قراءةُ وعي ـ نورالدين كيانوري ـ سكرتير عام حزب توده

قراءةُ وعي ـ نورالدين كيانوري ـ سكرتير عام حزب توده
عبدالله خليفة كاتب وروائي
تلعب القوى الديمقراطية والتقدمية أدواراً مهمة في تحقيق التحولات في حياة مجتمعات الخليج وإيران والعراق، هذه البلدان التي تتقارب عملياتها الاجتماعية والسياسية وتحدث بينها إشكاليات مشتركة بسبب الماضي المحافظ ومغامرات النظام الإيراني الحالية.
ويمثل ميراث الأحزاب التقدمية الشمولي ثم تذبذبها وإنتهازيتها عوائق كبيرة لتحولها ولرفد المنطقة بقوى نضال مجربة وتوحيد الشعوب درءً لحربٍ يطبخها النظام الإيراني ووقودها الناس والمؤسسات الاقتصادية والبيئة والحياة.
ويعطينا نموذجُ حزب الشعب الإيراني (توده) تجربة مهمة بهذا الصدد، خاصةً حين يقوي مثل هذا الحزب دوره ويساهمُ في توحيد القوى الليبرالية والقومية والإسلامية والتقدمية ضد أخطار الحرب المحتملة فيعود لموقعه الهام لوضع حد لحكم دكتاتوري ظلامي أرهق الشعوب ويعدها لكوارث هائلة.
لقد قاوم هذا الحزب نفسه عمليات توسيع الحرب الإيرانية- العراقية ونقلها لداخل العراق، فبدأت ضده حربٌ خاصة، وتمت عبر
الفبركات التلفزيونية وبالإدعاء بمؤامرات غير موجودة شملت كافة التيارات اليسارية والليبرالية والدينية، كحركة نهضة الحرية وغيرها.
وتم كذلك القيام بتفجيرات وإتهام المعارضين بها ويذكرنا هذا بالطريقة الحكومية السورية لذبح المعارضة، وقد قُمعت الأحزابُ والشخصيات الوطنية الإيرانية بشكل دموي، وهو أسلوب سوف يتفجر أثناء الإنتفاضة ضد تزييف الانتخابات ويتوسع في سوريا ضد الثورة.
ولكن النظام العسكري الفاشي تم تصعيده من قبل الجماهير الأمية والمخدوعة ومن قبل حزب الشعب الإيراني (توده) نفسه!
يهمنا هنا قراءةُ وعي كيانوري سكرتير عام حزب توده المسئول عن هذه السياسة والذي كان في السجن ومتهم من قبل النظام الدكتاتوري ثم يُعدم بعد ذلك وقد تم تعذيب أهله ورفاقه، فإستطاعت الفاشية الحاكمة أن تضرب مختلف القوى السياسية وتستغل صراعاتها وتستغل بحقد ضار كهنويتها وظلاميتها في سحل التقدميين الأعداء الألداء لها الذين فضحوا إستغلالها للمؤمنين.
يقول كيانوري في رسالةٍ مطولة للمرشد يطلبُ اللجؤ فيها إلى القانون وعدم تعذيبه وأهله ورفاقه وإطلاق سراحه وينفي عن نفسه التآمر مع الاتحاد السوفيتي وقتذاك للإطاحة بالنظام:
(كما تعلمون صيف عام 1988 ميلادية تم إعدام أعداد كبيرة من السجناء في سجون طهران وأوين ورجائي شهر ومن بينهم أعداد كبيرة من السجناء التودويين الذين ليس لهم أدنى علاقة مع مجاهدي خلق، بل بالعكس، فقد كانوا هدفاً لحملات عدائية من قبلهم. ويكمن السبب في هذا العداء ضد السجناء التودويين هو أن السجناء التودويين وحتى أولئك المحكومين بالإعدام كانوا يساندون الجمهورية الإسلامية ونهج الإمام.).
في وعي كيانوري نجد هذه التعميمات المطلقة: الجمهورية، والإسلام، ونهج الإمام، وهي مصطلحات تغيّبُ القراءة الموضوعية للتطور في إيران حيث لا يستطيع قراءة كون نهج المذهبيين السياسيين هنا هو جزء من ثقافة محافظة إقطاعية مغايرة لتطور العناصر الديمقراطية الثورية في الإسلام الأول، ويتوهم بالتالي أن الحكام الحاليين في بلده هم إمتداد لهذا التاريخ.
