فيروس الإيبولا سيجتاح العالم رغم كل الإجراءات

فيروس الإيبولا القاتل سيجتاحُ العالم رغم كلّ الإجراءات،
10,000 حالة إصابة جديدة كلّ أسبوع قبل نهاية السنة

تسود حالة من الحيرة والهلع أرجاء العالم هذه الأيام بعدما اتّضح أنّ الفيروس القاتل المعروف باسم فيروس الإيبولا بات يهدّد كلّ أقطار العالم من غير استثناء بعدما ظلّ محصوراً في إفريقيا الغربية منذ السبعينات، يحصد فيها أرواحا في خفاء وصمت.
وها هو الوباء اليوم يفكّ أغلاله، ويشقّ طريقه خارج أدغال أفريقيا وأريافها ومدنها، زاحفا في كل اتجاه يجرّ خلفه الموت والهلع. وتتوالى الأنباء عن مدى انتشاره وحصيلة الضحايا.

يوم الاثنين 6 أكتوبر، إسبانيا تسجّل الحالة الأولى لوباء الإيبولا في إسبانيا وأوربا، فيعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي يوم الجمعة 10 أكتوبر تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع هذا الوضع الجديد.

الأربعاء 8 أكتوبر، السلطات الصحية في ولاية تكساس الأمريكية تعلن عن وفاة أول شخص يتم تشخيص إصابته بفيروس إيبولا داخل الأراضي الأمريكية، ويدعى إريك توماس دونكان.

الخميس 16 أكتوبر، طائرة متوجهة من نيجيريا إلى باريس تضطر إلى تحويل مسارها والهبوط في مطار مدريد بعدما شاهد الطاقم مسافرا يرتعش من الحمى.

وتقول منظمة الصحة العالمية اليوم، في آخر بياناتها، إنّ العدد الإجمالي لحالات الوفاة المسجلة بلغ 4447 حالة، بينما ارتفع عدد المصابين إلى 8914 حالة في إفريقيا الغربية مع نسبة وفيات تقدّر ب 70 بالمائة، تم تسجيلها في كل من ليبيريا، وسيراليون، وغينيا، ونيجيريا، والسنغال. ويُعتقد أنّه تمّ تسجيل حالات إصابة في عدد من الدول الأخرى مثل النرويج.
وتتوقع المنظمة أن يتضاعف العدد إلى نحو 10,000 حالة أسبوعيا قبل نهاية السنة، أي خلال أسابيع قليلة من الآن.

ويسابق العالم الزمن، وتُدقّ أجراس الخطر في كل مكان، وتتعالى أصوات النجدة، وتُغلق مطارات، وتُعلن حالات طوارئ، وتشدّد الرقابة على الحدود، ويُقترح عزل المصابين في مراكز معينة، وتعمّ الدنيا أجواء الذعر والارتباك والفوضى تذكّرنا نوعا ما بتلك الأجواء التي عرفها العالم بعد اكتشاف مرض الإيدز القاتل وما اتّخذ عندئذ من إجراءات للحد من انتشاره دون طائل.
وها هو المغرب المرشح لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم في شهر يناير القادم يطلب تأجيل التصفيات إلى موعد لاحق ويهدد بالانسحاب من احتضان المنافسة في حالة رفض التأجيل، خوفا من انتقال العدوى إلى أبنائه من المناصرين الوافدين من المناطق الموبوءة.
وها هي بريطانيا تشرع اليوم في فحص المسافرين القادمين من المناطق الموبوءة بفيروس إيبولا للكشف عن الإصابات، في صالات الوصول بمطارات هيثرو، وجاتويك، ومحطة القطارات القادمة من أوربا يوروستار، وتعجّل بوضع 4 عيادات مختصّة في علاج مرض الإيبولا في حالة تأهّب لاستقبال المصابين.
وتتكاثف الجهود في الضفّة المقابلة للمحيط الأطلسي في المخابر الأمريكية لابتكار تلقيح يحدّ من انتشار هذا المرض الخطير، ربما اعتمادا على اللقاح التجريبي "سى.إيه.دي.3-أى.بي.أو-زد" الذي طوّره المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية في ولاية ميريلاند شرق الولايات المتحدة، وتمّ تجريبه على قردة الشمبانزي وأكسبها مناعة ضدّ فيروس الإيبولا، ويبدو السبيل لإدراك ذلك شاقا طويلا.

