منمنمات الذكــريـــــات

جلست على الاريكة تراقب صغيرها ذو السنوات الاربع يلاعب كبيرها صاحب الستة عشر عاماً الكرة في صالة المنزل، تعمدت في كل مرة أن تمد قدمها لتمنع هدفاً للكبير في مرمى الصغير التي جلست بجواره تحرسه، دون دوراً في اللعبة.وبعد مايزيد عن ثلاثة عقود ونصف، جلست في نفس الصالة بعد أن اقعدها السن عن الحركة، تتابع التليفزيون وصغيرها الذي صار كبيراً يلاعب طفله ذا السنوات الاربع مباراة في الكرة، هذه المرة منعت قدمها أهدافاً في مرمى الصغير الذي صار كبيراً لكن دون أن تدري، فقط اكتفت بالتألم من إصطدام الكرة بقدمها، وكأن هذه الأم قد كتب عليها القدر أن تحرس ولدها طيلة العمر.************
سرحت بخيالها بعيداً ثم داعبت شعرها المتمرد قبل أن تبتسم وتقول : لم أتخيل أبداً أن أكتب يوماً فيلماً رومانسياً، إلا عندما قابلتك، ووقعت في غرامك.ابتسم هو في سعادة، ولكن ياترى بعد أن رحلت دون سبب معروف، هل مازالت تستطيع كتابة هذا الفيلم.
***********
مارس "التمشية" للمرة الأخيرة في شوارع حي الزمالك في مطلع صيف مضى، يمر بنفس تلك الشوارع الآن، يسأل الاشجار دون خجل : أين وارت أثار أقدامهما؟تكتفي الاشجار بدورها المرسوم الساكن بعد أن رفض الهواء القيام بدور "المخرج" ليدفعها إلى الحركةيمضي وحيداً يكرر سؤاله دون إجابة.
************
يضغط على القلم بشدة وهو يكتب، وكأن هناك ثأراً مابينه وبين الأوراق، تتحمله الأوراق على أمل أن تحمل فكرة أو قيمة، يتذكر كل مرة خط فيها حروفاً من قلبه، يشعر بالرأفة هذه المرة على الورقة، فيمتنع نهائياً عن الكتابة.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on August 11, 2012 18:25
No comments have been added yet.