ماراثون مسرحي لتوم ستوبارد
أين ستذهب هذا المساء ؟
أين ستذهب هذا المساء ؟
أين ستذهب نهاية الأسبوع اذا كنت في الرياض أو جدة أو الدمام على سبيل المثال ؟ هل ستشاهد مسرحية مثلا ؟ ماذا ستختار ؟ مسرحية كوميدية ؟ أم مسرحية جادة ؟ أم مسرحية تاريخية ؟ أم رومانسية ؟ وهل لديك خيار أصلا
الإجابة عن هذه الأسئلة مؤلمة ومحبطة في آن معا . باختصار ليس لدينا مسرح .
المسرح فن عريق وراق يمتد تاريخه الى ما قبل الميلاد حيث الجميع يعرف مسرحية أوديبس للكاتب الاغريقي سوفوكليس ، لكن نحن هنا لا نكاد نعرفه ، سواء كان ذلك في القطاع العام أو الخاص .
في لندن ، مثلا ، سيكون لديك الخيار في الاختيار ما بين عشرات المسرحيات الجادة التي تعرض يوميا .
تطالعون هنا اسفل هذه الكلمات ملحمة مسرحية عرضت في مسرح الأوليفير بلندن تمتد الى أكثر من تسع ساعات في يوم واحد ، أي أنك تتناول أثناء مشاهدتها وجبتين على الأقل فيما بين فترات الاستراحة ، وهي تجربة فكرية نادرة وتستحق العناء الذي تتكبده في سبيل مشاهدتها . هذه المسرحية كتبها المسرحي البريطاني السير توم ستوبارد الذي لم يدرس في جامعة قط لكنها الموهبة التي فرضت نفسها والرغبة الجادة في مواصلة الكتابة للمسرح بنفس الروح المبدعة حيث أنتج هذا الكاتب العديد من الأعمال المسرحية اللافتة للانتباه ، كما أنه من الحاصلين على جائزة الأوسكار في أحد أعماله الكثيرة .
هل لنا من توم ستوبارد محلي يستفيد من الأحداث المهمة التي يزخر بها تاريخنا ويحولها في قالب مسرحي جاد يجعلنا ندفع له في نهاية الأسبوع خمسون ريالا كثمن بسيط لأمسية مسرحية ثقافية تجعلنا نتأمل في واقعنا وتبحث في قضايانا الكثيرة وتحرك فينا شيئا من المياه الثقافية الراكدة ؟! أم أننا سننتظر كثيرا قبل أن يتحقق هذا الحلم ؟!
خالد العوض
زاوية ليس إلا
الجزيرة
ماراثون مسرحي ثقافي يمتد الى تسع ساعلت في
يوم واحد
توم ستوبارد يعود الى المسرح بملحمة ثلاثية مثيرة عن التطرف الروسي
ليست واحدة ولا اثنتين ، بل ثلاث . بعد انقطاع دام خمس سنوات عاد السير توم ستوبارد الى المسرح الوطني في الأوليفير بلندن بملحمة ثلاثية تحكي ظهور الراديكالية الروسية . العنوان الرئيس لهذا العمل هو " ساحل المدينة الفاضلة " أو The Coast of Utopia وينقسم الى ثلاث مسرحيات كل منها يحمل عنوانا مستقلا حيث الأولى أخذت عنوان " الرحلة voyage " والثانية " السفينة الغارقة shipwreck " والثالثة " الانقاذ salvage " ويمتد زمن كل مسرحية الى ثلاث ساعات ، أي أن العمل المسرحي هذا مدته تسع ساعات تبدأ بمشاهدته مع قهوة الصباح وتنتهي في المساء ، وتستطيع أن تستمتع بالشقاء الذي ستكابده وأنت تتابع بتركيز كبير الأحداث الكثيرة والشخصيات التي تصل الى أكثر من سبعين شخصية يقوم بأدائها أكثر من ثلاثين ممثل .
أنتج هذا العمل تريفور نَن حيث مستخدما عروض الفيديو وصور الكومبيوتر المدهشة التي تنقلك الى أماكن متعددة مثل باريس في عام 1848 ايام الثورة الفرنسية ومدينة نيس وأماكن أخرى اختارها المفكرين والقادة الروس كمنفى لهم في أوروبا .
يحكي هذا العمل الملحمي صراع النخبة الفكرية في روسيا خلال ثلاثة أجيال ( من عام 1833 الى عام 1868 ) وهم أولئك المفكرون الذين ناضلوا ضد الأوتوقراطية ( أي حكم الفرد ) و الرقابة والعبودية والتخلف الذي انتشر في عهد حكم تسار نيكولاس الأول .
