كانت تترك عباءتها مفتوحةً بعكس النساء… أمل يتغذّى من خيباته في “عباءة غنيمة” مقالي في موقع رصيف22 عن رواية: عباءة غنيمة للكويتية عائشة المحمود

تقول التقاليد الشعبية، بأنّ الإنسان عندما يستشعر موته يرى شريط حياته كاملاً أمام عينيه! فهل كان تطيّر فيصل من ذلك اللقاء الصحفي نتيجة لذلك، وخاصة عندما سُئل: “هل تحبّ الفريج؟” كانت إجابة فيصل: “نعم، أحبّ الفريج وأحبّ أهله، أقصد: أحبّ أهلي”. تبدأ الروائية الكويتية عائشة المحمود سرديتها: (عباءة غنيمة) الصادرة عن دار الساقي لعام 2022 بإهداء محفّز للسؤال، وذلك عندما جمعت ثلاث كلمات، لها تداعياتها العاطفية والفكرية المختلفة على كل قارئ لتفتتح بها روايتها: (إلى الجَهل، والحبّ، والهزيمة…) 

نستطيع أن نُرجع هذه الكلمات الثلاث إلى فيصل بطل الرواية، فهي الأقرب لتكون مختصراً لسيرة حياته ذلك الذي عشق وحدته وعزلته، ولربما غربته عن أعراف وطنه، كما كان يظنّ! لربما قال تلك الكلمات تأنيباً لعدم قدرته على الانسلاخ الكامل عن التقاليد التي تربّى عليها، أو لأنّه لم يستطع الانغماس في مجتمعه، كما فعل أخوه عبد العزيز تاركاً للزمن إدارة التغيير، الذي سيلبسه جلباباً آخر يُنتقى من خزانة الوطن عبر تقدّمه في الزمن.

تبدأ الرواية في شهر آب من عام 1990 حيث فيصل في متاهته الخاصة، فقد رفض التدريس، بعد نيله درجة الدكتوراه، ولم تغره الوظيفة الدبلوماسية التي أمّنها له أخوه عبد العزيز الذي أصبح شخصاً مهماً في حياة الكويت الاقتصادية والسياسية محققّاً حلم أبيه وجده.             كان فيصل يستعذب وحدته وعزلته، ويرى فيهما منجاة من حبّ عاصف، لم يستطع أن يشفى منه، رغم البعد والقطيعة عن تلك الحورية، التي أصمّ عوليس أذنيه عن سماع غنائها، إلا أنّ فيصل طُرِب، حتى أدخلته غربة لم يثمر تجدّدها، كما كانت نصيحة أبي تمام: “اغترب، تتجدّد”.  

يعود فيصل من الشاليه الذي يطلّ على الخليج العربي إلى بيته المتواجد في منطقة الفريج من العاصمة الكويتية، فيسترعي انتباهه غياب المحطّات من راديو السيارة، ليتكشف له السبب الذي ظل مبهماً، حيث تناثرت جماعات من الجنود الغرباء بعيدًا عن الحدود التي يجب أن يعسكروا فيها لاستعادة فلسطين السليبة، ما الذي حدث في الكويت ذلك البلد الذي يشبّ نحو المستقبل بكل قوة وأمل، حتى تضل بوصلة شعارات القومية العربية عن هدفها وتفتك به؟

تنفتح الذاكرة والتاريخ، ويولد فيصل بعد انتظار، ويستكمل غازي به عصبته من الذكور، فيسميه على اسم جده، محقّقاً أمنية تخلّفت كثيراً، فقد تمنّى أن يكون ولده الأول على اسم الجد الذي أحبه كثيراً، لكن سطوة العائلة دفعته ليسميه عبد العزيز، هكذا ضاعت الفرصة الأولى لكن الثانية لم يخب الرجاء فيها. أمّن قدوم فيصل لأمه مريم، حبيبة أبيه انتصاراً معنوياً في مجتمع ذكوري، فلم يبق عبد العزيز وحيد والديه، على الرغم من وجود بدور وشيخة إلى جانبه فقد ردفه فيصل أخيراً، ورحم أباه من زواج ثانٍ، لكنّ بشارة فيصل وغنائمه ترافقت مع إعلان قيام إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة في 14 أب عام 1948. استطاع فيصل الصغير أن يمحو هذا الخبر المشؤوم، على الأقل لأيام، من اهتمامات أبيه، لكن الوالد الفطن والحذر من المستقبل والذي اعتاد أن يسجل حوادث أيامه في دفتر، خاف على ابنه أن يرث وجع الرأس من جده وأن يكون لهذا التاريخ الذي توافق مع ميلاده تأثيراً سيئاً عليه.

