هؤلاء هم الإخوان
فاطمة ناعوت f.naoot@hotmail.com
"كانت مصرُ أكرمَ على الله من أن يُردُّ ابتهاجُها إلى بؤسٍ، وسرورُها إلى حزن، وأن يُحيلَ أعيادَها البيضَ إلى أيامِ حدادٍ سود." ذاك مقتطفٌ من كتاب "هؤلاء هم الإخوان المسلمون"، الذي كتبه د.طه حسين ونخبةٌ من مفكري مصرَ ومثقفيها، بعد حادث المنشية عام 1954. فهل في الوجود أبلغُ من تلك العبارة انطباقًا على اللحظة المُرّة التي تحياها مصرُ الآن؟
أكتبُ إليكم صباح السبت 15 ديسمبر. يومَ عيد! أو المفترض أن يكون عيدًا. يوم التصويت على أول دستور يكتبه المصريون بعد الثورة. لكنه لا يومُ عيد، ولا كتبه المصريون. بل يوم شقاق وحزَن على دستور كتبته أقليةٌ استقوت علينا بالعنجهية والسلاح وطول اللسان! فحسبنا الله في رئيس تفرعن وهو في مهد الحكم، وفي جماعة حوّلت فرحنا إلى مآتم شهداء، وبياض ثورتنا إلى تناحر وبُغضة.
قرأتُ كثيرًا عن أدبيات الإخوان وعرفتُ طبيعة "الكود" الإنساني الذي يحرّكهم. لهذا حذَّرتُ منهم حين استشعرتُ خطرَ استحواذهم على 88 مقعدًا في برلمان 2005. ألم يقل غاندي: "الشاعرُ هو الحارسُ الذي يحذّرنا من اقتراب أعداء مثل: التعصّب، اللامبالاة، اللاتسامح، الجهل، الخمول، وهلمّ جرا من عُصبةِ الصفات تلك." والآن أعترفُ أن القراءةَ ودراسة التاريخ، غيرُ التجربة والمعاينة. فالواقعُ الذي أراه، ونراه جميعُنا اليوم، أشدُّ مُرًّا وقتامةً من كل ما قرأتُ عنهم من كتب تصفُ رِخَصَ قيمة "الوطن"، وقيمة "الإنسان" في أدبياتهم. ليس "غير الإخوانيّ" وحسب، هو الرخيصُ في ميزانهم، بل حتى "الإخوانيّ" الذي تُسوّل له نفسُه أن يناقش مرشدَهم. لهذا قال حسن البنا، معلمهم الأول: "اِسمعْ المرشدَ وطِع. خطأُ المرشد أفضلُ من صوابك"! أولئك المنشقّون كان مصيرَهم القتلُ والتفجيرُ، وكان المرشد يخرج لينعيهم وهو يبكي أمام الناس. عديدُ الكتب تحملُ تلك الحكايا الدامية، لمن يريد أن يقرأ تاريخَ الجماعة التي تخرِّبُ مصرَ اليوم. كنّا نُحذِّر مَن لم يقرأ تاريخهم، لأننا ببساطة قرأناه. لكن يبدو أن الكيَّ بالنار الحيّة، كان ضرورةً لكي نتعلم، ما رفضنا نتعلّمه من الكتب والمدوّنات.
ما طبيعةُ هذا الكود؟ دعنا نقرأ ما كتبه الإخواني سيد قطب في كتاب: "في ظلال القرآن الكريم": "ليس أشدَّ إفسادًا للفطرة من الذُّلّ الذي يُنشئه الطغيانُ الطويل؛ فترى أخلاقَ العبيد: استخزاءً تحت سَوط الجلاد، وتمردًا حين يُرفع عنها السَّوط." فهل أفسدت سنواتُ الإقصاء فطرةَ ذلك الفصيل الذي فرحنا بخروجه للحياة السياسية ومشاركته في بناء مصر، وبمجرد أن تسيّدوا تجبّروا فأقصونا وكفّرونا وعذّبونا وقتلونا، وأدموا ثورتنا، وسوّدوا أيامَنا؟ منحونا جزاءَ سنمار! هؤلاء هم الإخوان.