كان المسرحي ستوبارد في عمله هذا باحثا قبل أن يكون كاتبا مسرحيا وقد جاء دور الباحث ، كما يرى بعض النقاد ، على حساب دور المسرحي وقد اعترف الكاتب بنفسه قائلا أنه استنزف جهدا كبيرا في البحث قبل أن يكتب أي شيء . يقول الناقد بول تيلر في مراجعته لهذا العمل : " هذه الثلاثية في كل أجزائها ذكية وبليغة وحية بسبب ظرف وخفة دم كاتبها والتقاطه الذكي للحظات الساخرة مثل حديث بطل المسرحية الأولى باكونين عندما قال : " الحرية هي حالة عقلية ." لكن رد عليه أخر بصورة واقعية قائلا : " لا ، الحرية هي ألا تكون مسجونا ."
المسرحية الأولى تبدأ في الثلاثينيات حيث بداية الروح الثورية وتتركز حول الحياة الثورية لباكونين وتصف مجتمعا يبدأ في التغير شيئا فشيئا .
المسرحية الثانية تتجه إلى الخارج رغم أن الشخصيات الرئيسية تبقى روسية وهذه المسرحية والتي تليها كلاهما تتحدثان عن المنفى حيث تكون الثورات الأوروبية هي الأحداث الرئيسة في المسرحية .
أما المسرحية الثالثة فهي تستمر مع الأكسندر هيرزن كبطل رئيسي حيث ينشىء صحيفة روسية في لندن بحثا عن التغيير وتتحدث عن أحداث روسية أخرى تحدث خارج المسرح .
تغطي هذه الثلاثية المسرحية موضوعات كثيرة أهمها السياسة والفلسفة بالإضافة الى الموضوعات الأخرى المهمة كالحب العاطفي وشؤون العائلة والتاريخ والعلاقات الإنسانية وغيرها .
يقول الناقد ديفيد ليستر الذي حضر المسرحية كاملة : " قبل أن يرفع الستار بلحظات ضحكت من كل قلبي حيث سلم لي الراعي التجاري للمسرحية حقيبة صغيرة تحتوي على أشياء من ضمنها غطاء للعين أستخدمه فيما لو احتجت للنوم خلال مشاهدتي للمسرحية التي تستمر لمدة تسع ساعات ( تماما مثل ما يحدث في السفر على الطائرات ) . كانت تلك حركة مسلية من المسرح الوطني وبالتأكيد كان ستوبارد على دراية بالجانب المضحك هذا !"
أين ستذهب هذا المساء ؟
أين ستذهب نهاية الأسبوع اذا كنت في الرياض أو جدة أو الدمام على سبيل المثال ؟ هل ستشاهد مسرحية مثلا ؟ ماذا ستختار ؟ مسرحية كوميدية ؟ أم مسرحية جادة ؟ أم مسرحية تاريخية ؟ أم رومانسية ؟ وهل لديك خيار أصلا
الإجابة عن هذه الأسئلة مؤلمة ومحبطة في آن معا . باختصار ليس لدينا مسرح .
المسرح فن عريق وراق يمتد تاريخه الى ما قبل الميلاد حيث الجميع يعرف مسرحية أوديبس للكاتب الاغريقي سوفوكليس ، لكن نحن هنا لا نكاد نعرفه ، سواء كان ذلك في القطاع العام أو الخاص .
في لندن ، مثلا ، سيكون لديك الخيار في الاختيار ما بين عشرات المسرحيات الجادة التي تعرض يوميا .
تطالعون هنا اسفل هذه الكلمات ملحمة مسرحية عرضت في مسرح الأوليفير بلندن تمتد الى أكثر من تسع ساعات في يوم واحد ، أي أنك تتناول أثناء مشاهدتها وجبتين على الأقل فيما بين فترات الاستراحة ، وهي تجربة فكرية نادرة وتستحق العناء الذي تتكبده في سبيل مشاهدتها . هذه المسرحية كتبها المسرحي البريطاني السير توم ستوبارد الذي لم يدرس في جامعة قط لكنها الموهبة التي فرضت نفسها والرغبة الجادة في مواصلة الكتابة للمسرح بنفس الروح المبدعة حيث أنتج هذا الكاتب العديد من الأعمال المسرحية اللافتة للانتباه ، كما أنه من الحاصلين على جائزة الأوسكار في أحد أعماله الكثيرة .
هل لنا من توم ستوبارد محلي يستفيد من الأحداث المهمة التي يزخر بها تاريخنا ويحولها في قالب مسرحي جاد يجعلنا ندفع له في نهاية الأسبوع خمسون ريالا كثمن بسيط لأمسية مسرحية ثقافية تجعلنا نتأمل في واقعنا وتبحث في قضايانا الكثيرة وتحرك فينا شيئا من المياه الثقافية الراكدة ؟! أم أننا سننتظر كثيرا قبل أن يتحقق هذا الحلم ؟!
