآلي بكل استعمالاته بالعملية التعليمية والإدارات الحكومية.. في كافة المستويات مصدر فخر. وقبل أيام أقيم في مدينة الرياض المؤتمر الدولي الرابع للتعلم الالكتروني والتعلم عن بعد، والتحول نحو التعليم الالكتروني أصبح خيارا استراتيجيا في مختلف المؤسسات التعليمية في الكثير من دول العالم، وأصبح تطور المحتوى الرقمي التعليمي جزءا من تطورات العصر. جميع هذه الجهود المهمة ليست هي التطوير المفترض لمواكبة العصر.. في جودة التعليم والتحصيل، فهذه الأدوات هي مجرد امتدادات لتطور اللوح الخشبي والسبورة والطباشير وعصر الورق.. لكنها ليست هي التعليم ذاته الذي يخلق الإبداع ويزيد الإنتاجية.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 07, 2015 02:22
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.