رأي الشاعر مصطفى حسان في (على هامش كل اللي فات)

أحمد زهران شاعر على درجة طبيب ..
يعرف كيف يستخرج الشاعرية من البساطة بدون تعقيدات ..
....
"على هامش كل اللي فات" هو الديوان الأول للشاعر/ أحمد زهران .. والديوان حينما تقرأه للمرة الأولى لا يخطر على بالك سوى مجموعة خواطر بريئة طفولية ثم تجد نفسك تعيد قراءة الديوان للمرة الثانية تلقائياً .. بدون أن تعرف السبب .. ثم تستمر في إعادة قرائته مرات متتالية لتكتشف أنك قد وقعت في فخ البساطة بدون أن تدري .. وأن زهران استطاع أن يجذبك إلى تراكيبه التي تشعر معها أنه لم يبذل مجهود في كتابتها وأنها جمل تلقائية ..
ولنستعرض معاً نماذج لما طرحناه ..
فالديوان يبدأ بمفتتح هو بمثابة وصية الشاعر إلى جمهوره:
"وصية مشاعري ..
اللي كانت بتنزف كلام ع الورق ..
تداعبوا خدود القصايد برقه"
لتجد نفسك قد تأثرت تلقائياً بوصيته لتتعامل مع القصائد برقة ولطف وتمسك الديوان مثلما تمسك الوردة وتجد نفسك قد تحررت من عقلية الناقد وبدأت تستمتع بالديوان ...
ثم تفاجأ بين الحين والحين بعالم غير الذي تعودت عليه وتفاصيل غير تلك التي اعتدت عليها:
"التقينا ..
عند أول دمعة ف عيون السحاب ..
وافترقنا ..
عند أول لمسها للأرض"
وحينما يتحدث زهران بذاتية شديدة تجدك قد تداخلت معه في الحالة:
"بره الكادر تلاقيني ..
كومبارس ف أفلام غيري ..
أرزع في سنيني الضحكة ..
تطرح في وشو من طوب"
...
من خلال تصفحك الأولي للديوان تكتشف أن الشاعر يعتمد (من ناحية القالب) على إيقاعات بسيطة غير معقدة ويعتمد على موسيقى بسيطة .. وهي وإن كانت وصلت إلى درجة مغرفة في البساطة أحياناً إلا أنها منطقية إلى حد بعيد مع حالة الديوان والمنطقة التي تتحدث منها زهران ..
أما بالنسبة للمضامين الشعرية فمن ناحية الصورة لا يحاول زهران أن يربك المتلقي بصور مفزعة مغرقة في التفاصيل بقدر ما يحاول أن يتصف بصبغة البساطة وأن يكون منطقياً متوائماً مع مرحلته العمرية كشاعر مازال في مرحلته الجامعية .. فيكفيك في الديوان الأول أنك كنت صادقاً مع نفسك ومع الجمهور .. وحقيقي في الوقت ذاته ..
لا يخلو الأمر من تداخل بين الطب والشعر، وأظن (في اعتقادي الشخصي) أنها ظاهرة صحية تنم عن مصداقية تعامل الشاعر مع تفاصيله حتى لو كانت هذه التفاصيل أكاديمية بحتة فتجده يعنون أحد القصائد بعنوان طبي إلى حد بعيد (سيندروم Syndrome) ثم يضع التعريف العلمي في الحاشية السفلية (بمعنى متلازمة وهي مجموعة الأعراض المصاحبة لمرض ما) لتجد القصيدة تتحدث في ذات الإطار ولكن من زاوية مختلفة عن الأمراض المادية فهو يستخرج في هذه القصيدة المعنوي من المادي.
"عمود الدم المتحرر
هربان من شريان أحزانك
بيصب ف قلبك ويعكر دقات الفرحة
فتكون أزرق"

وقد تكرر هذا التناول في أكثر من موضع، وفي كل مرة تتأكد أن زهران قادر على طرح المصطلحات المادية في قصيدة تمتلئ بالرومانسية .. ولكنه يفعل ذلك على استحياء شديد وأظن أنه يعد مؤشر على أن الديوان الثاني سيمثل تجربة مختلفة وأظن من خلال متابعتي لما يكتبه في التوقيت الحالي قد تجاوز مرحلة "على هامش كل اللي فات" ليثبت لجمهوره أن الشاعر يتنقل بين كل البساتين ليلتقط منها ما يناسبه.
ولكي لا أكون سخيفاً لا أود أن أدخل في مصطلحات نقدية غالباً لا يعبأ القارئ بها كثيراً، ولكن أظن أنه صار من الواجب على كل شاعر أن يقول عبارة شكر في كل جمال يلمحه في العالم من حواله سواء كان ديوان شعر أو لوحة فن تشكيلي أو أغنية .. دعونا نتحسس جمال العالم المحيط بنا .. كي بتبين الغث من الثمين .. فما أقدمه هنا ليس دراسة نقدية بقدر ما هي محاولة للتعايش مع حالة جمالية بما فيها من براءة.
أدعوكم للتعرف على الشاعر/ أحمد زهران، من خلال ديوانه (على هامش كل اللي فات)
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 03, 2013 13:15
No comments have been added yet.