إنّه مرض فيروس الإيبولا (EVD) أو حمى الإيبولا النزفية (EHF) وهو مرض يحدث بعد الإصابة بفيروس الإيبولا. وليس هذا المرض حديث العهد فهو منتشر في إفريقيا منذ السبعينات، فقد اكتشف هذا الداء لأوّل مرّة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1976 قرب نهر إيبولا ومنه أخذ اسم الفيروس والمرض، ومن هناك انتشر في غرب إفريقيا. وتعتبر ليبيريا اليوم بؤرة وباء الحمى النزفية حيث بلغ عدد الوفيات فيها 2,493، تليها السرياليون بنسبة 1,183، ثمّ غينيا بنسبة 843.
وعادة ما تبدأ الأعراض بالظهور بعد يومين إلى ثلاثة أسابيع من الإصابة بالفيروس، وتتمثّل في مرحلة أولى في ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة والتهاب الحلق وآلام شديدة بالرأس وآلام العضلات، وفي مرحلة ثانية يتعرّض الجسم إلى نزيف داخلي وخارجي بالإضافة إلى تقيؤ وإسهال وقصور في وظائف الكبد والكلى والعضلات وصداع. وتبقى نسبة الوفيات بهذا الوباء مرتفعة، وعادة ما تحصل الوفاة في اليوم الثامن، وفي أغلب الحالات على إثر التهاب حاد للبنكرياس.
فيروس الإيبولا من الفيروسات المعدية إلاَّ أنّ العدوى لا تنتقل بالماء ولا بالجو وإنّما بالاتصال المباشر مع الدم أو السوائل الحيوية أو أنسجة الأشخاص أو الحيوانات المصابة. ويصاب الأهالي والأقارب بالفيروس أثناء الدفن عند الاحتكاك بجثة المصاب، ففي كثير من الثقافات الإفريقية عادةً ما يلمس الأهالي الجثمان أثناء مراسيم الجنازة.
ويتساءل الكثير منا الآن ما إذا كانت إجراءات الرقابة على المسافرين ستكفي للحد من انتشار هذا الوباء في العالم، لكن لا يبدو ذلك منطقيا على الإطلاق لصعوبة الأمر، فإجراءات الفحص التي شرعت فيها بريطانيا اليوم تقتصر على المسافرين القادمين من ليبريا والسرياليون وغينيا فحسب، وهي بذلك إجراءات ساذجة وغير منطقية بحكم أن الفيروس قد ينفذ إلى بريطانيا من خلال مسافرين آخرين قادمين من بلدان أخرى أصيبوا بهذا الداء، وماذا عن مئات المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى بريطانيا يوميا مختبئين في حاويات وعربات ومستعملين وثائق مزوّرة وبعضهم من المناطق الموبوءة.
ويبدو خطر العدوى كبيرا في دول المغرب العربي ومنها الجزائر التي تعتبر نقطة عبور للأفارقة غير الشرعيين المتوجّهين إلى غرب أوربا.
فلا خيار للعالم إلاّ بذل المزيد من الجهود لابتكار لقاح مضاد للإيبولا، لكن ذلك لا يبدو ممكنا في المستقبل القريب، وقد يستغرق أشهرا طويلة يكون فيها الوباء قد ازداد انتشارا ويكون قد حصد مزيدا من الأرواح.

م. بن زادي – لندن بريطانيا
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 21, 2014 02:34
No comments have been added yet.