خالد العوض
زاوية ليس إلا
الجزيرة
ماراثون مسرحي ثقافي يمتد الى تسع ساعلت في
يوم واحد
توم ستوبارد يعود الى المسرح بملحمة ثلاثية مثيرة عن التطرف الروسي
ليست واحدة ولا اثنتين ، بل ثلاث . بعد انقطاع دام خمس سنوات عاد السير توم ستوبارد الى المسرح الوطني في الأوليفير بلندن بملحمة ثلاثية تحكي ظهور الراديكالية الروسية . العنوان الرئيس لهذا العمل هو " ساحل المدينة الفاضلة " أو The Coast of Utopia وينقسم الى ثلاث مسرحيات كل منها يحمل عنوانا مستقلا حيث الأولى أخذت عنوان " الرحلة voyage " والثانية " السفينة الغارقة shipwreck " والثالثة " الانقاذ salvage " ويمتد زمن كل مسرحية الى ثلاث ساعات ، أي أن العمل المسرحي هذا مدته تسع ساعات تبدأ بمشاهدته مع قهوة الصباح وتنتهي في المساء ، وتستطيع أن تستمتع بالشقاء الذي ستكابده وأنت تتابع بتركيز كبير الأحداث الكثيرة والشخصيات التي تصل الى أكثر من سبعين شخصية يقوم بأدائها أكثر من ثلاثين ممثل .
أنتج هذا العمل تريفور نَن حيث مستخدما عروض الفيديو وصور الكومبيوتر المدهشة التي تنقلك الى أماكن متعددة مثل باريس في عام 1848 ايام الثورة الفرنسية ومدينة نيس وأماكن أخرى اختارها المفكرين والقادة الروس كمنفى لهم في أوروبا .
يحكي هذا العمل الملحمي صراع النخبة الفكرية في روسيا خلال ثلاثة أجيال ( من عام 1833 الى عام 1868 ) وهم أولئك المفكرون الذين ناضلوا ضد الأوتوقراطية ( أي حكم الفرد ) و الرقابة والعبودية والتخلف الذي انتشر في عهد حكم تسار نيكولاس الأول .
كان المسرحي ستوبارد في عمله هذا باحثا قبل أن يكون كاتبا مسرحيا وقد جاء دور الباحث ، كما يرى بعض النقاد ، على حساب دور المسرحي وقد اعترف الكاتب بنفسه قائلا أنه استنزف جهدا كبيرا في البحث قبل أن يكتب أي شيء . يقول الناقد بول تيلر في مراجعته لهذا العمل : " هذه الثلاثية في كل أجزائها ذكية وبليغة وحية بسبب ظرف وخفة دم كاتبها والتقاطه الذكي للحظات الساخرة مثل حديث بطل المسرحية الأولى باكونين عندما قال : " الحرية هي حالة عقلية ." لكن رد عليه أخر بصورة واقعية قائلا : " لا ، الحرية هي ألا تكون مسجونا ."
المسرحية الأولى تبدأ في الثلاثينيات حيث بداية الروح الثورية وتتركز حول الحياة الثورية لباكونين وتصف مجتمعا يبدأ في التغير شيئا فشيئا .
المسرحية الثانية تتجه إلى الخارج رغم أن الشخصيات الرئيسية تبقى روسية وهذه المسرحية والتي تليها كلاهما تتحدثان عن المنفى حيث تكون الثورات الأوروبية هي الأحداث الرئيسة في المسرحية .
أما المسرحية الثالثة فهي تستمر مع الأكسندر هيرزن كبطل رئيسي حيث ينشىء صحيفة روسية في لندن بحثا عن التغيير وتتحدث عن أحداث روسية أخرى تحدث خارج المسرح .
تغطي هذه الثلاثية المسرحية موضوعات كثيرة أهمها السياسة والفلسفة بالإضافة الى الموضوعات الأخرى المهمة كالحب العاطفي وشؤون العائلة والتاريخ والعلاقات الإنسانية وغيرها .
يقول الناقد ديفيد ليستر الذي حضر المسرحية كاملة : " قبل أن يرفع الستار بلحظات ضحكت من كل قلبي حيث سلم لي الراعي التجاري للمسرحية حقيبة صغيرة تحتوي على أشياء من ضمنها غطاء للعين أستخدمه فيما لو احتجت للنوم خلال مشاهدتي للمسرحية التي تستمر لمدة تسع ساعات ( تماما مثل ما يحدث في السفر على الطائرات ) . كانت تلك حركة مسلية من المسرح الوطني وبالتأكيد كان ستوبارد على دراية بالجانب المضحك هذا !"
Published on August 21, 2013 02:22
•
Tags:
توم-ستوبارد-خالد-العوض
No comments have been added yet.


