خطيب الجمعة..وتعميم الوزارة

خطيب الجمعة..وتعميم الوزارة


تراجع دور خطيب الجمعة متأثرا بمتغيرات كثيرة في هذه المرحلة، فهو كغيره من وسائل الاتصال بالجمهور الأخرى التي تعرضت لإعادة ترتيب مع تطورات العصر الحديث في المجتمع، ومع ذلك ما زال البعض يتحدث عن هذه الدور بلغة تبجيلية عاطفية وتحمل هذا المنبر جميع الأدوار التي كان يقوم بها، ويلوم الخطباء دون استحضار طبيعة هذه التراجعات التاريخية والتحولات الحضارية في المجتمعات الإسلامية. حتى دور المسجد بالصورة التقليدية تعرض لمسار تاريخي من المتغيرات فلم يعد له هذا الدور الذي كان يمثله، فقد كان منطلقا لكثير من الأنشطة والفعاليات العلمية والسياسية والعسكرية. في المدينة الحديثة توزع الكثير من هذه الأدوار بحكم تعقيدات الحضارة وتفاصيلها إلى مرافق متعددة، وليس هناك داع للتباكي على تلك الحالة، فهذه التطورات لصالح المجتمع المسلم، والمسجد سيكون موجودا في الجامعة والمصنع والمستشفى..وغيرها.

دور الخطيب تأثر كما تأثر دور الشاعر في المجتمع الحديث، وقد لا يعجب البعض هذا الكلام. هذا التراجع لا يعني أنه لم يعد له فائدة، وإنما لمواجهة الكثير من الطرح غير الواقعي والعقلاني لتحميل هؤلاء الخطباء أكبر من دورهم، وأيضا فقدان الدور الحقيقي الفقهي المفترض أن يقوم به دون طموحات عالية وتضخيم لمسؤولياته. في مجتمعنا السعودي هناك مسافة واسعة جدا بين دور الخطيب قبل عدة عقود في مجتمع شبه أمي معزول عن العالم، وبين دوره اليوم في مجتمع متعلم ومفتوح على العالم في كل لحظة.




تراجع دور خطيب الجمعة متأثرا بمتغيرات كثيرة في هذه المرحلة، فهو كغيره من وسائل الاتصال بالجمهور الأخرى التي تعرضت لإعادة ترتيب مع تطورات العصر الحديث في المجتمع، ومع ذلك ما زال البعض يتحدث عن هذه الدور بلغة تبجيلية عاطفية وتحمل هذا المنبر جميع الأدوار التي كان يقوم بها، ويلوم الخطباء دون استحضار طبيعة هذه التراجعات التاريخية والتحولات الحضارية في المجتمعات الإسلامية. حتى دور المسجد بالصورة التقليدية تعرض لمسار تاريخي من المتغيرات فلم يعد له هذا الدور الذي كان يمثله، فقد كان منطلقا لكثير من الأنشطة والفعاليات العلمية والسياسية والعسكرية. في المدينة الحديثة توزع الكثير من هذه الأدوار بحكم تعقيدات الحضارة وتفاصيلها إلى مرافق متعددة، وليس هناك داع للتباكي على تلك الحالة، فهذه التطورات لصالح المجتمع المسلم، والمسجد سيكون موجودا في الجامعة والمصنع والمستشفى..وغيرها.

دور الخطيب تأثر كما تأثر دور الشاعر في المجتمع الحديث، وقد لا يعجب البعض هذا الكلام. هذا التراجع لا يعني أنه لم يعد له فائدة، وإنما لمواجهة الكثير من الطرح غير الواقعي والعقلاني لتحميل هؤلاء الخطباء أكبر من دورهم، وأيضا فقدان الدور الحقيقي الفقهي المفترض أن يقوم به دون طموحات عالية وتضخيم لمسؤولياته. في مجتمعنا السعودي هناك مسافة واسعة جدا بين دور الخطيب قبل عدة عقود في مجتمع شبه أمي معزول عن العالم، وبين دوره اليوم في مجتمع متعلم ومفتوح على العالم في كل لحظة.