تربط ذاكرة فيصل استرجاعاتها بحوادث معينة، وبها يُماط اللثام عن النتائج التي انتهى إليها حاضره. ففي شتاء 1954 تحوّل بيتهم المبني من الحجر إلى سفينة نوح بعدما امتلأت طرق منطقة الفريج وساحاتها بالماء نتيجة الشتاء القاسي، فتوافد إليه الأقارب والجيران هرباً من المياه التي دخلت البيوت الطينية وهدمت جدرانها. في ذلك العمر الصغير بدأ فيصل يكتشف الفروقات بين عالم الذكور وعالم النساء، بين الأنثى التي تقضي حياتها خلف عباءتها تتلصص على الواقع من خلال الوصاوص (الثقوب)، أو الشبابيك، بينما الرجال يملكون كامل الحرية في الدخول والخروج. في خضم تلك الأحداث أدهشه تعلّق بدور التي تكبره قليلاً بقريب لها يدعى فهد والتي كانت تتنظر رؤياه من خلال الشباك. لم يكن فيصل ميّالاً بطبعه لألعاب الذكور، بل أقرب إلى التأمّل، فقد كان يمل سريعاً من حكايا جدته مزنة التي تنتهي عادة بلازمة : (خلصت وملصت) والتي تتكرّر في كل سهرية في بيتهم، فيم العالم من حوله في تغيّر دائم. ويكره تعلّق ذكور العائلة بطيور الحمام، لربما يعود لأقدار يوم ميلاده، فكيف يحتفى بطائر الحمام وإسرائيل تحتل بلداً عربياً. هذه الحدوس الاستشرافية عرفها فيصل عاطفياً وبشكل لا شعوري ولم يدركها عقلياً، إلّا متأخراً، بعدما عصف به حبّ تلك الشابة السورية من لاذقية الساحل السوري. كان مجتمع فيصل ذكورياً، ومع ذلك فقد كان يبهجه رؤية أخته بدرية تطارد ظلّ فهد من خلال النافذة متحدّية قيم مجتمعها. لقد كانت أنثى ترغب بخلع العباءة التي حرمتها من ارتياد المدرسة ومن معايشة الحوادث التي عاشها فيصل مع الأولاد في الخارج من لعب كرة القدم وغير ذلك. 

الجهل:

نولد صفحة بيضاء تتزاحم الأقلام على كتابة كلماتها عليها من الأسرة إلى المجتمع والوطن والدين والتاريخ والسياسة؛ وفي خضم هذا التجاذب الذي يستكان له أكثر الأحيان، أو يُثار عليه أحياناً أخرى، يتلمّس الكائن البشري طبائعه الخاصة وأقداره المكتوبة والتي سيكتبها بنفسه. لم يكن فيصل صورة طبق الأصل عن الصورة المشتهاة التي رسمها أبوه غازي له. فهو ليس ذكورياً بالمعنى الذي خطّه أخوه عبد العزيز لنفسه، والذي أراد أن يستنسخ صورة الجد والأب في شخصه وكان له ذلك. أمّا فيصل، فكان ينتخب صفاته ونعوته التي ستقوده إلى أقداره. فعندما حطّت في دارهم تلك المرأة ذات الشعر البرتقالي والمشغولة بصنارتي الصوف، ومازالت الطفولة تسمح له بالعبور بين مجلس الرجال والنساء، أدهشته، فهي لا تتهيّب مقابلة الرجال ولا محادثتهم، فوجد فيها مجازاً يخطو معها إلى خارج حدوده. فيم معلم المدرسة الفلسطيني ناظم، قد أشربه حب ذلك البلد السليب الموجود في بلاد الشام. لقد ورث فيصل من أبيه تطلعه إلى المستقبل واستشرافه الآتي وقلقه منه، لكنه لم يكن متقوقعاً على ذاته، بل دفعه هذا القلق من الآخر: الأخ في الوطن أو الأخ العربي أن يتوجّه بكلّيته نحوه، فعندما أعلنت الكويت في يونيو/ حزيران من عام 1961 استقلالها عن الحماية الإنكليزية، لبس فيصل الدشداشة والغترة ووقف إلى جانب أبيه متعثراً بلباسه الجديد وفرحاً لفرح والده. لقد ولدت الكويت من إرهاصات المنطقة السياسية جديرة باستقلالها وشعبها جدير بذلك اليوم، لكن أطماع الأخوة الجيران تراءت من بعيد كخيالات الأشباح.

