تباديل وتوافيق
نعم يا معاوية،هذا الوطن يحتاج إلى مزيد من الجنون،حتى يعقل.*****أحلمُ بدولة يحكمها قانون مثل قانون المرور،يعاقب فيه المنتهك لخطوطه المرسومة بـ:الغرامات، والسجن، وقليل من الموت.أعرفُ أن الموت، في هذه الحالة، قد لا يكون من نصيب المنتهك،لكنّ الموت سيأتي للجميع لا محالة.وإذاً،قليل من التضحيات واجبة حتى نستقيم.*****لا تبدو الورود رمزاً مناسبا للحب،لأن مهديَتها تقول أنّ حبّها قويٌ ودائم،والورد ليس قوياً ويذبل بعد يوم من قطفه،مع هذا، ليست الورود الاصطناعية حلاً.شخصياً أُفضِّلُ شيئاً آكلُه،لأن أبي كان يقول بامتعاض حين يراني أبذر مالي: "لا أكلة ولا شربة"،ثم، إن أقصر درب إلى قلبه معدته.*****عمارة مقشوعة وعمارة مرفوعة،هكذا تتقصف أعمارنا!*****كوب قهوة ممتلئ هو ما أحتاجه،أو قوطي ديو مفتوح مخضر حتى آخره،حتى يستقيم المعوج وينبض الراكد:ما أبسط المتع!*****كل شيء في حياتي ينتهي بهذه اللحظة،حتى "هذه اللحظة" تنتهي بهذه اللحظة!*****كل مرة أشاهد فيها نفسي في المرآة أتوقع أن أحدا آخر يراني:ليست هذه دعوة للإيمان بل دعوة للجحود؛فلو أن أحدا آخر موجود غيري لكان خلفي،وآنذاك فلا ضير;فالذي ينعكس على سطح المرآة هو الموجود،أما ما لا ينعكس فأغمره بوجودي!*****آخر مرة قابلت فيها مثقفا عمانيا،أخبرني أنه خرج من البلد في سن صغيرة،قبل أن يخرج مثقفٌ عمانيٌّ آخر في سن أكبر.السؤال الآن:والمولود خارج عمان؟صديق قال لي أن أباه خرج من البلد قبل المُثقَّفيْن المذكوريْن آنفاً،ليعمل حارساً في البحرين;السؤال الآن:هل أبوه أكثر ثقافة من المثقفيْن المذكوريْن آنفاً،مع العلم أنه خرج في سن أصغر؟*****آخر مرة شاهدتُ فيها ممثلاً عمانيا كان يتكلم على الهاتف بصوت مرتفع،فلم انتبه له حتى رنَّ هاتفه!*****آخر مرة قابلتُ فيها وزيراً كان في مستشفى الجامعة:سألني بلطف إن كان بإمكانه أن يستخدم الهاتف الموضوع على طاولة الاستقبال،ولما أن قلتُ له: بالتأكيد،وتنحيتُ قليلا،وشوشَ لي أحدُ الثلاثة الذين كانوا خلفه، وكان قد فطن أنني تعاملت مع الوزير بطريقة عادية،ولكأنني لا أعرفه:"إنه الوزير".حينها شعرت بالندم من أنني لم أقل له: لا،لأنني سأكون حينها قد ساهمت، ولو بجزء ضئيل، في خدمة هذا الوطن.*****نعم يا معاوية،أتفق معك أن الأغنية مُلغِزة:فهل حبُّ الوطن "دومه اختياري" أم أنه "دومه اختياري"؟العارفون سيبتسمون فهم يعرفون أن المقصود من السياق،أنه "دوم اختياري"،والآخرون العارفون سيبتسمون أيضا فهم يعرفون من السياق أيضا,أنه "دوم اختياري".يجب أن نتفق أنه،ربما،تكون الأغنية حمّالةَ أوجه.*****لما أن كنتُ صغيراً كان لدي كتاب واحد أقرؤه،والآن لدي ألف كتاب أقرؤها.المغزى:لا يفقد كل شيءٍ قيمته بالكثرة،والحياة لا توفر دوماً تناقضاتٍ طريفة.*****تبهرني دائما المقولات الشائعة الجاهزة:"الاستثناء يؤكد القاعدة "،لو هي قاعدة حقا لماذا تحتاج إلى تأكيد؟." بين العبقرية والجنون شعرة"،من قام بالقياس؟." خير جليس في الزمان كتاب"،ماذا عن " أعز مكان في الدنا سرج سابح"؟*****كل مرة يقول أحدهم لك أنه لا يقصد،فهناك احتمال كبير أنه يقصد!*****لماذا الرجل عادة يكون أطول عن المرأة ؟لكي يرى العابرات خلفها.لماذا ليس كل الرجال طويلين إذا؟لأنه ليس كل الرجال رجال!*****حين ينتصب عضو الرجل يصبح رأسـ(ه) أكثر تقدما من أنفه،طبعا هناك استثناءات تؤكد هذه القاعدة:۱- الرجال قصيري العضو،۲- الرجال طويلي الأنف،۳- الرجال متضخمي الكرش،٤- الرجال طويلي الأرجل،٥- الرجال الذين حين ينتصبون يُقدِّمون رؤوسهم للأمام،٦- الرجال الذين حين ينتصبون يُرجِعون أسافل ظهورهم للوراء،۷- الرجال الذين يتساوى انتصابهم مع أنوفهم،هؤلاء، الأخيرون، هم الذين حبتهم الطبيعة بالاعتدال.