تجارب تدوينية
هذه الحكاية انطلقت منذ ستة أعوام ولاتزال مُستمرة، ولا أزال أبحث عن شيء جديد، وهذه المرّة سؤال أحد الأصدقاء استفزّ هذه الكلمات لتظهر كما هيَ الآن، وكان سؤاله حول تجربتي في عالم التدوين، وبعد لقائه انطلقت نحو مُدونتي، وانهمرت التساؤلات: هل كتبت بهذه الطريقة؟ بهذه الغزارة؟ بهذا الجنون؟ ولماذا؟ ما السبب؟ وفي كلّ مقالة كانت تقفز أمامي أسبابيَ المخزونة في باطن الحروف، في هذه الـ ٦ أعوام، كانت تجربة جميلة، وأكتب لكم هذا المقال كشخص جرّب هذا الأمر، أكتب لكم كصديق أو زميل أو شبح مجهول في عالم الإنترنت، لا كأستاذ أو خبير!.
تعلمّت خلال هذه الأعوام أنّ القراءة هيَ رُكن أساسي من أركان الكتابة، فلا يمكنك البحث عن معلومات جديدة دون القراءة، ولا يمكنك الوصول لقلب القرّاء دون امتلاك خزينة كلمات جديدة بين الحين والآخر، تُعبِّأ خزينة (عقلك اللاواعي) عبر القراءة المُستمرة، وإن لم تكن تمتلك وقتاً للقراءة فأنت لا تمتلك أهم أدوات الكتابة!، جرّب واقرأ لشخص تُحب حروفه، اقرأ في كل مكان وفي كل حين، القراءة هيَ الكنز المُلهم.
ولعل أحد أهم أسباب الانتشار هو أن تعرف جمهورك، وأعتقد شخصياً أنني انتقلت من (Blogspot) إلى (WordPress)، لكي أتعرّف بشكل أدق على الجماهير وكلمات البحث وطُرق وصولهم إليّ، فالجمهور هُم من ينقلك من مكانٍ محدود إلى كلّ مكان، عبر التعليقات وعبر أزرار الإعجاب التي انتشرت مؤخراً وعبر التواصل معك ومع أصدقائهم ونشر حروفك في كل مكان، قد يكون الجمهور هوَ من يدفعك للاستمرار في بعض الأحيان!.
كما أنّ مرحلة البحث عن المعلومات قد تكون هي أجمل مراحل التدوين، ففيها تكتشف بعض الأمور الجديدة التي تُحفّزك للمزيد، لم أكن في بداية الأمر أبحث عن بعض المصادر أو أقرأ مُدونات الأصدقاء الآخرين إلا المُقرّبين منهم، إلا أنني الآن استخدم Google Reader للوصول لجميع التدوينات التي يقوم بها الأصدقاء وبالنسبة لي MobileRss هو أحد أهم البرامج في جهازي الـ IPhone -لأنه يُزامن Google Reader عبره-، قد توّدون استخدامه في أجهزتكم للوصول لمُدوّنات من تودون متابعتهم باستمرار.
وتعلّمت في هذه الفترة أيضاً أن الاستمرار هوَ من يُساعدك على التطوّر، هُناك ما يُسمّى بالكتابة الحُرّة، وأظنّ أن أفضل طريقة لها هيَ كتابة اليوميات -اجعلها سريّة- واحتفظ بأفكارك وجنونك وطموحاتك باستمرار وذكّر نفسك، وحاسب نفسك، كُن صريحاً مع القلم والورقة، وستجد نفسك تتطوّر، دون شعور، أذكر أنّ أحدهم قال لي: “وإن كُنت لا أمتلك شيئاً في يومي؟” وكان جوابي لي: “جرّب شاهد صورة وفرّغ شعورك، ذكرياتك، شيء من هذا القبيل في دفتر يوميّاتك” كما أنّ تطوّرك يعني أنّك لم ولن تكون كاملاً من ناحية الكتابة، فلا يوجد شخص يمكنه أن يَكتب ويتحصّل على نسبة الكمال، فالقرّاء لديهم ثقافتهم الخاصّة بالنسبة للقراءة، ولديهم أفكارهم التي يُضادون فيها فكرتك الخاصّة.
دعني أخبرك سراً بسيطاً لا يحتفظ به البعض، وهو أنّه “لكي تتحصّل على شيء مميّز عليكَ أن تُخاطر“، قالها لي ذات مرّة أحد المُدربين وأكمل شرحه حول أن المبدعين هُم من يتمكنوا من تصحيح الأخطاء والمُضي قدماً بابتكار حلول للمصاعب التي تواجههم، ولكي تتحصّل على مخاطر ومصاعب عليك بعمل شيء، أن تُنجز شيء، أن تمتلك قصّة جديدة في حياتك، فمُجرّد الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر للحصول على قصّة مُبتكرة لا تحصل إلا في بعض الأحيان، أمّا التجارب فبإمكاننا كتابتها كما هيَ وتكون ذات تأثير لواقعيتها وجمال أحداثها، كلّ شخص فينا يمتلك قصّة واحدة على الأقل وبإمكانه كتابتها ونشرها للقرّاء.
وفي نهاية هذه التدوينة، لا يمكنني إلا أن أشكركم لقراءة هذه التجربة، وبإمكانكم طَرح التساؤلات، وسأجيب عن كلّ التساؤلات بأقصى سُرعة ممكنة، وأتمنّى أن تكون هذه اللحظات التي قضيتموها معي جميلة ومفيدة، وعُذراً لإطالتي، وأعتذر لقلمي لعدم قدرتي على كتابة ما أريد، فتجربتي التدوينية لا يمكنني اختزالها في مقال واحد!.