ناقة صالحة: الرواية. الحقيقة. المرأة.
-١-
"أفقالحدث" في الفيزياء لا تخرج منه معلومة، ولا تدخل إليه معلومة. أفق حدث هذهالرواية يحيط بما مقداره ٤٠ سنة، قبل العلم وبعد العلم، أما بينهما "فيالعلم"، فهو ثقب أسود أو ثقب دودي يصل بين نقطتين مختلفتين من الزمان،والسبيل لمعرفة ما حصل أو يحصل بين النقطتين. "العلم عند الله"
-٢-
"الوصول؛أكثر مشقة من الرحيل.."
"الطريقةالتي يمثل بها نيتشه بأول عرض لفكرة العود الأبدي وهي "العبء الأعظم"،توضح أن الفكرة العظيمة هذه، هي أيضًا أكثر ما يجلب العبء من الأفكار". –هايدغر
"أراك تكرهالمكوث في البلدة، ولكنك تحرص على زيارتها كل موسم"
-٣-
يذكرلنا نيتشه على لسان عزيزه زرادشت ثلاث تحولات للروح (أو العقل حسب ترجمة أخرى)،تحول الروح إلى جمل، وتحول الجمل إلى أسد، والأسد في النهاية إلى طفل. أعرج علىأمر آخر قبل التعرض إلى هذه التحولات، وهو أن قراءة نيتشه لا يجب أن تقوم بها وأنتعابس أو جدي مفرط في الجدية، ففلسفة نيتشه عصية على التلخيص والتناقل الميسر،بل إنه لربما يؤدي إلى فلسفية (ما وراء الخير والشر، نيتشه، من تقديم موسى وهبه)،أما بالنسبة لسعود السنعوسي فقراءة لا يجب أن تتم بجدية كبيرة، بل تقرأ بلا مشاعرمسبقة ولا آمال متوقعة. أعود إلى التحول الأول من تحولات الروح الذي تبدى فيالرواية على شكل ناقة عوضًا عن جمل، تأنيث بمقتضى الحال، كون المعنية بالأمرامرأة، التي افترضها نيتشه أن تكون هي الحقيقة، ومنه تساءل عن رجحان الظن بأن جميعالفلاسفة أساءوا فهم النساء! والأكثر من ذلك أن كل سبلهم كانت غير لائقة بجنتلمانفإنهم سعوا إليها بوجه عبوس وإلحاح غشيم! في النهاية هي لاستمالة امرأة أوللتقرب منها! هذه أنثى نيتشه أما عند السنعوسي فهي التي "تكذب لكي تقولالحقيقة"، فقل لي بربك كيف يدركها القارئ بشكل لائق ولبق، كيف له أن يقتربمنها بغير ما رمينا إليه من انعدام المشاعر ووأد الآمال.
ناقةصالحة، التحول الأول إلى روح صالحة. الروح المكابدة التي تتوق للمشقة والتعب التيتتساءل عن أي الهموم أثقل لتحملها، أفقد الأم ساعة الولادة؟ أم حرمانها من الزواجبحبيبها؟ أم انعدام التفهم المحيط بها؟ حملت كل ذلك وسارت به بلا هوادة. صالحةالتي تعاني من اضطراب بالشخصية على ما يبدو فكل تفصيل من حياتها تدعم أنها تعانيمن ذلك، اندفاعية وعدم استقرار بالعلاقة وانعدام الرغبة الجنسية، الكذب المرضي فيسرد الرواية... تكذب لا لكي تنجو من عذاب لا لتستفيد بل تكذب لتقول الحقيقة، لربماكذب مرضي! واكتئاب ما بعد الولادة، وانجذابها لفكرة انتحارية، وتطبيقها.. هلطبقتها؟؟ هذه الروح/الناقة انطلقت في تحولها الأول المكابد نحو الصحراء، بنحومطابق لتوصيف نيتشه. تحولت بعد ذلك روح صالحة لروح صالحة للموقف، تحولت إلى لبوةتنطلق إلى حريتها وإلى محبوبها، وخلال هذا التحول تمظهرت اللبوة التي تريدالاشتباك مع أعظم عدو مع أعظم تنين (هكذا تكلم زرادشت، نيتشه)، ولكنها فتكتبصالحة. وكأن لاءها المقدسة (هكذا تكلم زرادشت، "اكتساب الحرية وإعلان اللاالمقدسة تجاه الواجب أيضًا – هو ما يحتاج إليه الأسد") وجهت لذاتها وحياتهافأنهتها كصورة في بيت شعر مفقود. أما التحول الثالث للروح.. الطفل فليت شعر هل قتلفي مهدها أم كان في البداية وليس في النهاية.. أليس من الممكن أنه هو من دفع صالحةبـ نعم مقدسة تجاه دخيل! وإلا ما الذي جعله يتغزل بخالات على ظهر فتاة! (ناقةصالحة، ابحث) "العلم عند الله"
-٤-
الروايةفي بنيتها تشبه الثقب الأسود محاط بأفق حدثه، معلوم يحيط غيب محجوب، ندخله ونخرجبزمن آخر من ثقب آخر، نحاول إعادة النظر فنرى أفق الحدث ذاته ولا علم يخرج من قلبالثقب الأسود.
-٥-
منحيث الراوي الشيخ محمد – دخيل – صالحة – دخيل – الشيخ محمد. الشيخ محمد وعودهالأبدي للمقبرة وتعديل ميل العقال، تمييل العقال وتعديله دلالة العود الأبدي للحربوالسلم (العلم المرح، نيتشه) وكأن نيتشه هنا يخاطب الشيخ محمد، "تحرم علىنفسك عند حكمة نهائية وخير نهائي وسلطة أعلى فليس للقبيلة سلطة عليه منذ لجوئكإلى الكويت، ما من صديق يرعاك في أحوال وحدتك ذات الوجوه العديدة فتارة أنتمحمد بن عبدالله وتارة الشيخ محمد هل أنت أحدهما حقًا أم أنك الإثنين، تحيادون التطلع إلى جبل أمامك قمته ملتحفة بالجليد وقلبه يضطرم نارًا وهذا الجبلأنت وهذا الجبل هو الرواية بعلمها وغيبها بقبل العلم والعلم وبعد العلم، وآه يانار العلم. لم يعد لديك طالب ثأر ولا مصلح، ما من معقولية فيما حدث وما من حبفيما سيحدث لك." (العلم المرح، نيتشه).
-٦-
فالح..."العلم عند الله"


