نظام حماية الطفل وحقوق الطفل 2
نظام حماية الطفل وحقوق الطفل 2 عبدالله المطيري أحالت المادة الأولى من نظام حماية الطفل الصادر مؤخرا على ما قررته الشريعة الاسلامية وعلى الاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها السعودية أو ستوافق عليها في المستقبل كمرجعية للنظام. هذا التأكيد أو هذه الإحالة يفترض أنها إحالة للمصدر الذي يمكن أن يجيب على السؤال الأول والجوهري: ما هي حقوق الطفل؟ جزء كبير من الإشكال هنا أن الإحالة في المادة النظام لا تجيب بدقة على هذا السؤال. بمعنى أن عبارة "ما قررته الشريعة الاسلامية" ليست واضحة بالمعنى القانوني لتحسم الإشكال. كذلك الاتفاقيات الدولية وكما معتاد محكومة ومحدودة بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية. هذا الوضع يحيلنا إلى المربع الأول وهو عدم وجود منظومة واضحة ومحددة بصيغة قانونية تجيب على السؤال الأساسي: ما هي حقوق الطفل؟ لكن يبدو أن هذا السؤال لم يكن أصلا موضوع تشريع هذا النظام بقدر ما كان الموضوع توفير غطاء قانوني لحماية الأطفال من عدد محدد من المخالفات التي تم حسم الأمر بشأنها ويبدو أن المشرّع يراهن على القبول العام لها من أغلب فئات المجتمع. أمثلة على هذه المخالفات تشمل: أولا: الإساءات (الجسدية، النفسية، الجنسية). هذه الفقرة تحيل إلى حق أولي من حقوق الطفل وهو حمايته من العنف بصوره المختلفة. هذا القانون سيواجه ثقافة محلية لا تزال في حدود كبيرة وبمرجعيات دينية تقبل العنف الجسدي (الضرب) والنفسي (الإهانة اللفظية) كأسلوب من أساليب التربية. هذا السلوك موجود داخل الأسر وفي المدارس. المدارس رغم المنع القانوني للضرب إلا أنها عامرة بثقافة متسامحة مع العنف تجاه الأطفال. في أحيان كثيرة يحتكر مدير المدرسة أو الوكيل حق الضرب بغرض ضمان عدم حدوث إصابات كبيرة تستوجب تدخل طبي يفتح على المدرسة إشكالات قانونية. هذه الثقافة عميقة جدا وتحتاج عمل مكثف لماوجهتها وحماية الأطفال من العنف المباشر وغير المباشر في البيئة التعليمية. لا أعلم كيف سيكون تأثير هذا القانون على البيئة المدرسية التي لا تزال تفتقد لمتخصصين نفسيين واجتماعيين وصحيين ضمن طاقمها. مدارس البنات تعاني برأيي عنف أعمق وأشد بسبب بيئاتها الأكثر محافظة. العنف هنا يأخذ صور مختلفة ولكنها ترتكز على رسم صورة محافظة حادة لجسد المرأة تجبر عليه كل الطالبات. العنف النفسي دارج كطريقة لضبط أجساد الطالبات وفق الصورة النمطية للجسد. ثانيا نص النظام على أنه من المخالفات لقانون حماية الطفل وجود الأطفال في أماكن غير آمنة أو في أماكن قد يتعرض فيها للخطر. هذه المادة أيضا تحيل للبيوت والمدارس باعتبارها الأماكن التي يقضي فيها الأطفال غالب أوقاتهم. من تجربتي الشخصية كثير من المدارس لا ينطبق عليها شرط البيئة الآمنة لعدة أسباب منها: أولا عدم توفر شروط السلامة الأولية من وجود مخارج طوارئ وطفايات الحريق وعدم تدريب العاملين فيها على التعامل مع الحرائق وما شابهها. ثانيا: مقاصف المدارس لا تخضع لرقابة صحية مباشرة متتالية تكفل الجودة الصحية لما يتناوله