لم تكن عائلة فيصل بعيدة عن المشاعر القومية العربية، بل مأخوذة بها، فأحد أقربائه بكى عندما اعتدى الانكليز على مصر في عام 1956 وعدَّ والده يوم إعلان اسرائيل يوم سوءٍ، ولم يخفف من وطأته إلّا مجيء فيصل. وعندما شبَّ شبلا غازي أوفد أحدهما إلى مصر لدراسة الهندسة، بينما أصرّ فيصل أن تكون بيروت وجهته ليحقّق أكبر تقارب بينه وبين فلسطين التي عرف حبها مع كل كلمة تعلّمها.

يأتي فيصل إلى بيروت التي كانت في أواخر ستينات وبداية سبعينات القرن العشرين أقرب إلى عاصمة النور باريس. وهناك يُصدم فيصل بكلّ شيء من الثياب إلى العادات إلى العلاقات إلى الأفكار. لقد اكتشف جزيرة أطلنتس ووله بها. ترك عادته واكتسب عادات جديدة تناسب طباع بيروت البحرية التي تتقلّب على أمواج السياسة والثقافة. فانخرط سريعاً في جو الأفكار والنقاشات التي تزدحم بها بيروت وظهر ميله للمد القومي العروبي الذي تشكّل بعد خسارة فلسطين. وفي قلب هذه المعمعة تظهر لين أستاذتهم في الجامعة، شابة سورية مختصّة بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، منفتحة واثقة من خطوها، متمرّدة تستند إلى عائلة ذات نفوذ في سورية تعود بأصولها إلى مدينة بحرية. ومن غير فيصل، سيكون بانتظارها وهو الذي لا يستطيع تصور مدينة من دون بحر إلى جانب توقه إلى النساء المختلفات عن نساء مجتمعه، هكذا تأتيه فتاة بطعم الملح، فيقع في غرامها.

الحبّ:                                                                                              تأخذ حداثة بيروت بتلابيب فيصل، تدخله متاهاتها من غير أن تزوده بخيط أريادن. ومع ذلك كان يغذّ الخطى إلى أن أتت لين، فعوليس الكويت التائق إلى الإبحار إلى إيثاكا أخرى، استمع إلى غناء لين. لين التي فيها من البحر الكثير والأهم تلك الدعوة إلى الإبحار التي تولد في كل شخص يراها وكان فيصل أول المستجيبين، حتى عندما عاد إلى الكويت استنسخ بيت لين لربما يزوره طيفها. لقد كان حباً عاصفاً وهادئاً ومتبصراً تارة وغافلاً تارة أخرى، عاشه كل من فيصل ولين إلى أن انقطع حبل المرساة، التي جهد فيصل في جدله ليصارع به أشرعة لين التوّاقة إلى الإبحار الدائم. تندلع الحرب في بيروت، فتصبح باريس وجهتهما، ومن ثم تتهاطل عليهما الأحداث الاجتماعية والسياسة، فتختفي لين وكأنّها لم تكن.

في تواز آخر لحياة فيصل، كانت أخته بدور قد اقتنصت حبّ حياتها فهداً، وتزوجته. فيم أخته شيخة قد تزوجت من مساعد وطارا إلى أمريكا. كان فيصل يجري مقارنة بين أساليب المقاومة بين أختيه ولين، التي تشبه المرأة بالشعر البرتقالي، لكنّها أكثر جرأة منها بكثير، فلين تدخن وتشرب وتعقد ساق على ساق وتجاهر بآرائها الحرّة غير هيابة من أحد، فيم أختاه وصلتا إلى مآربهما من دون مواجهات، بل عبر مكر المرأة في مجتمع يحرمها من الكثير من الحقوق. هذه المقارنات وسّعت أفق التفكير لدى فيصل ومنحته موافقات ضمنية لتصرفات أختيه، بل حبذها ورأى فيها نقلة جديدة ستثمر حرية في المجتمع الكويتي الذي يخطو نحو الحداثة بتأنٍ، لكن بإصرار.   

