في بحبوحة الدولة المدنيةغالب أمري يكون من الضروري سحب الك...


في بحبوحة الدولة المدنية
غالب أمري يكون من الضروري سحب الكهرباء من المذياع المرئي لتحصين نفسي ضد هجمات "التوك شو"، مطحنة الرغي في لغتنا الصحيحة، التي يبثها المذكور بكل قنواته وفضائياته؛ تخرج كل ربابة بموالها يعزف عازفها ويغني منشدها الإجترارات البدهية بأصنافها المتعددة التي، في عمري هذا الطويل، خبرتها وحفظتها أذناي، حتى الملل، مع مرور حقب الزمان وعقود السنين. لا تعديل في المنطق، ولا تصويبات للأخطاء، ولا تصحيحات للزور والبهتان، ولا اهتمام يراعى جراح البلاد والعباد، الجديد فحسب هو اتساع رقعة منصات انطلاق متفجرات الكلام الخارجة من حاويات الأذى، التي كانت محدودة ومحصورة بقصور الإمكانيات في عقود الأربعينات حتى التسعينات من القرن العشرين إلى أن فتحت الألفية الثانية مغاليق الصناديق، وهو ماتم تسميته "ثورة الإتصالات"، وطارت وطاويطها من محابسها لتلبس في وجوهنا صباح مساء توسوس وتصوصو وتصفر وتنهش وتمصمص ولا مجال لطردها ولو بالطبل البلدي.
شعوذة "الإسلام فوبيا" تتسع وتنشط وتبذل الجهد مستغيثة بـ "الوسطية" و "الدولة المدنية"، كأن مصر، بكل مهرجاناتها الفنية التي تلبس فيها فناناتها "من غير هدوم"، تعاني من التزمت حتى يتوجب علينا النصح بـ "الوسطية" دفعا لخطر الدولة الدينية الوهمية التي مافتئ بعض الزاعمين يدّعي بأنها تناطح الدولة المدنية القائمة  منذ زمن ولا ينقصها قول مغن: "عمّاله أدوّر عليك أتاريك هنا جنبي"!
أنطلق إلى شريط أغنيات لعبد الوهاب أتفاكه مع مواله: "مسكين وحالي عدم" وحتى تبدأ "النيل نجاشي حليوه أسمر" أكون قد وصلت مع صوته الشجي إلى كلمات الشاعر شوقي العابثة: "جات الفلوكة والملاّح ونزلنا و ركبنا، ... ودارت الألحان والراح، (أي الخمر)، وسمعنا وشربنا......هيلا هوب هيلا... صلّح لي قلوعك ياريّس..."!
هذا المجون مع الغرام والشراب الذي ساقه شوقي وصفا إلى أسماعنا في بحبوحة الدولة المدنية، على مدى مايقرب من قرن، لم يمنعه من التضرع إلى الله سبحانه بالدعاء:
"وقى الأرض شر مقاديره،لطيف السماء ورحمانها،ونجى الكنانة من فتنة ،تهددت النيل نيرانها"!
بهذا الجمع بين النقيضين نعترف: "هيّ دي مصر يا عبلة"!


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on August 31, 2012 07:18
No comments have been added yet.