التل

أفلت يده وأشار إلى الكومة التي أمامه وقال:
- هذا كل ما استطعت.
اقترب الطفل من كومة المكعبات التي تشكل تلاً صغيراً يكاد يكون في طوله ويلتهم الغرفة الضيقة. عاد ببصره فوجد رفيقه قد اختفى. شعر بالوحدة فجأة وعاد إلى مكعباته.كان عددها كبيراً وأشكالها وألوانها متعددة. أراد أن يلعب في تلك المساحة الصغيرة التي بقيت له ليقف فيها. كلما سحب واحدة انهار ما فوقها فزاد المكان فوضى واتسعت الرقعة حتى غطت قدميه. حتى ما سحبه لم يكن ليصلح للعب لعدم تناسق أشكالها وألوانها. أدرك أن عليه أن يخوض في التل ليجد ما يوافقها. في لحظة يأس رمى ما في يده. ولكنه تساءل هل سيجد ما يلعب به لو تركها. قرر أنها لعبته الوحيدة وعليه تنظيمها وتنسيقها قبل أن يلعب ويستمتع. سار بقامته القصيرة خائضاً في التل بسهولة أولا ثم ازداد السير صعوبة حتى كاد أن يندم وفكر في التراجع. ولكنه صار في منتصف الغرفة حيث تحيط به قمة التل وتصل لأسفل صدره. مد يده والتقط المكعب الأول. وبكل ما يملك من قدرة على التصويب رماه إلى أحد الأركان. ثم سحب آخر مختلف ورماه في ركن آخر. ثم آخر في ثالث . ثم آخر رماه على الأول إذا يوافقه في الشكل واللون. وهكذا ظل يعمل حتى اكتشف أن التل قد تقلص إلى أسفل بطنه. وبسرعة صار في مستوى ركبتيه. لم يستسلم للوهن إذ بشر نفسه بالراحة بعد الانتهاء. كان التل قد اختفى وصارت الغرفة تلالاً صغيرة في الأركان تحيط ببقايا التل الذي أصبح كحصيرة من المكعبات ترتفع عن الأرض حتى تصل لمنتصف الساق . مازال يعمل حتى صار من الصعب بلوغ هدفه وهو واقف على قدميه فركع وظل يعمل في المكعبات منظفاً منتصف الغرفة منها. لم يكتفِ بعد أن سكَن كل المكعبات في الأركان. أتى كل كومة وأخذ ينسقها ويبعد ما اجتمع فيها بالخطأ من مكعبات مختلفة، ملقياً إياها في كومتها الصحيحة. حتى هيئ إليه وقد بلغ به التعب مداه أن عمله قد انتهى وقد صارت الغرفة منظمة منسقة والمكعبات مرتبة جاهزة للعب. كان يقف على قدميه بصعوبة وقد انحنى ظهره ورأى ببصره الكليل ظلال طفل يقف أمامه. اتجه إليه ببط ، أمسك يده واستدار مواجهاً عمله وقال:
- هذا كل ما استطعت.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 03, 2013 09:43
No comments have been added yet.