ضحك القطار

لا يصل الإنسان لحدود السخرية والتنكيت على حوادث ومآسي إلا بعد تشبعه إحباطاً من وعود بانفراجات، وحادثة القطار الأخيرة بضحاياها من مصابين نتمنى لهم السلامة، مصابون لا يُعرف عددهم بالضبط لاختلاف الأرقام، وهو اختلاف سنعود له لاحقاً.

هذه الحادثة الجديدة سببها الساخر كما يتداوله البعض أن القطار وهو يلهث بركابه أنصت إلى حديث بين راكبين، كان الأول يتحدث إلى الثاني بحماس يشبه حماس متحدث رسمي، عن مشاريع شبكة القطارات الجديدة والحديثة وأنها على أعلى مستوى، فانقلب القطار القديم من الضحك!. لابد أن «أعلى مستوى» هي القشة التي دفعت القطار للانقلاب من الضحك، ولم يعرف هل كان يضحك علينا أم منا؟. خدمة القطار الطويلة تعني تجربة محترمة ودراية بواقع الحال في مؤسسة يتبع لها، قد يكون مثل بعض الموظفين القدامى الذين خبروا مواقعهم، فأصبح الأرشيف بدهاليزه في رؤوسهم، وكلما جاءت لحظة التقاعد اُستدعي مرة أخرى لمواصلة الخدمة، ليوافق بمنة وهو يضحك، ولا اتفق مع الذين ذهبوا إلى أن القطار حاول الانتحار بالانقلاب، والسبب أنه قطار عركته السكة الحديدية و ابن البيئة الإدارية، وأذكى من الشروع في جريمة مثل الانتحار، كما لم يستجد عليه شيء، ولو كان من القطارات الجديدة لأمكن توقع تصرفٍ أرعن من ذلك النوع، بسبب الصدمة الحضارية.

وإذا أردت معرفة واقع القطار القديم انظر إلى التعامل مع الجديد الحديث، ولا أفضل من قراءة ما نشر في الصحف عن نتائج تحقيقات هيئة مكافحة الفساد عن إخفاق القطارات الجديدة وإيقافها عن العمل، وأوردت «نزاهة» عدداً من الأسباب كلها تتحملها مؤسسة السكة الحديدية، والمشكلة ليست في جلب أو استقدام، والتعاقد مع أحدث المواصفات وبيوت الخبرة الاستشارية وما توصل إليه العالم الأول من المخترعات والتقنيات، بل في الإشراف على ذلك للحصول منه على أعلى فائدة مقابل مالٍ دُفع، هنا مربط الفرس وربما سبب انقلاب القطار من ضحك كالبكاء.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 30, 2012 02:28
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.