صناعة الأسلحة.. بدون دولة!


التحول اللافت الذي قدمته المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني.. هو استمرار تقدمها في تطوير سلاحها الخاص، وأثرت برغم ضعفها التدميري على مفهوم القبة الحديدية رمزيا. من الخطأ




التحول اللافت الذي قدمته المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني.. هو استمرار تقدمها في تطوير سلاحها الخاص، وأثرت برغم ضعفها التدميري على مفهوم القبة الحديدية رمزيا. من الخطأ ابتداء التفكير في وضع مقارنة بين عاشر أقوى جيش في العالم بقدرات مقاومة محدودة الإمكانات وتحت حصار إسرائيلي شديد، يفتقد للكثير من مقومات الحياة البشرية الكريمة. المقارنة الواقعية هي بين قدرات هذه المقاومة الآن وبين الثمانينات والتسعينات مرورا بعام 2001م. إذا تجاوزنا ما تم الحصول عليه من أسلحة مهربة.. فالواقع أنه حدث تقدم تصنيعي خاص. صحيح أنها لا تملك قدرات تدميرية لكن التطور في المسافات غير متوقع من بضع كيلو مترات إلى عشرات الكيلو مترات.. وهذا تطور هندسي لافت بالرغم من كل العوائق المادية والمكانية في أرض صغيرة. وقد تملك الكثير من التنظيمات والجماعات إمكانات وبيئات أفضل بكثير من قطاع غزة. هذا التحول يثير سؤالا واقعيا، هل يمكن أن نشهد مستقبلا إمكانية لصناعة أنواع معينة من الأسلحة المؤثرة.. خارج سيطرة الدول والأنظمة الرسمية!؟

نوع الأسلحة المستعملة في الصراعات والحروب كان ولا يزال أحد أهم العوامل المؤثرة في مسار التاريخ السياسي للعالم، فقد مرت على البشرية آلاف السنين وهي لا تملك إلا أدوات متواضعة من السلاح. مع عصر النهضة الأوروبية والثورة الصناعية حدثت نقلة كبرى استطاع معها الغرب السيطرة على العالم واستعمار أجزاء كثيرة منه.. ونهب ثرواته. في الحربين العالميتين الأولى والثانية شهد العالم نقلة كبيرة في نوعية الأسلحة الجديدة والمدمرة.. فيها ألقيت أول قنبلة نووية وشهد العالم مداها التدميري.. وغيرت معادلات القوة في العالم وتشكل المجتمع الدولي المعاصر. في مرحلة الحرب الباردة كان أبرز ملامحها.. التنافس الشديد على إنتاج السلاح، وأطلق عليه سباق التسلح، وكان هذا الموضوع خلال النصف الثاني من القرن الماضي من أهم قضايا الإعلام والصحافة.

مع نهايات الحرب الباردة حدث عزوف إعلامي في ملاحقة مثل هذه القضايا، ولم تعد كقضية تثير الجمهور بعد سقوط المعسكر الشرقي. لكن مسار التطور الصناعي شهد في العقود الثلاثة الأخيرة تطورا هائلا خاصة في مجال الالكترونيات والاتصالات.. مما ساعد على وجود متغيرات كبيرة في نوعية الأسلحة الجديدة.. وانخفاض كلفتها وكفاءتها العالية. ولم تعد الكثير من الأسرار الصناعية غامضة ومحتكرة اليوم. من المؤكد أن إنتاج الأسلحة الثقيلة كالدبابات والطائرات الحربية والغواصات غير ممكن إلا لدول كبرى ذات قاعدة صناعية حقيقية، وإمكانات اقتصادية قوية، وهذا لا تملكه إلا دول محدودة.

لكن هناك نوعا من التسلح قد لا يحتاج إلى هذه الإمكانات الضخمة، وله قدرة تدميرية مؤثرة، مثل الأسلحة الخفيفة كالصواريخ المحمولة المضادة للطائرات والدبابات، والقنابل اليدوية.. وهذا النوع يسهل تهريبه والتجارة فيه، والاستفادة من سقوط بعض الأنظمة. في مرحلة الجهاد الأفغاني يتذكر من عاصر تلك الفترة الدور الكبير لصواريخ ستينغر الأمريكية التي زودتهم بها أمريكا، وشكلت نقطة تحول كبيرة في رفع مستوى الخسائر على الاتحاد السوفيتي وإسقاط عدد كبير من الطائرات الحربية، وخطفت الأضواء مما اضطر معه الراحل عبدالله عزام أن يتحدث عنها، بأنها تشوه سمعة الجهاد وقدرات المجاهدين.

في السنوات الأخيرة تبدو الطائرات بدون طيار ذات كفاءة عالية في تحقيق أهدافها بكلفة أقل، ومحافظة على الكوادر البشرية. وهذا النوع من الأسلحة جاء مع تطورات تقنية كبيرة في العقود الأخيرة، وأصبح متاحا إنتاجها بكلفة أقل، وتستعمل في كثير من المجالات العلمية والمدنية. هذا النوع قد يكون متاحا على مستوى تنظيمات وحركات مسلحة أقل من الدول والأنظمة الرسمية، مع تطور تقنية الاتصالات وتوفر الكثير من القطع الالكترونية.. ولم تعد هناك أسرار في كثير من جوانبها. وقد ينقل مستوى الصراعات والتمرد على الأنظمة إلى مستوى أعلى، وكما كانت الدولة المعاصرة احتكرت تقنيات الإعلام خلال أكثر من قرن ونصف للسيطرة على الشعوب.. إلى أن تطورت تقنية الإعلام فأصبح للتنظيمات والأفراد تأثير ينافس إمبراطوريات إعلامية كبرى على الرأي العام.

قبل أشهر أعلنت جبهة النصرة عن إطلاق مؤسسة التصنيع الحربي «بأس»، التابعة لها وقالت الجبهة إنها أسست «بأس» لتكون «أول نواة لتصنيع وتطوير سلاح فعَّال يُصنع بنسبة 100% على أيدي إخوانكم المجاهدين وبصورة فنية مدروسة» ودعت الكوادر الفنية في أي مجال للانضمام لها والتواصل معهم في أي ملاحظة أو فكرة بسيطة تكون سببًا لتعديل أو تحديث أو حتى تصنيع سلاح.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 19, 2014 16:00
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.