وإحنا أطفال كانت حياتنا مليانة أبطال وهمين،
وكل الأبطال فيها كانوا مثالين، من أول الأب
الي كنا كل ما نكلم حد ونقوله حاجة نستشهد
بكلامه، وشايفين إنه هو الصح وكل الناس غلط،
لحد أبطال الكارتون الي مكناش نعرف غيرهم طول اليوم.
واظن من الصعب ننكر أن نظرتنا للأب واحنا صغيرين
وأنه دايماً المُنتصر قاهر الشر وحامي الحمي،
وسهولة هزم الشر في الكارتون كل حلقة..
وحتي لو هزيمته اتأخرت الحلقة دي،
بنبقي واثقين جداً أنها كدا كدا جاية،
كانت من الحاجات ساعدتنا ناخد فكرة أن الحياة سهلة جداً.
يعني البنت هتبقي دكتورة، ولو عايزنها في البيت تعمل الغدا،
شايفة انها تقدر... لإنها عملت الفرخة البلاستك الي في لعبتها قبل كدا،
اما الولد مش محتاج يتعلم السواقة
هو اصلاً بيعرف وساق العربية بتاعة الملاهي قبل كدا،
اما شغلانته هتبقي حاجة من الاتنين يا مهندس
عشان يبني القصر الي هيعيشوا في مستقبلاً،
أو ظابط شرطة عشان يبقي شبه الأبطال الي في الكارتون ويقهر الشر،
واظن الحاجات دي كانت بتيجي في دماغ أطفال كتير منا،
من كتر ما احنا شايفين الحياة سهلة.
واحدة واحدة نكبر، وفجأة تحطنا الأيام في مواجهة الأب
نبتدي نعرف أن الحياة الي إحنا كنا فاكرنها دي وهم،
تستمر الصراعات في الزيادة والسبب كل حاجة إحنا مش حابنها
الحياة تجبرنا عليها وكل حاجة عايزنها الحياة تحجبها عنا،
وطبعاً بيتحول الأب من الوحيد الي بيفهم،
لـ هو بيفكر ازاي؟ هو ليه مش عايز يفهمنا؟
الكارتون واحدة واحدة يتنسي، يتبدل بكُرة في الشارع،
أو روچ مونيكير ومراية وممكن نقول اغاني محمد فؤاد،
وقمة احلمنا اننا نقدر نقتنص الأذن من الأب علي المُراد فعله،
وبيكون دا -الأذن- أكبر سبب في أن الحياة تفقد بريقها،
ونعرف إنها زاي ما فيها الربيع فيها الخريف.
تمر الأيام والهندسة تتشال من قائمة الأحلام
عشان مفيش أمل نجيب مجموع مش هنكدب علي نفسنا،
وغالباً الكلام دا بيفضل بين الإنسان ونفسه،
اما الطب مش لازم... اصل ايه الي هيدخلني طب سبع سنين؟
هي البنت في المستقبل ليها ايه غير بيتها وجوزها
–حتي لو مش مقتنعة بالكلام دا-،
والشرطة مش محتاج اقول أن مش دايماً بيبقي في وسطة.
اما بقي رخصة العربية في يا طلعت
يا علي وشك انها تطلع عشان حاملها يبقي سواق العيلة الرسمي،
وشغل المطبخ والبيت بصفة عامة بيبقي علي قفا من يشيل...
بس مين عنده النفس!
بانتهاء المرحلة دي تبدأ المواجهة الحقيقة للحياة،
ويمكن في الفترة دي ومن صُعبتها كتير منا حس أن الحياة خريف بس...
يعني حتي الربيع بيروح.
ولما تكترت في عيونا مشاهد الخريف،
بقايا الاحلام الي كانت موجودة بتنتحر،
يعني اظن معظمنا يعرف حد كان نفسه جداً يبقي أب،
وفجأة قرر أن ﻷ هو مش عايز!
ولما يتسئل ليه يا ابني،
إجابته تكاد تكون الإجابة الوحيدة المقنعة في الزمن دا...
اصل الحياة قرفانا خلقة لسه هنجيب إنسان تاني يعاني فيها؟
وغيرها امثال تانية كتير –عن بقايا الأحلام المُنتحرة-.
الخريف مهمته مبتنتهيش بغيومه الي بتحجب عنا الاحلام بس،
لا وكمان بيبعت رياح تاخد مننا المسكنات -باختلاف انوعها- الي بتصبرنا في الأيام.
يعني افتكر مرة من كذا سنة
جت فترة مات فيها أخه والدي وكام صديق له،
في مدة وجيزة جداً يمكن اقل من شهرين،
كان والدي اكتئب شوية وسمعته بيقول لأخويا الكبير
انا خلاص كبرت وقربت اموت،
بس فاكر برضه أن ساعتها والدي
كان فوق الخمسين وشعره أبيض وعنده أمراض السن،
واظن الصديق كاكتر مُسكن للروح،
أيامنا دي أكتر حاجة بتروح بين الرياح الخريفية.
وبنبقي في نفس الحالة بظبط من غير شيبة الشعر، لكن بشيبة روح.
هنا بقي نفسي اسأل سؤال،
هو احنا عيونا بتحتاج وقت كتير علي ما تكتسب القدرة علي رؤية الغيوم
فمبنشوفهاش وإحنا أطفال؟
ولا اصلاً العالم المثالي الي إحنا رسمنا أطفالاً أو اتعرفنا علي في طفولتنا بس هو غير موجود من اساسه؟
Published on December 05, 2013 10:52
حلوة جداااااااا (Y)