هذا التراجع لدور الخطيب في مجتمعنا لم يحدث فجأة، وإنما أخذ عدة أطوار وحالات إلى تشكل الوضح الحالي، فقبل انتشار التعليم الحديث، كان يقوم دوره على التوعية الدينية ومكملا لدور المطوع التعليمي، هذه الأهمية تراجعت تدريجيا مع انتشار الطبقات المتعلمة، وبدأ يشعر المجتمع ببساطة أصحاب المنابر من كبار السن إلى نهاية السبعينات، بعدها أخذت تظهر طبقة جديدة من المتعلمين حديثا في العلوم الدينية، وصنعت تغييرا في شكل الخطبة وتأثيرها وجماهيرية لبعضهم، وأسست لبدايات الصحوة. ومع مرحلة الصحوة حدثت طفرة استثنائية لعدة ظروف تاريخية خدمتها يصعب تكرارها، وهي ما بين منتصف الثمانينات الميلادية إلى منتصف التسعينات.. وهي المرحلة الذهبية لانتشار الكاسيت فأصبح لدينا نماذج لـ»أحمد القطان» و»كشك» في أكثر من مدينة. في هذه الطفرة الصوتية لمنبر الجمعة جاء الحديث عن الواقع ومتغيراته في لحظة انكماش محلي وجمود لدور الإعلام والصحافة والتلفزيون..ورقيب رسمي، فكان المنبر أكثر المجالات مرونة وضعفا في التحكم لطبيعة المجال وتعددها، مما أتاح سقفا من الحرية مختلفا..وهذا كان أحد عوامل الانجذاب الجماهيري له، لكن رافعة الكاسيت لصوت المنبر بدأت بالتراجع مع نهاية التسعينات بسبب عوامل تقنية وتغيرات كبرى مع توسع مرحلة الفضائيات ثم الإنترنت وتطوراتها المستمرة إلى زمن التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، حيث أصبح لكل مواطن منبره الخاص.. وحتى خطب الزعماء السياسيين أصبحت تواجه أزمة في الغرب، فقبل أن يكمل الزعيم خطبته يجد أن خطابه نسف وجميع مغالطته كشفت للجمهور في اللحظة نفسها!

لهذا فقد منبر المسجد الكثير من جاذبيته الطارئة مع الصحوة، وأصبح المنبر تائها للبحث عن دوره المفترض دون أن يستحضر هذه المتغيرات، وهنا لفت نظري الجهد الذي تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية التي تتابع أداء هؤلاء الخطباء لحوالي 15 ألف جامع. في منتصف الشهر الماضي نشر موضوع بأن 17 خطيبا يتم التحقيق معهم في هذه الأثناء نتيجة لعدم تناولهم للجريمة الإرهابية في محافظة شرورة. ولا أدري ما الفائدة من نشر هذا الخبر لرقم محدود جدا فهذا يسيء لآلاف الخطباء الذين يشعرون بمسؤوليتهم الاجتماعية ويفقد الإنكار قيمته الشرعية والفقهية إذا شعر المصلي أن الخطيب يقول تعميما وزاريا، وإلا فسيحقق معه! ومن المفترض أن يكون اختيار هؤلاء الخطباء ممن تتحقق فيهم اعتبارات ليكون مؤهلا لحمل هذه المسؤولية في محاربة أفكار شاذة، دون أن تسيس هذه القضايا نفسها وتعسكر وتخرج من إطارها الفقهي المعتدل في مواجهة التطرف والعنف، وأن وعي الخطيب لدوره يجب أن يكون ذاتيا ويمكن تقييم أدائه لفترات طويلة ومدى نجاحه في تحقيق الهدف الشرعي لوجود هذا المنبر.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on August 02, 2014 13:11
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.