ثمّة حياة

اليوم صباحًا ..
كان الطريقُ نحو العمل طويلًا أكثرَ من المعتاد
ربّما لأن هناك قوات أمن كانت تقطعُ بعض الشوارع
لا يُهم .. أمرٌ اعتدنا عليه
ولم أشعر بطولِ الطريق ولا بالضجر ولا بالسخط
ككُلِّ مرٍة كان يحدثُ فيها موقف مشابه ..
لأنّي كنتُ غارقة في تأمل البشر من حولي
كنتُ أحدقُ في تفاصيلِ وجوههم جميعًا - كأنّما أعرفهم -
إلى الحدّ الذي كان إن مرّ فيه شخص من أمام زجاج سيارة الأجرة
وهو يلاحظُ انشغالي بوجهه و وجوهِ العابرين
يبدو عليه التعجب !
نعم كنتُ اتأملهم جيدًا .. احفظهم جيدًا حتى أنّي يمكني تذكرهم الآن

أمرُّ بصغارٍ يبيعون علكة أو يشحذون .. فأدعو في سرّي
" ربّي أمّن طفولتهم ونجهم من شرورِ الحياة وأسعدهم"

أمرُّ بالعجائز من النساء والرجال وألمح في وجوههم قصصًا طويلة
المحُ الدفء أيضًا والمحبّة والصبّر .. فأدعو
" ربّي احسن ختامهم و اجعلهم ممن تكرمهم في الدّنيا والآخرة "

أمرُّ بالشباب يمازح أحدهم الآخر ويغمز أحدهم للآخر في حديثٍ لا أفقهه
فأدعو " ربّي أصلح سرائرهم واكفهم رفقة السوء وعتمة القلب والتعلق بالدّنيا "

أمرُّ بوجوهٍ حزينة / مهمومة / خائفة / تائهة
فأدعو " ربّي فرج كُربات أرواحهم ومدّهم باليقينِ بك وطبب قلوبهم فأنتَ طبيبُ القلوب "

أمرُّ بالباعةِ المتجولين بين الأرصفة " مسنين وشباب وأطفال " يحملون البضائع البسيطة في أيديهم والرجاء لله في قلوبهم .. فأدعو
" ربّي يسر أمورهم وأمنن عليهم بفضلك وكرمك وزدهم بكَ غنًا عن العالمين "

أمرُّ وأمرُّ والوقت يمر دونَ أن أشعر .. والحياة التي كانت ثقيلة على كتفيّ صباحًا وأنا أغادرُ المنزل .. تبدو الآن أخف وأقل حملًا وآلمًا
ودونما شعور اكتشفتُ أنّي كنتُ مبتسمة طوال الطريق ...
لا أدري هل هو انغماسي في حال غيري أم دعواتي لهم التي لم تتوقف
هي من رسمت هكذا ابتسامة و رضا على وجهي وقلبي أم شيء آخر من الله لا أعرفُ ما يكون !
كُلُّ ما أعرفهُ الآن أنّي أشعر بالرضا والإطمئنان و كأنَّ قلبي جاء للحياةِ للتوء ..

الحمدلله <3
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 25, 2014 16:01
No comments have been added yet.