نضحك على بعض!
أنا مدين بالشكر للإخوة الزملاء في صحيفتي «الرياض» و«الجزيرة»، الحقيقة أنني استمتعت بما دار بينهما حول دراسة عن «الأكثر انتشاراً» قامت بها شركة لبنانية. وجه المتعة هنا جاء من كسر لأعراف صحافية سائدة بعدم نقد الصحف بعضها البعض، وإلى زمن قريب كان التدقيق في خبر منشور يحسب من الصحيفة كموقف ضدها، وعلى أساسه يبنى موقف مضاد للكاتب والصحيفة الأخرى، أيضاً «النقاش» بين الصحيفتين العريقتين ساهم في إخراجي من الصندوق، ليس صندوق النقد الدولي، بل صندوق قضايانا التي أطرحها في ما أكتب كل يوم.
ولأنني «مدين» كما أشرت بالخروج من ذلك الصندوق الذي يضيق يوماً بعد يوم! والاستمتاع ولو للحظات بقراءة ما نشر، قررت تسديد الدين بمقال يحمل رأياً حول الصفوف الأولى التي يسعى لها – ركضاً – الكثير منا.
الأكثر انتشاراً لا تختلف كثيراً عن الجوائز المتوالدة كالشخصيات الأكثر تأثيراً، والأكثر ثروة أو حتى متابعة في «تويتر»، والمراتب المتقدمة التي حصلت عليها جهات حكومية إلخ وهذه أهم، ومربط الفرس هنا هو تصيّد من يبحث عن صدارة من أي وجه كانت، سواء أكانوا أفراداً أم جهات خاصة أم حكومية، وتقديم ما يريدون لهم بحقه.
والصحف هنا تقع في ما وقعت فيه الهيئة العامة للاستثمار في عهدها السابق والجامعات السعودية وغيرها من جهات انكشفت «إنجازاتها»، فالمصداقية في عالمنا العربي مقترنة بمستوى الشفافية فانظر في أي درك هو.
ولا تختلف عن ذلك كثيراً الجوائز التي تمنحها منتديات من بلاد تعتمد على السياحة أو السياسة، لأن الغرض منها الترويج للبلاد نفسها أو مصالحها، من خلال حفل تسلّط عليه الأضواء ويحصل على حيّز كبير في إعلام آخر، وبحكم إسرافنا في هذا الأمر تحولنا إلى بحيرة استقطاب، تحرص وربما تستميت فئات وجهات منه للحصول على مرتبة متقدمة تضعها في الصفوف الأولى ولو اسمياً.
والنصيحة إن كان هناك منصت لها، تتلخص في التوقف عن نشر كل ما يتعلق بالأكثر توزيعاً أو تأثيراً أو نجومية أو ريادة أعمال أو قدرات إدارية فذّة لم تكتشف إلا من شركة علاقات عامة، لنترك الجمهور دون محاولة السطو على ذائقته أو السماح باستغلاله أو الادعاء بمعرفة دواخله، والأعمال تثبت نفسها من دون حاجة للرقص حولها، لنتوقف عن توفير فرص لآخرين أغلبهم في الخارج من مجلات أو مكاتب وشركات أو حتى بلدان تتلاعب بإعلامنا يميناً ويساراً، حتى أصبحنا بحيرة استقطاب لمن شاء، والإعلام المحلي يساهم في ذلك، فإن كان لا يعلم فمصيبة، وإن كان يعلم فالمصيبة أكثر انتشاراً.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