إن عدم تحليل التاريخ ومساره يتعاضد مع تغييب الطابع الاجتماعي للحكام الطائفيين الذين ظهروا من بين الفئات الريفية المرتبطة بالإقطاع والتي أستولت على الحكم وصعدت آلة الدولة العسكرية.
وهذا مرتبط كذلك بعقلية حزب توده الخاطئة عبر تقييمه الحاد للنظام القمعي الملكي السابق إلى درجة العداء الكلي، وبالتالي السقوط في أحضان الفاشية الدينية وسجونها وآلتها القمعية الضارية.
إن عدم نضاله بصبر وبُعد نظر لتطوير العناصر النهضوية والعصرية في نظام الشاه وعدم رفض الالتحاق بالقوى الدينية الظلامية، أدى إلى أن يصوت لـ(الجمهورية الإسلامية) وهي ليست جمهورية وليست إسلامية. التصويت لهذه الدولة الفاشية جعله يتوهم إمكانيات النضال داخلها وتغيير إتجاهها، بدلاً من أن يطبق نهج التراكم الديمقراطي بدايةً منذ نظام الشاه، الذي لم يصل إلى الدولة الفاشية ولكي يصعد قوى الفئات الوسطى والعمال المتنورة لتجاوزه.
ليس ثمة في النظام الإيراني الحالي (جمهور) يحكم هنا، وليس ثمة نظام ديمقراطي تعددي وبالتالي فإن تسمية الجمهورية غير حقيقية، كذلك ليست ثمة إسلامية بل هو نظام لكبار الملاك المحافظين الطائفيين القامعين لأخوتهم وأخواتهم في الإسلام المفترض الموحد والذين صعدوا (رأسمالية الدولة العسكرية) حيث يهيمنُ الحرسُ فيتركز النضال ضدها من مختلف القوى الوطنية والدول المحبة للسلام. ولهذا فإن اسم الدولة هنا زائف ومؤدلج لخداع المؤمنين البسطاء.
إن عدم قدرة كيانوري لفهم طبيعة الإسلام بتاريخيته وتكون القوى الطائفية الاستغلالية المتحكمة في جماعات المسلمين والمفككة لصفوفهم، تتجسد في تصعيده لها، بدلاً من النفاذ لجوهرها الاجتماعي، ثم بعد أن ظهرت هذه الدولة وتصاعدتْ مخالبُها في لحم الناس، حاول تلميعها والنضال في صفوفها وهو واقع بين هذه المخالب نفسها، مما يعني السذاجة السياسية وإصطياده في بحرها. فكان أن أفترسته.
وبطبيعة الحال لم يكن مصير السكرتير العام فردياً بل جر الحزب وبعضاً من الناس في هذا المسلخ.
كيف يمكن لحزبٍ تقدمي أن يقف مع قوى الإقطاع الدينية؟ هل يكتفي بمعاداتها للغرب والنضال العام من أجل الشعب أم يصر على الديمقراطية والعلمانية والعقلانية كسماتٍ أساسية تكملُ النضالَ الوطني؟
حين يؤيد دكتاتوريتها وإستخدامها للدين كأداة إستغلال وهيمنة إيديولوجية مخدرة للشعب يتناقض ذلك مع العمل معها لغايات سياسية جزئية تستغلها لتصعد وحدها وتفرض دكتاتوريتها السياسية والدينية معاً.
هذه أسئلةٌ كما هي هامة من حصاد الثورة الشعبية الإيرانية المسروقة هي نفسها أسئلة للثورات العربية وهي تقع في نفس الخطأ الكارثي.