"كانت مصرُ أكرمَ على الله من أن يُردُّ ابتهاجُها إلى بؤسٍ، وسرورُها إلى حزن، وأن يُحيلَ أعيادَها البيضَ إلى أيامِ حدادٍ سود." ذاك مقتطفٌ من كتاب "هؤلاء هم الإخوان المسلمون"، الذي كتبه د.طه حسين ونخبةٌ من مفكري مصرَ ومثقفيها، بعد حادث المنشية عام 1954. فهل في الوجود أبلغُ من تلك العبارة انطباقًا على اللحظة المُرّة التي تحياها مصرُ الآن؟
أكتبُ إليكم صباح السبت 15 ديسمبر. يومَ عيد! أو المفترض أن يكون عيدًا. يوم التصويت على أول دستور يكتبه المصريون بعد الثورة. لكنه لا يومُ عيد، ولا كتبه المصريون. بل يوم شقاق وحزَن على دستور كتبته أقليةٌ استقوت علينا بالعنجهية والسلاح وطول اللسان! فحسبنا الله في رئيس تفرعن وهو في مهد الحكم، وفي جماعة حوّلت فرحنا إلى مآتم شهداء، وبياض ثورتنا إلى تناحر وبُغضة.
قرأتُ كثيرًا عن أدبيات الإخوان وعرفتُ طبيعة "الكود" الإنساني الذي يحرّكهم. لهذا حذَّرتُ منهم حين استشعرتُ خطرَ استحواذهم على 88 مقعدًا في برلمان 2005. ألم يقل غاندي: "الشاعرُ هو الحارسُ الذي يحذّرنا من اقتراب أعداء مثل: التعصّب، اللامبالاة، اللاتسامح، الجهل، الخمول، وهلمّ جرا من عُصبةِ الصفات تلك." والآن أعترفُ أن القراءةَ ودراسة التاريخ، غيرُ التجربة والمعاينة. فالواقعُ الذي أراه، ونراه جميعُنا اليوم، أشدُّ مُرًّا وقتامةً من كل ما قرأتُ عنهم من كتب تصفُ رِخَصَ قيمة "الوطن"، وقيمة "الإنسان" في أدبياتهم. ليس "غير الإخوانيّ" وحسب، هو الرخيصُ في ميزانهم، بل حتى "الإخوانيّ" الذي تُسوّل له نفسُه أن يناقش مرشدَهم. لهذا قال حسن البنا، معلمهم الأول: "اِسمعْ المرشدَ وطِع. خطأُ المرشد أفضلُ من صوابك"! أولئك المنشقّون كان مصيرَهم القتلُ والتفجيرُ، وكان المرشد يخرج لينعيهم وهو يبكي أمام الناس. عديدُ الكتب تحملُ تلك الحكايا الدامية، لمن يريد أن يقرأ تاريخَ الجماعة التي تخرِّبُ مصرَ اليوم. كنّا نُحذِّر مَن لم يقرأ تاريخهم، لأننا ببساطة قرأناه. لكن يبدو أن الكيَّ بالنار الحيّة، كان ضرورةً لكي نتعلم، ما رفضنا نتعلّمه من الكتب والمدوّنات.
ما طبيعةُ هذا الكود؟ دعنا نقرأ ما كتبه الإخواني سيد قطب في كتاب: "في ظلال القرآن الكريم": "ليس أشدَّ إفسادًا للفطرة من الذُّلّ الذي يُنشئه الطغيانُ الطويل؛ فترى أخلاقَ العبيد: استخزاءً تحت سَوط الجلاد، وتمردًا حين يُرفع عنها السَّوط." فهل أفسدت سنواتُ الإقصاء فطرةَ ذلك الفصيل الذي فرحنا بخروجه للحياة السياسية ومشاركته في بناء مصر، وبمجرد أن تسيّدوا تجبّروا فأقصونا وكفّرونا وعذّبونا وقتلونا، وأدموا ثورتنا، وسوّدوا أيامَنا؟ منحونا جزاءَ سنمار! هؤلاء هم الإخوان.
Published on December 18, 2012 03:10
•
Tags:
politics
No comments have been added yet.