*****كل مرة أجدُ على الزجاج الأماميِّ لسيارتي ورقةَ إعلانات،موضوعة تحت ماسح الزجاج،أرمي بالورقة غاضباً،حتى أُغرِي بلدية مسقط بالانتقام لي!*****كل مرة يقول لي مرضاي شيئا أتبيّنُ من خلاله تدهورَ أخلاق الناس،أغتبطُ لإني، كطبيبٍ نفسيٍّ، أكونُ أول المشاهدين للحدث،لكنني أتذكرُ حينها المرةَ الوحيدة التي جلستُ فيها في محكمة،الجالس هناك هو حقا الفائز بالسبق،على الأقل فالأوّلون مرضى.بالطبع، لا يعني هذا أن المحامي أو القاضي أو المتهم خيرٌ من الطبيب النفسي.*****كل مرة ترى فيها، أو ترين،طفلا، أو طفلة،في مجمع تجاري مبتسما أو مبتسمة،اغمضْ عينيكَ أو اغمضي عينيكِ،وتذكري أو تذكرْشقاوته أو شقاوتها في بيتها أو في بيتهعند والديه أو والديها.عينةُ رؤيتكَ له أو لهاأو رؤيتكِ لها أو لهليست عينةً احصائيةً جيدة،وأيضاً المساواة بين الذكر والأنثى متعبة.*****أحببتُ محمد عبده حين كان صديقٌ لي يحبه ويقول هو جيد،ثم أحببت علي بحر حين أحببتُ فتاةً تحب سماعه،ثم أحببتُ أم كلثوم حين أحببتُ فتاةً ثانية تحبها،ثم أحببتُ عبدالحليم حين تعرّفتُ على صديقٍ ثانٍ يحبه،ثم أحببتُ راشد الماجد حين تعرّفتُ على فتاة ثالثة تحبه،هذه الأيام لا أحب أحدا. لماذا؟الاختيارات:۱- لأني لا أعرف فتاة في الوقت الحالي ولا صديق۲- لأن الفتاة الرابعة التي أحبها شديدة التدين نوعا ما، ولا تحب سماع الأغاني والصديق الثالث غير مهتم بالأغاني،۳-لأني لم أعد أتأثر بالآخرين،٤- لا شيء مما ذكر!*****يعجبني أحيانا أن أمارس الخبث المفتعل،فحين يتكلم صديقٌ، بحبٍ، عن فيروز، أقول:إنها ظاهرة رحبانية.وحين يتكلم صديقٌ آخر عن عبدالحليم، أقول:لكنّه هاوٍ أمام أم كلثوم،وعن يوسا أقول:لكنّ ماركيز ساحر،وعن ماركيز،لكنّ بورخيس حقيقي،وعن محمود درويش.. أدونيس مجدد،وتولستوي.. ديستويفسكي حي،وسارتر.. هيدجر الأصل،وهكذا، حتى أفقد كل أصدقائي!*****أحببتُ مرة فتاةً ثم تباعدتْ دربانا،وحين رأيتُها صدفةً بعد ستة أشهر،كنتُ قد نسيتُ اسمها!*****وراء زخرفات الجدار اسمنت وحديد،وراء الطبقة الجلدية الشهية للمرأة..شحوم وأوعية دموية وألياف،وراء صور الناس معادن خبيثة.لماذا تُصرُّ إذاً أن تكونَ حافراً وجراحاً ومُنقِّباً؟*****لا شعر في رأسي،وأسناني تؤلمني بين حين وآخر،وقد خلعتُ ضرسين حتى تاريخه،وأصابُ بحساسية تطفح من جلدي بثوراً،ويثقلني وجعُ ظهرٍ مزمن،ويقطرُ بعضُ أسفلي دمُ بواسير،وأصابُ بآلامٍ في مفاصلي،وتحرقني معدتي،وقد بدأتْ عيني اليسرى ترفُّ،وتنتابني كآبة دورية تأكلني من داخلي:مع العلم أني لم أتخطَّ عتبةَ الأربعين بعدُ.هل أنا في "أحسن تقويم"؟*****حين انتقلتُ إلى شقتي الجديدة،قبل أربع سنوات،جئتُ بثلاجة ومكيفين وبضع كنبات وخزانة ملابس..ورفوف كتب وسرير متوسط الحجم.ثم جاء التلفزيون والطاولة وكرسي الطاولة.واقترحَ أحدُهم سجاداً.وجاء أحدُهم بميكروويف ثم إبريق كهربائي لتسخين الماء،وأكواب وصحون وأوانٍ.ثم أحضر عاملُ التنظيف مماسح ومطهرات،وورق حمامات وورق تنشيف.وأحضرتُ بدوري فوطاً وصابوناً ومُلطِّفا وأمواس حلاقة..وشامبو من نوعين،وجيئ بعطورٍ وورود ودببة وبطاقات حب.ثم اشتريتُ هاتفا وحاسوبا محمولا ومودما وآي باد،وفلاشا وهارد ديسك وهارد ديسك آخر لتشغيل الأفلام،وماكينة ركض.ثم أُهدِيتُ نعالات جديدة ودشاديش ومشغّل اسطوانات،وحامل ملابس ومصباح قراءة وغيارات للسرير.الآن,أقضي وقتي كله،في المقاهي،هارباً من الأشياء!
Published on November 04, 2010 22:13
No comments have been added yet.
حسين العبري's Blog
- حسين العبري's profile
- 32 followers
حسين العبري isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.