(فبعد ثورة فبراير 1979 طرحت قيادة حزب توده التالي: بما أن طبيعة الثورة معادية للامبريالية علينا القبول بحقيقة ان النظام الذي وصل الى السلطة بعد ثورة فبراير 1979 ذو طبيعة تقدمية. فهو ما أنفك يحاربُ ضد الامبريالية التي تتأمر بكل نشاط ضد الشعب الايراني لجره مرة اخرى الى عهد السي أي أيه، والسافاك. ومن ثمة فان المهمة الاولى للشعب الايراني في مثل هذه الحالة ليس “بناء الاشتراكية مرة واحدة” وانما “تدعيم المكاسب المعادية للامبريالية)، تاريخ الحزب الشيوعي الإيراني، موقع النادي الصوتي، جمول نت.
هذا التقييمُ ناتجٌ من الفصل بين سماتِ الحداثة، وإعتبار العداء للغرب معياراً مجرداً، دون أن يتحول هذا العداء للهيمنة إلى قبول بالديمقراطية والعلمانية والعقلانية التي أنتجها الغربُ، فالغاياتُ السياسية المحددة والجزئية لا بد أن تتضافر مع بناء عام ديمقراطي الملامح، ولا يتحول على النقيض شمولياً معادياً للشعب والتطور من خلال تصعيده لسلطةٍ دكتاتورية.
فالقبول بالثورة كان يجب أن لا يعني القبول بقوى دكتاتورية طائفية تخلقُ أجهزةَ قمعها الدموية والتي تتوسع ثم ترتد على جميع الأطراف المخالفة لها!
وتكويناتُ الأحزابِ الطائفيةِ ولغاتُها المؤدلجةُ للإسلامِ بالانتقائيةِ السياسية له، ورفضها لتوحيدهِ، وتكريس قوى المحافظة والاستغلال، تطرحُ لغةً سياسية عامةً مجردة خادعة تخفي مواقفها الطبقية العميقة.
والخطورة هي صعود هذه القوى وتنحية الوطنيين والإسلاميين والليبراليين والتقدميين وإعادة الدكتاتورية بشكلٍ متخلف أكثر ويجرُّ لفاشيةٍ أكثر خطورة.
وكانت النتائج كما رأينا ما حدث لسكرتير الحزب السابق، ولكن الأخطاء لم تُعالج بعمق وتوسع في حزب الشعب الإيراني بعد ذلك.
فبعد الانتخابات الرئاسية وتزويرها من قبل جماعة نجاد والحرس الفاشي أصدر الحزبُ بياناتٍ عدة قال في أحدها:
(وأدى أعلان نتائجها الى موجة عارمة من الأحتجاجات الجماهيرية التى عمت طهران والمدن الأيرانية الأخرى. وكانت اللجنة المركزيه للحزب قد أصدرت بيانين سبقا الإنتخابات الرئاسية فضحت فيهما الأسلوب اللاديمقراطى المتبع فى إختيار المرشحين والسياسة التى جرت عليها الحكومة الأيرانيه ومن وراءها المرشد الأعلى فى استبعاد القوى والعناصر الوطنية والعلمانية من الترشيح وإتباع الإنتقائية فى قبول المرشحين وهذا ما حصل فى الإنتخابات السابقة والتى جاءت بأحمدى نجاد الى قمة السلطة فى إيران.).
حدثَ هنا شيٌ من التقدم في عقلية الحزب العامة، لكن التحليل الاجتماعي غائبٌ هنا فحقيقة كون السلطة إقطاعية طائفية شمولية لم يزل يغيبُ عنها، فهذه السلطةُ الريفيةُ السابقة المتحولة لرأسماليةِ دولةٍ عسكرية باطشة، تتكونُ من العديد من الشرائح الدينية الإقطاعية والليبرالية، وقد راحت العناصر الأولى تفرضُ نفسها وتنحي الأخرى، وقد حدث ذلك عبر تنحية رفسنجاني وخاتمي، وهو أمرٌ تداخل مع صعود رأسمالية الدولة العسكرية، فظهرت مجموعاتُ الحرس الفاشي وصعدت إلى الهيمنة الواسعة على مقاليد السلطة، وأدى هذا ليس إلى ضرب اليسار المضروب بل ضرب القوى الليبرالية الدينية الضئيلة في جهاز الدولة، فتجلى الانفجار في الاجهاز على القوى الليبرالية الضئيلة بعد الانتفاضة.
