في الخلط بين مشكلات الوزارة والوزير
يخرج وزير ويأتي آخر، وتبقى كل وزارة بهمومها ومشكلاتها التنموية التي تتراكم مع الزمن. الخلط بين دور الوزير وماذا يمكن أن يفعله في عملية التغيير، والحدود التي يمكن له التطوير فيها واتخاذ قرارات خاصة بها، وبين الوزارة وطبيعة مشكلاتها.. قلل الاستفادة من تراكم الكتابات حول هموم الوزارت مع قدوم كل مسؤول جديد. تفقد النصائح فعاليتها، لأن كثيرا من الرسائل التي تقدم عبر كتابات صحفية تخاطب هذا المسؤول أو ذاك لا تدرك طبيعة الشكوى، وهل هي من صلاحيات المسؤول أم هي أعلى منه، ودوره الذي يمكن القيام به، ولماذا عجز المسؤول الذي قبله.
يخرج وزير ويأتي آخر، وتبقى كل وزارة بهمومها ومشكلاتها التنموية التي تتراكم مع الزمن. الخلط بين دور الوزير وماذا يمكن أن يفعله في عملية التغيير، والحدود التي يمكن له التطوير فيها واتخاذ قرارات خاصة بها، وبين الوزارة وطبيعة مشكلاتها.. قلل الاستفادة من تراكم الكتابات حول هموم الوزارت مع قدوم كل مسؤول جديد. تفقد النصائح فعاليتها، لأن كثيرا من الرسائل التي تقدم عبر كتابات صحفية تخاطب هذا المسؤول أو ذاك لا تدرك طبيعة الشكوى، وهل هي من صلاحيات المسؤول أم هي أعلى منه، ودوره الذي يمكن القيام به، ولماذا عجز المسؤول الذي قبله.
بناء خبرات في الوعي العام ليصل إلى صاحب القرار بحاجة إلى نوعية أفضل في المطالبات خاصة في الصحافة ومواقع التواصل، ولهذا عندما تجمع بعض الملفات الصحفية حول موضوعات ومشكلات معينة، ستجد أن الإشكاليات تعرض حتى من كتاب وصحفيين مخضرمين بصورة إنشائية، دون متابعة للمشكلة وتطوراتها، والإضافة الفعلية في وصف المشكلة أو تقديم الحلول. في هذه المرحلة من تطورات العصر يبدو لي أن نصف المشكلات التي كانت تعرضها الصحافة بالكاريكاتير الساخر والمقالات في عقود مضت عن الموظفين والتسيب والإهمال حلتها تقنية الاتصال.. فلم يعد الموظف غير الموجود على مكتبه مشكلة كبيرة مثلا.. وقد كانت تأخذ حيزا في أفكار رسومات الكاريكاتير، فالموظف عندما يغيب عن الأنظار حتى داخل مبنى الوزارة لأي سبب يصعب الحصول عليه قبل تقنية الاتصالات، في المقابل الآن يمكن أن يتصل عليه أحد زملائه وهو في سيارته أو في إجازة ويستفسر عن الموضوع.
هناك أعمال ضخمة بيروقراطية انتهت مع الزمن بسبب التطور التقني في عالم اليوم، وهي غالبا تتعلق بالشكليات، ولهذا حتى فكرة نزول المسؤول إلى الميدان والتصوير والتظاهر بالمتابعة لم يعد لها قيمة عملية وجدوى كما كان يتصور الوزراء والمسؤولون في السابق، فطريقة المتابعة للعمل تغيرت سواء كان نزوله مفاجأة أو بالتخطيط له، فقياس إنتاجية الموظف ومتابعتها، وتسيير أمور المواطنين بحاجة إلى أعمال أخرى.
الاهتمام بالإعلام وتغطياته لا يفيد طالما حقيقة العمل لم تتغير! ولهذا هناك نماذج أكثر من تجربة وزارية قديمة وقريبة تؤكد أن الاهتمام بالإعلام لم يغير من حقيقة تقييم أداء هذا المسؤول أو ذاك. فسهولة الدخول على الوزير ومقابلته مهمة في الأعمال التي من صلاحية الوزير، ووفق الأنظمة لمعالجتها والبت فيها.. لكنها ليست جيدة في إضاعة الأوقات في استقبال الباحثين عن وساطات تضر بمسألة تكافؤ الفرص. وجزء كبير من ثقافة المجتمع القديمة تفهم سهولة الدخول على الوزير هو الضغط عليه لقبول وساطة لفلان، أو تقوية العلاقات العامة.
هناك خلط سائد أيضا بين مشكلات الوزير والمسؤول مع موظفيه، وهمومهم الوظيفية وبين هموم الوطن والمواطن وما يجب عليه تجاهه في مجال التنمية، وأحيانا يحدث تصادم بين الموظفين والمسؤول حول قضايا معينة، يتبنى الوزير فكرة معينة في العمل، ويرى الموظف التابع لوزارته فكرة أخرى وطريقة أخرى. وللأسف أغلب الموظفين وشكاواهم يخلط بين مشكلاتهم الخاصة، وبين مشكلات المجتمع ودور الوزير الذي كان مسؤولا معهم. لهذا عندما سألت في مرات عدة بعض الموظفين في جهات حكومية عن وزيرهم، لاحظت أن المديح أو الشكوى يخرج وفقا لموقف الوزير منهم، وأسلوبه الإداري فلا يستطيع هؤلاء التمييز بين المجالين. فنفقد قيمة شهادة هؤلاء العاملين تحت مظلة وزراء ومسؤولين.
ليس بالضرورة عندما يكون الوزير قويا ضد موظفيه أن يكون منجزا وأفاد الوطن أو العكس، فلكل قضية حكمها الخاص، وللأسف أحيانا تختلط على أفراد من المجتمع بعض المواقف الأيديولوجية بالإدارية بقضية مصلحة الوطن والتنمية، ولهذا لفت نظري قبل أيام في إطار الفرح الذي حدث عند البعض بإقالة مسؤولين.. وهو فرح يحدث في حالات وأسباب كثيرة. السبب الأيديولوجي عند فئة وتيار يجب أن لا يكون صك براءة في كفاءة ذلك المسؤول إداريا. هذا الفرح يبدو لافتا عندما يعبر عنه العاملين في الجهة الحكومية نفسها، وقد استحضر البعض في مواقع التواصل كلام القصيبي بعد رحيله عن وزارة الصحة وقوله «بعد إعفائي من وزارة الصحة، كانت هناك احتفالات في المستشفيات، احتفل الأطباء والممرضون، وليس المرضى»، وهو في سياق توضيح قيمة ما عمله. والواقع أن فرح الموظفين عادة لا علاقة له بموقف أيديولوجي ولا إداري هو شعور موظف تلقائي يتكرر لأسباب خاصة فيه، ولا يؤخذ كدليل على نجاح أو فشل. فتقييم أداء الوزير.. يتحدد من خلال عدة معطيات مهمة، آخرها حديث الوزير عن نفسه وتجربته.
عبد العزيز الخضر's Blog
- عبد العزيز الخضر's profile
- 44 followers
