«لا يخمّوك»

مثلما يتم تلقي الركبان استغلالاً لجهلهم بواقع السوق وأسعار البيع والشراء، ينتهز بعض المتذاكين في الجهاز الإداري فرصة تعيين مسؤول جديد ليكونوا أول صلة وصل له بإدارة تولى مسؤوليتها.

في الغالب للمتذاكي من هذه الفئة هدف استراتيجي محدد في الحفاظ على مكتسبات شخصية وطموح لأعلى منها، ومن تكتيكات الاستدراج لشبكة العنكبوت، المبادرة أو التطوع لتقديم معلومات، هنا يأتي دور الذمة والصدق لدى المبادر، وأخطر نوع من هذه الفئة المتذاكية من يبدأ بانتقاد الإدارة السابقة أو المسؤول الأبرز فيها حتى ولو كان قريباً منها في عزها، مبيناً أنه كان على خلاف معها لرفضها التطوير الذي كان يحمل مشعله المنير، ثم يأتي بأمثلة على نماذج فشل كان ضدها من دون شهود وحقائق، وقد يكون أول من صفق لها حينذاك، ويتفوق المتذاكي على نفسه حين يؤكد أنه كان يتمنى المسؤول الجديد في هذا الموقع أو حلم به ثلاث ليال متتابعات، ويستطيع مثل هؤلاء المتذاكين غسل الأدمغة كل ما كانت طرية، وهو أخطر من غسيل الأموال، ولأن المسؤول الجديد على الريق يمكنهم تقديم «الترويقة» المناسبة له. أبسط الأمور حشر معلومة سلبية عن أشخاص أو قضايا في تلافيف الدماغ، ليتحولوا مع الالتصاق إلى الصلة الوحيدة المؤتمنة ومحل الثقة بين المسؤول الجديد وما يديره من خدمات وموظفين، ويبرع أولئك في الأحاديث «الخاصة»، تلك التي تهمس همساً وتوشوش وشوشة مع حرص على «نفثها» في وقت خاص مختصر أحياناً وأمام العموم في أحيان أخرى، غالباً يسبق الإدلاء بها تلفت يمنة ويسرة في إشارة إلى سريتها، وأنها لم تقل إلا «لمعزة ومقام» من قيلت له، ويحقق الهمس في أذن المسؤول وسط الحضور رسالة لهم تخبر عن خاصية الثقة وعمق العلاقة، والمتذاكون يجدون بغيتهم وصيدهم إذا كان المسؤول الهدف، متوجساً يرخي أذنيه متلذذاً بالهمس، يرى فيه اكتشافاً ودراية بأسرار مهمة محجوبة عنه، والمهارة هنا في أن المتذاكي صنع من نفسه مستشاراً ومرجعاً تتم العودة إليه من دون تعيين، عندها يصبح المسؤول الجديد أسيراً لخريطة طريق رسمت له يتبع المرشد مثل خاتم في الإصبع يدار ولا يدير.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 14, 2012 02:25
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.