إن تقييم قيادة حزب الشعب يتطور لكنه بعد ليس دقيقاً يتغلغل في الحركة التاريخية الاجتماعية، ويتجلى ذلك في فرديةِ تشخيصه الخاطئ لدور المرشد (الموضوعي)، وكأنه جزءٌ حيادي في صراع القوى السياسية والاجتماعية وليس فرداً من قيادة السلطة الصاعدة في إتجاه الحرس والمنحية للفئات الأخرى.
وكأن أيضاً إنتخاب نجاد هو حدثٌ عابر، ومن جملةِ الصدف، وليس تعبيراً عن سببيات تصاعد الفاشية العسكرية.
كذلك فإن دلالات الصراع بين المحافظين والليبراليين الدينيين تغيبُ هنا، حيث هم أجنحةٌ لطبقةٍ واحدة تتراوحُ بين الإقطاعيين والبرجوازيين التابعين لهم، وهو صراعٌ يعبرُ عن رفضِ نمو الرأسماليةِ الحرة وديمقراطيتها، وهزيمةٌ للشريحة القريبة منها، والمجسدة لها، حيث لم تستطع هذه الشريحةُ الليبراليةُ الدينية أن تهزمَ الإقطاعَ الديني داخلها، وتتبنى بقوةٍ سماتَ الحداثةِ السابقة الذكر وتنفصلُ سياسياً بالتالي عن الإقطاع المتحول والرافض للحداثة في قفزته الخطيرة نحو الفاشية العسكرية.
إن الموقفَ المتذبذبَ لحزبِ الشعب الإيراني (توده) من مسائل التحول التاريخية للشعب الإيراني تعودُ لنسخهِ الماركسية – اللينينية، إلا وهي أيديولوجيةُ البرجوازيةِ الصغيرة المكرسة لرأسماليةِ الدولة البيروقراطية على النمط الروسي، والتي أَتخذتْ في إيران في بدايات القرن العشرين طابع الانتفاضات المُقلِدة لذلك النمط، ولكن في بلد إقطاعي متخلف، فكان ثمارُ هذه السياسة رهيباً على الشعب، وتطور الدولة، وأدت لتفاقم دكتاتورية الشاه الأب والابن.
إن إحدى فئات البرجوازية الصغيرة (اليسارية) التي تعبئُ نفسَها فميا سُمي بالأحزاب الشيوعية قد تمثلتْ في حزبِ توده وسياساته، المتذبذبة والتي قفزتْ من العداء الكلي لليبراليةِ وبداياتِ الرأسمالية في إيران إلى الوقوع في حضن الإقطاع الديني.
إن القفزَ للقيام بثوراتٍ إشتراكية لا بد أن يؤدي إلى مواقف سلبيةٍ تجاه النضال الواقعي الممكن، والذي تمثل خاصة في حركة مصدق وتأميم النفط وشق الطريق للحداثة والديمقراطية، فكان هذا مظهراً لتلك الاشتراكية الزائفة مما جعل الخطوات الليبرالية والرأسمالية الوطنية الديمقراطية تتدمر، وغابت السياسةُ العقلانيةُ لتصعيد القوى الليبرالية والديمقراطية الشريكة المهمة لقوى العمال في التطور الديمقراطي، وتصدعت أكثر بالصراع الضاري مع نظام الشاه، وعدم دعم الجوانب الايجابية التحديثية المحدودة في ذلك النظام، خاصة فيما تعلق بالثورة البيضاء ومحاولة تحقيق إصلاح زراعي وحصول الفلاحين على الأرض، وبنقد تلاعب البيروقراطية الحكومية في هذا الإصلاح المحدود وثرائها على حساب الريف.
إن جهود حزب الشعب الإيراني خلال هذه العقود تعود لهذا التذبذب الحاد بين الإيمان بإشتراكيةٍ غيرِ ممكنة في ذلك الواقع المتخلف الزراعي، والعداء لرأسمالية وطنيةٍ مغلوبةٍ من نظامٍ بوجهيه الإقطاعي السياسي والإقطاعي الديني.
