شمسنا غير!
في عام 2006، نُشر رسم تخيلي وصورة افتراضية لمشروع أو حلم راود كل من برتران بيكار وأندري بورشبرغ.
الحلم كان تصميم طائرة شمسية سويسرية تطير من دون نقطة وقود، إذ تعتمد 100 في المئة على الطاقة الشمسية، وبعد سلسلة تجارب خلال السنوات السبع، أصبحت الطائرة الافتراضية حقيقة واقعة تطير في السماء، واختتمت تجاربها أخيراً بإنجاز باهر، إذ قطعت 2500 كيلومتر، حيث أقلعت من سويسرا لتهبط في مدريد، ثم واصلت الرحلة إلى العاصمة المغربية. ما زالت الطائرة في مرحلة التجارب، لكن النجاح والتقدم واضحان للعيان. والفترة التي تحوّل فيها الرسم التخيلي إلى حقيقة ملموسة هي المدة نفسها «أو أقل» التي نحتاج إليها لإنشاء مبنى أو حفر نفق أو إصلاح طريق للتو تم إصلاحه! والتميّز في التجربة السويسرية أنه لم ترافقها عند البداية وحتى حين الوصول لهذه النتيجة «زفة وطق طبول»، أما في بلادنا، فإن الاحتفالات دائماً تكون حول الافتراضي والمجسمات وهي ما زالت على الورق أو في «هارد دسك» الكومبيوتر. والميزة الثانية في الافتراضي عند الغرب، وهو مشروع سيحقق تغييراً كبيراً في العالم، أنه لم يُطرح للاكتتاب، ولم يظهر أحد يوقّع عقوداً أمام فلاشات الكاميرات، أو يتحدث عن عدد الطائرات التي ستنتج قبل التحليق. وفي الأخبار التي نشرت عن الطائرة الشمسية، لم يتم التركيز على الأولوية، على رغم أنها ظاهرة حاضرة. تذكرتُ وأنا أشاهد صور الطائرة وهي تنمو من الرسم التخيلي إلى النموذج الفعلي المحلق في السماء، سيارةَ غزال من جهة، والمدنَ الاقتصادية التي قيل إنها ستوفر عشرات آلاف الوظائف من جهة أخرى، ومشاريعَ كثيرة غيرَها مما يصعب سردها. ولماذا أذهب إلى هذه المشاريع وردم الحفر لدينا أصعب من حفرها، وكل جهة تلقي باللائمة على أخرى، بل حتى أننا في الاستيراد والتركيب لا نفلح، وأمامنا قصة القطارات الإسبانية شاهدة؟ فما هي مشكلتنا؟
أما عند الحديث عن الطاقة الشمسية الواعدة وطرحها للنقاش، فسيجري تقزيمها، والتقليل من إمكاناتها، التي ها هي ذي تحلق بطائرة لمدة طويلة وبجهود شبه فردية. ربما سيقال… إن شمسهم غير شمسنا!
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

