في قاع البحر

في قاع البحر


أنا وأنت محارتان...
في قاعِ البحرِ تسكُنان...
لا شئ غير الظلام يلُفنا
لا شئ إلا نحن
شمسُ الصيفِ...
تبدو بعيدة المنالِ عن هنا
لا شئ إلا نحن
أنا وأنت والسكون


ظللنا هكذا زمناً
دهراً....عمراً...أبداً
لا أدري...
توالتِ الفصولُ من فوق عالمنا
ازدهرت ورودٌ...
وامتلأت سنابل...
و أطفأ الثلجُ رمادَ الجمرِ المُحترق
في هذا الكون المجنون فوقنا
ونحن ما زِلنا هُنا
لا شئ إلا نحن
أنا وأنت والسكون



محاراتُنا الصلبة
كأنها أسوارٌ موصدةٌ علينا
مهما حاولنا اختراقها..
فلا جدوى
سَنبقى هُنا قابعون
وحدنا...
لا شئ إلا نحن
أنا وأنت والسكون


في الظلماتِ الثلاث نحيا
في البحرِ...
في الليلِ...
في الوحدة...
أنا وأنت نحيا
لاشئ إلا نحن
أنا وأنت والسكون


استجمعتْ قُواها أمامنا
جردتنا من كينونتِنا
وأنستنا من نحنُ
ومن أجلِ مَن نحيا؟


منذُ عقود نسيتُ أن اُسرحَ شعري
نسيتُ عطري...
وشالي الحرير...
نسيتُ أشياءَ ما كانت لتُنسى


ها أنذا اليومَ أندُبُ تلك الفتاة الشقية
دائمة الكلامِ و الحركة..
في الضوءِ والعتمة..
تقوقعت في بحرِ الظلمة..
وسقطتْ محارةً ورقدتْ
بلا أنفاس......بلا حركة


ستتهامسُ الفراشاتُ ما بينها عنا
وستقول بأننا رغبنا بهذه العُزلة
وستلومُنا الأشجارُ
وستلعنُنا الزنابقُ
وترجمنا السُحُبُ
وسنبقا أنا و أنت صامتين...
بلا حركة



قد فقدنا الروحَ...
لا ندري أين أضعناها...
أم أن رياح الشؤمِ سلبتها منا بلا رحمهْ
مُنذُ زمان أضعناها
وها نحنُ اليوم ..
كصخرِ البحرِ نقبعُ بلا حركة
جنون العالمِ من حولنا يركُض
ونحن بلا حركة...
بلا حركة


أتدري يا محارتي الحُلوة..
لو أنك أحببتني يوماً
لخرجنا من هذه العزلة
ومحونا عتمة البحرِ و الليلِ و الوحدة
لأخرجنا لآلئنا للشمسِ
وتنفسنا نسيم البحر
وتركنا قاعهُ الصلف




لو أحببتني...
لشَققنا سجن أنفُسنا
وسبحنا و الأمواج تحضننا
و على شاطئ الحلمِ المتوهجِ
أطلقنا صرخات مدويةٌ
فرحاً....جنوناً
بلذة الخروج الى الرحبِ


لو أحببتني...
لركضنا نحو القمر
وطيور السنونو تتبعنا
هي مِثلُنا ...
لا تعشقُ السجنا




لو أحببتني...
لابتدعنا أبجديةً جديدة
كلُ حروفها مغموسة بالحب
وكلامُها فرح
وقصصُها أمل...
ترويها لصغارنا ليلاً
وسأتوسدُ ذراعكَ معهم
وأغفو على صوتك الصافي
وأحلم ..
بمحارة شقت ..
ظلام البحر والليل و الوحدة



إمرأة من ورق