هذا أفضى إلى إنتصار الشكلين الثنائيين للإقطاع: الإقطاع السياسي الحاكم، والإقطاع الديني المعارض، ليصيرا في زمن ولاية الفقيه واحداً ضارياً على الشعب. فيضربا الامكانيات الفكريةَ والسياسية الديمقراطية، ويمنعا تطورَ المذاهب والأديان باتجاه العقلانية والوحدة الوطنية والإنسانية.
إن أي تنظيم ماركسي لا يُسندُ ليبراليةً مغلوبةً على أمرها يخربُ الماركسيةَ نفسها، وتقودُهُ الظروفُ للوقوع في براثن الشموليات المختلفة التي تتكونُ في كلِ بلدٍ حسب ظروفه.
ونجد أن نفس لغة الصراع ضد الرأسمالية مع مصطلحات متضادة لم يعجنها وعي تقدمي دقيق حتى بعد بينت الأحداث خطورة تأييد الدينيين، فيقول بيانٌ للجماعة:
(أن السياسات الأقتصادية والاجتماعية للنظام لا تمت بصله لعملية النضال ضد الأمبريالية الرأسمالية حيث تشير جميع المعطيات بأن حكومة الجمهورية الأسلامية تتبع بصلابة وتنفذ وبشكل واسع خطة اقتصادية بأملاء وتوجيه من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومن وجهة نظر القوى العاملة، فأن القوى التى تقود مجتمعنا ترتبط بكبار التجار(البازار) والرأسمالية البرجوازية الأرستقراطية حيث يغيب التخطيط العلمى للموارد وتسيير الاقتصاد الوطنى على الأسس التى تخدم مصلحة الشعب الإيرانى)، (ولقد جرت عملية واسعة لخصخصة القطاعات الانتاجية والصناعية العائدة للدولة وبتوجيهات مباشرة من الولى الفقيه وبإتجاه الغاء المادة (44) من الدستور الذى يعرفُ الاقتصادَ الإيرانى بتكونه من القطاعات الثلاثة (الحكومى والتعاونى والخاص) والذى كان منجزاً من منجزات الثورة الشعبيه الأيرانية عام 1979.) من بيان للجنة المركزية للحزب سنة 2009.
لا يزال الحزب في صراعه ضد النظام لا يحدد طبيعته، ويعتبر المعركة ضد الرأسمالية (البرجوازية الارستقراطية!) معيداً بهذا مشروع الاشتراكية، الذي لم يكلمهُ (الإقطاعُ الديني) للأسف الشديد! وكان يجب على هذا الاقطاع أن يمضي نحو الاشتراكية عبر تصعيد المُلكيات الثلاث!
تتخفى هنا شعبويةُ الحزبِ البرجوازية الصغيرة (اليسارية) المدعية، دون أن تحددَ طبيعةَ النظام الديني، وتعتبر نفسها مناضلة ضد الاصلاحات في الاقتصاد التي خربت طبيعة النظام، لكنها لا تريد أن تناضل داخل مجتمع حديث رأسمالي ديمقراطي حر، وما تزال تبعية هذه (اليسارية) للإقطاع متغلغلة في جذورها، في حين أن النظام يدمج بين جذوره الإقطاعية الدينية الريفية وسيطرته على المدن عبر رأسمالية دولة عسكرية دموية، ولا يزال الحزبُ يطالبُ النظامَ بالابتعاد عن الرأسمالية والغرب، فيما هو مبتعدٌ تماماً ومعادٍ لطريق الحداثة، جامعاً بين نظام عتيق والأدوات العسكرية الخطيرة والاقتصادية المستغلة للناس والقاهرة لهم.
أي أن بؤرة الصراع المطلوبة هنا هي هزيمة رأسمالية الدولة العسكرية بإخطارها على حياة ومصير الشعب الإيراني، وشعوب المنطقة عامة، وإعادة فوائضها إلى الحياة الاقتصادية السملية وحاجات الناس وإنعاش الاقتصاد الرأسمالي الحر غير المرتبط بالفساد الحكومي.
من الضروري هنا رؤية القوى الرأسمالية والعمالية والشعبية عامة المتضررة من دكتاتورية النظام وتشكيل جبهة واسعة منها لهزيمة رأسمالية الدولة العسكرية الفاشية ولإعادةِ إيران للحداثة والديمقراطية.