الأطفال. ثالثا: كثير من المدارس لا يتوفر لها عمال نظافة مما يضطر الإدارة للتعاقد مع عمالة غير نظامية غير مضمونة الاستمرار في العمل. رابعا، ونتيجة للفقرة السابقة المرافق الصحية (دورات المياه) للمدارس خصوصا المخصصة للطلاب غير نظيفة وغير صالحة للاستعمال البشري. خامسا: الأعداد الكبيرة في الصفوف وعدم توفر تكييف بارد في الصيف وحار في الشتاء بشكل جيد يجعل الصفوف الدراسية غير مناسبة للتواجد البشري الصحي. سادسا: المرافق الرياضية في المدرسة (إذا توفرت أصلا) لا تتوافر على شروط الأمان الضرورية للمارسة الرياضة عليها. في مدارس كثيرة عملت بها يلعب الطلاب على أرضية اسمنتية خطيرة خصوصا لألعاب يكثر فيها الوقوع على الأرض ككرة القدم. مدارس البنات حالات أصعب بسبب التشديد المبالغ فيه لإقفال تلك المباني عن العالم الخارجي. الواقع يقول أنه لا يوجد تأهيل متعلق بالأمان للعاملات داخل المدرسة كما أن دخول عناصر من خارج المدرسة لداخلها عملية معقدة وتستغرق وقت طويل وبالتالي فإن احتمالات التعامل السريع والمباشر مع الظروف الصعبة سيكون بطيء وغير فعّال. الحالات السابقة ليست هي الواقع في كل المدارس ولكنها في عدد كبير من المدارس يبرر القلق ويجعل من القانون الجديد أمام مهمة أساسية للعمل مع وزارة التربية والتعليم لإعادة تقييم صلاحية البيئة المدرسية الحالية لأن تكون بيئة آمنة ولا تعرّض الأطفال للخطر. ما أتمناه ويتمناه كثيرون هو أن تتعامل الوزارات المعنية خصوصا الشئون الاجتماعية ووزارة التربية مع النظام لا على أنه عبئ جديد وغير ضروري بل على أنه فرصة قانونية لإحداث تغييرات جوهرية في حيال الأطفال. القانون الجديد يفترض أن يعطي دافع أكبر للدفع بعدد كبير من الإصلاحات التي تستهدف أغلى ما يملك وطن أو شعب أو أي تجمع بشري: أطفاله. القانون سيكون له تطبيقات ربما أكثر حدة في المجالات الأسرية الخاصة وفي المحاكم ولكن له كذلك علاقة بالأفراد حتى لو لم تربطهم علاقة مباشرة بالأطفال. نصت المادة الثالثة والعشرون على أنه على كل من يطلع على حالة إيذاء الإبلاغ للجهات المختصة وتسهيل الإجراءات للطفل للتبليغ عن الإيذاء الذي يقع عليه وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات التبليغ. هذه المادة المهمة تتوجه للحس الأخلاقي عند الناس أن لا يتركوا طفلا يحتاج للمساعدة بدون مساعدة. أن لا يتركوا طفلا يتعرض للتعذيب أو الاستغلال وحيدا بلا عون وبلا رحمة. هذه المادة تلجأ إلى أعمق تفاصيل الضمير الانساني ليتحمل واجبه تجاه الفئة الأقل حيلة وعون ضمن فئات المجتمع قاطبة. هذه العبارة يفترض أن تصطدم بالعبارات المعتادة مثل "أهله وهم أحرار فيه" وتعيد الفرد ليتسائل: ماذا لو كنت أنا هذا الطفل؟ ماذا لو كان هذا الطفل طفلي؟ هل هناك ما يبرر إيذاء طفل؟ http://www.alwatan.com.sa/Articles/De...
Published on November 25, 2014 14:12
No comments have been added yet.
عبد الله المطيري's Blog
- عبد الله المطيري's profile
- 15 followers
عبد الله المطيري isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.

