«المسؤولية الحفرية»!

طفرنا فترة من الزمن بمفاهيم مستوردة، لها قيمة ومعنى عند مبتكريها، كانت الشفافية واحدة منها، أسهب البعض في التعريف فصارت حديث الأفراد والجهات والمنتديات، خرجنا من الشفافية بـ«ما شفنا شي»، لم نتقدم خطوة صغيرة واضحة، ومثلها المسؤولية الاجتماعية، حصرها البعض في تبرع صغير هنا أو هناك، وبعض آخر جعلها في رعاية ذهبية أو حفل ينتهي بعد ساعات، وأشبعت نقاشاً وتنظيراً ومنتديات وورش عمل.
أميل للواقعية، هناك مفاهيم أكبر منا و«تخب علينا»! حتى لو حاولنا ارتداءها مع بقاء ملابسنا الداخلية على حالها، سنتعثر فنسقط ونتكشف، لذلك أنحت مفهوماً جديداً يتناسب مع تجربتنا التنموية الرائدة، ومن دون إطالة عليكم أقترح استحداث مفهوم «المسؤولية الحفرية»، وهي باختصار أن تكون كل جهة مسؤولة عن حفرياتها.
و«المسؤولية الحفرية» تتضمن التزام الجهات الحفارة بكل ما من شأنه تخفيف الأخطار والأضرار على الناس، السكان والمشاة والسائقين، بداية من وسائل السلامة الفعالة وانتهاء بوضوح أسباب الحفر وتحديد الوقت اللازم للانتهاء مع لوحة مثل اللوحات التي ابتدعتها هيئة مكافحة الفساد للمشاريع، يلصق عليها صورة أكبر مسؤول في جهة الحفر من القطاع الخاص والقطاع الحكومي فلا تكفي الأرقام والتواريخ.
يشعر الإنسان في بلادنا بحفرية في رأسه، يعيش في حفرية من كثرة ما يراه ويتخطاه من الجفر والتحويلات، أصبحنا شعب «اليو ترن»، وكأن اللف والدوران الذي تعيشه الإدارة في بلادنا استنسخ على الطبيعة في الشوارع!
درء المفاسد والأضرار مقدم على جلب المصالح، و«المسؤولية الحفرية» إذا نالت الاهتمام ستحد من الأضرار وفي الحد فوائد، تخيل اتساع رقعة «المسؤولية الحفرية»، لتصل إلى من حفر في جيوب الناس مستخرجاً ما لديهم من مدخرات، ومن حقق النجاح في حفر مهجة الوطن حتى أوصل لهذه الحالة من الاحتقان. حتى توقع البعض أن الحفريات من أدوات توزيع الثروة!
وقبل فترة كتبت عن حفريات شركات الاتصالات، ذلك الشق الرفيع في الشوارع المصمم على مقاس القدم، بعدها بأيام اتصل بي صديق سقط في واحدة من تلك الحفر وأصيبت قدمه بالتواء، أخبرني أيضاً أن أحد قريباته رجلها في الجبس للأسباب نفسها، شركات الاتصالات تعشق مقاوليها ولا تتعبهم بوضع قطعة خشب أمام أبواب المنازل المحفورة، كأن هناك علاقة غرامية من نوع ما، لا بد أن هناك حالات أكثر من كسور والتواء الأقدام خاصة من الأطفال وكبار السن والنساء، وهي محفوظة محفورة في تقرير المواطن عن أداء كبار المسؤولين في شركات الاتصالات ووزارتها إذا كان أحد يتذكر لها إسهاماً واحداً.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 11, 2012 16:14
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.