Error Pop-Up - Close Button Sorry, you must be a member of this group to do that.

صناعة.. القابلية للاستفزاز


يتغير شكل التطرف بين مرحلة وأخرى، ويظهر بملامح جديدة وأزمات ذهنية وحضارية لكل جيل. تبدو الصورة الآن مشوشة بين عدة خطابات وأجندات تريد أن تنمطه في إطار مصالحها وأولوياتها.




يتغير شكل التطرف بين مرحلة وأخرى، ويظهر بملامح جديدة وأزمات ذهنية وحضارية لكل جيل. تبدو الصورة الآن مشوشة بين عدة خطابات وأجندات تريد أن تنمطه في إطار مصالحها وأولوياتها. إذا كنا جادين ونملك روح المسؤولية في معالجة التطرف فيجب أن نميز بين دور كل جهة وفئة. بالنسبة للمثقفين وعلماء الشريعة والإعلاميين والدعاة والمرشدين والآباء، ولكل من يملك أداة توجيه لشريحة في المجتمع، من أكبر الأخطاء أن يربطوا خطابهم من أجل الاعتدال واللا عنف بأسباب خارجية. إن شحن الوعي العام بالأسباب الخارجية وتكرارها مربك للتصورات، وسيكون على حساب بناء ذهنية معتدلة، تتحكم في ردات فعلها .. مهما كانت استفزازات الآخر وتطرفه وعنفه.

يجب على الفئة الموجهة للوعي العام عبر عدة منابر .. ألا تنتظر من أنظمة ودول كبرى تستفيد من الإرهاب وتوظفه لمصالحها أن تكون حكيمة في معالجة الأسباب، وأن تفرط في أمر تستفيد منه. ثقافة الاعتدال وروحها لن تنتشرا في مجتمعاتنا.. إذا ربطتا بتصرفات جهات عالمية وإقليمية تستفيد من التطرف والإرهاب. إن اجتثاث التطرف والإرهاب من جذوره يبدأ في بناء الذات بغض النظر عن سلوك الآخرين والأنظمة. بناء خطاب اللا عنف.. يجب ألا يسمح بأن تشوش الأسباب الخارجية على صناعة الفكر المعتدل، لأن تكرارها مع كل حدث يتحول في الوعي الشعبي إلى مبرر لهذه الذهنية بمشروعية ردات فعلها وتتوهم أخلاقيته.

إذا أردنا تقديم تحليلات سياسية، تنتقد سياسات الأنظمة والدول الكبرى وسلوك الجماعات والخطاب الإعلامي فهذا متاح في أوقات كثيرة.. ولست هنا ضد هذا الطرح، لكن أن يتزامن ويربط بالحديث عن العنف والتطرف فإنه تاريخيا لم يردع تلك الأنظمة والدول والجماعات المستفيدة من ذلك. ليست القضية التشكيك في نيات من يطرحون مثل هذا بأنهم مع الإرهاب ويتخفون .. عبر الأسئلة التقليدية عند كل حدث أين العالم من إرهاب ذلك النظام أو تلك الدولة، أو هذا الخطاب الإعلامي. إن هذا التزامن المستمر .. هو أكثر ما يخدم خطاب التطرف، ولللأسف هذا النوع من الكتابات يغري الكثيرين، لأنه جذاب للجمهور، ويظهر أكثر نضالية .. لهذا يزداد معدل الاحتفاء به.. وإرساله للآخرين، فهذا معيار المقالات القوية لديهم .. والمعبرة عن ضمير الأمة.

ليست المهارة أن نعدد استفزازات الآخرين وسلوكيات أنظمة ودول هي تتعمده وتعرف نتائجه، وفي الوقت نفسه نظن أن هذا الخطاب يعالج الإرهاب. إن هذا النوع هو أكثر ما ينفخ في ذهنية التطرف ويشعرها بمبررات عملها، وبأن ردة فعلها للدفاع عن قضايا الأمة، ولهذا يتم تداولها بكثرة. خطابنا لمعالجة التطرف في ذهنية الجيل الجديد يجب أن يكون معزولا عن تصرفات الآخرين، وأن يكون التحكم في ردات الفعل، وعدم القابلية للاستفزاز، وعدم السماح للآخرين بمعارك تخدمهم، نابعة من الذات وتربية شخصية، وأن يؤمن بعمق بأن خيار العنف فاشل.

وعلى الخطاب الإسلامي بالذات إذا أراد التحصين من أن يكون داعما للعنف هو التخلص من هذه اللغة التي تصنع القابلية للاستفزاز، عبر الخطابات الموجهة للشرق والغرب.. وفي الواقع لا يستقبلها إلا الصغار ومحدودو الوعي والعامة في المسجد أو عبر أدوات التواصل الخاصة بهم. واللافت أن السيرة النبوية مليئة بالخطاب والحوادث التي تبني القدرة على التحكم في ردات الفعل، وألا يكون الأعداء مؤثرين على سلوكياتك.. بحجة أنه فعل كذا وقال كذا، لأن القيم الأخلاقية وجدوى كل عمل مستقلة عن استفزازات الآخر.

عمليا لا يمكن إزالة كل أسباب التطرف والإرهاب والاستفزاز الخارجي، ولو أزيل بعضها فسيبقى الكثير منها، وحتى لو لم توجد الأسباب الحالية، ستجد الشخصية المنحرفة في تطرفها أسبابها ومبرراتها. إن الاستقلال بحل مشكلات التطرف والعنف.. هو بعدم ربطه بسلوكيات الآخرين والغرب. واقعيا التطرف الذي يتحول إلى عنف وإرهاب مكلف جدا، فلا يلتحق به إلا نوعية من الأشخاص لظروف خاصة بهم، لكن الحاضنة الذهنية هي أن تنتشر مثل هذه اللغة السياسية الممتزجة بالخطاب الفكري والديني.. وتصبح هي السائدة في الأحاديث الجانبية، ويضطر الآخرون لمجاملته خوفا من الاتهام بأنهم يقفون مع الغرب والأعداء.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 17, 2015 11:57
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.