قال الكاتب الكبير (محمد عفيفي) ذات مرة : "ليس الثمن المكتوب على غلاف الكتاب هو الذي يحدد قيمته ، فرُبَّ كتابٍ يُباع غالياً ولا يزال مع ذلك كتاباً رخيصاً "
* * * *
نعم .. توجد فوضى واضحة في عملية النشر .. فمِن حول أصحاب المواهب النظيفة التي تنبت بين حينٍ وآخر ، يتكاثر من هم ليسوا كذلك .. ترى الآن كل شخص يكتب في أي شئ ، ويقتحم بجرأةٍ مجالاتٍ لا ناقة له فيها ولا جمل .. الإلحاد وقضايا الديانات لم تعد تخص الفلاسفة وكبار المفكرين كما كانت في السابق .. أنت الآن في 2010 ، حيث لا عجب في أن يرسل لك صديقك (تيكست) كتابه الجديد على (الإيميل) الذي يحوي أفكاره بشأن الإسلام ، ووجود الله ، وما لا يعجبه في المسيحية ، وما يستهويه في البوذية !!!
هذه الأمور التي كانت تشغل الخاصة ، قد أصبحت مشاعاً للعامة ، وفي متناول يد الجميع !
ما هي الموضة في رأيك هذه الأيام ؟ الأدب الساخر ؟ .. فلنكتب كتاباً ساخراً ، والخلطة معروفة : شوية تريقة على أوضاع البلد + توضيب نكت على كم مسئول على حبة أباحة .. وتصير محط الأنظار !
فلتكتب ما تشاء ما دمتَ تدفع !
فلتساهم في تشكيل وعي وثقافة هذا الجيل ما دمتَ تدفع !
هل أنت أهلٌ لهذا ام لا ؟
لا يهم ، فأنت تدفع !
لهذا أحترم - وبشدة - دور النشر ، على قلتها ، التي ترى أن النشر فعلاً رسالة خطيرة لا تقل في أهميتها عن أي رسالة إبداعية أخرى .. بل ربما أخطر .. لأن النشر هو من يوصل هذا الإبداع للناس .. ويجب أن يملك الناشر هذه الحاسة كما يملك آلة حاسبة !
القضية ليست في تعدد دور النشر .. كل المشكلة تكمن في خلل مفهوم النشر نفسه لدى الكثيرين ممن يمارسون هذا العمل ..وأعتقد أن الكثيرين من أبناء جيلي الذين خاضوا تجربة النشر يتفقون معي في هذا ..
أعترف أني لا أمتلك الخبرة التي تكفي لتجعلني أصدر أحكاماً في هذا الموضوع .. لكن سوء الوضع يمكن ملاحظته بسهولة !
أعرف أنه في الخارج توجد مؤسسات أدبية وثقافية تعتني بالكاتب ، وتعتبره مشروعها الخاص .. تتبنى موهبته وتروّج له ، وتتولى كل أمور الطباعة والنشر والدعاية والإعلان من الألف إلى الياء .. هذه الصورة - التي تحول الكتّاب هناك إلى كيانات ثقافية تُحترم - هي صورة مشرفة طبعاً .. هذه الصورة يفكر فيها كل كاتب هنا في مصر وهو يتنهد حالماً بغدِ مشرق وعالمٍ أفضل !
أحمد صبري غباشي
Published on February 20, 2010 00:11
فأنا عندما أبحث عن كتاب جديد - بخلاف كتب الكتاب "الكبار" - أتحقق أولاً من دار النشر، فإن كانت أهلاً للثقة كان بها ، و إلا صرفت نظري غالباً عن الكتاب إلى غيره..
طبعاً ليس هذا بالمقياس الصائب لجودة الكتاب، و لكنني أيضاً معذور وسط الكم الهائل من الكتب ذات الأسعار الفلكية، و الأغلفة المبهرة ،و المحتوى الأجوف غالباً..
إذاً فدار النشر التي تنشر أي شيء تتخلى عن مصداقيتها ، و بالتالي عن قراءها..
لكن المشكلة أيضاً عندما يحذو النقاد حذوي كقاريء!! فيلتفون حول الدور المشهورة و كتابها ، بينما هناك مواهب جديدة تتفتح في الظل، منتظره فقط القليل من الضوء..
باختصار رأيي أن تفتح دور النشر الشهيرة - و ذات "الذمة"- أذرعها للمواهب التي تستحق ، و أن يوسع النقاد دائرة قراءاتهم .. و بهذا تتخص دور النشر دون المستوى في الكتابات المماثلة لها ، فإن ظهرت وسط تلك الكتابات موهبة حقيقية يتم اقتناصها فوراً.. و بهذا نمنع " الخلط
^_^"
******
- اقتباس
"ليس الثمن المكتوب على غلاف الكتاب هو الذي يحدد قيمته ، فرُبَّ كتابٍ يُباع غالياً ولا يزال مع ذلك كتاباً رخيصاً "
- اقتباس
بل احياناً أظن أن العكس هو الصحيح: أن الكتب الجيدة هي الأقل ثمناً! و دليلي أن معظم الكتب الشهيرة عالمياً متوافرة على الشبكة مجاناً ^_^
مقال جميل و أسلوب راقي جزاك الله خيراً عليهما ^_^
و عذراً هلى الإطالة و واستطرادي إلى ما ليس في صلب الموضوع
و في رعاية الله