في غفلة من الزمن، يتزوج أبوه من خادمتهم أمينة، التي كانت تنسج حوله شباكها، منذ كانت صبية صغيرة في بيتهم في الفريج لينجب منها سها تلك الفتاة التي كانت لها حظوة كبيرة لدى أبيه، حتى أنّه سمح لها بأن تقود سيارة حيث كان ذلك من المستحيلات لأختيه بدور وشيخة. تكبر سها وتسحر بالقضية الفلسطينية وتغرم بشاب فلسطيني من ضاحية حولي في الكويت. تتجاوز سها كل الخطوط وتعلن ثورتها الخاصة التي دعمها فيصل، فقد اعتبرها امتداداً لطبائعه الخاصة وصدى لما كان يعتمل في داخله. وعندما أدّبها أبوه وأخوه بسبب الشاب يامن الذي تريد الزواج منه ساندها وأنقذها من موت محتم. أمام هذه الثورة من سها قرّر أبوه أن يذهب بالعائلة إلى لندن ليبعد سها والعائلة عن تبعات قصتها مع يامن، لكن سها تفرّ إلى أمريكا مع عشيقها، فيتزوجان هناك وتراسل فيصل الذي يجيبها: “فليحيا الحبّ”.

يقال في المثل، بأنّ نجمة السها الموجودة في كوكبة الدب الأكبر يختبر بها النظر. وأمام تجربة سها اكتشف فيصل، كم من الجرأة في المواجهة، كان سيحتاج لو انتهت علاقته بلين بالزواج، فهل كانت لين تدرك أن ثورته على تقاليد مجتمعه ينقصها الممارسة لا التنظير؟ استمرت سها بمراسلة فيصل، لكنه لم يجبها، بل كان يضع رسائلها في صندوق من دون قراءتها. لم ينجح فيصل، تماماً، باختبار النظر أن يرى نجمة السها.

الهزيمة:

يعيش فيصل على مستنقع ذكرياته وعلاقته بلين، فيسعى ليكون مستقلاً عن العائلة، فينشئ شركة صغيرة للاستشارات يستقدم إليها صديقه  الشاعر العراقي البصراوي جوزيف من بيروت، ذلك الشيوعي الاشتراكي المشبع بالعاطفة القومية العربية. تكرّ الأيام، فيم يقلّب فيصل أوجهها بحثاً عن تطابقٍ بين معنى اسمه وحياته، لكنّه يزداد حيرة وتوهاناً، وخاصة بعد حادثة طائرة الجابرية عام 1988 التي كان من أهداف خطفها؛ إطلاق مجموعة من السجناء لدى الأمن الكويتي. تدفع هذه الحادثة فيصل ليعمّق سؤاله عن حقيقة ذلك الانتماء العربي؛ أسواء كان بين الأخوة داخل البلد الواحد أو بين الأقطار العربية، ولبنان كان الشاهد الأكبر على قتال الأخوة الدامي.

تنامت الهزيمة داخل فيصل وتثلّمت حدّة رغباته بالاختلاف. ولربما انتظر نهاية تشبه جده وأباه حيث تفقد الذاكرة تدريجياً توهّجها حتى تخبو نهائياً. عندما وصل إلى بيته من الساحل في 2 أب عام 1990 جمع أهله في وسطه، وحاول طمأنتهم، وخاصة أمه التي أصبحت تلتقط رائحة الأحزان بخفّة، بعد زواج أبيه من أمينة. كان جوزيف قد هاتفه، بأنّ صدام اجتاح الكويت، فخرج إلى لقائه، مسترجعاً حواراته مع لين، التي أخبرته بأنّهما سيشاهدان نهاية العالم الذي يعرفانه، لكن كل من شرفة بيته وحيداً. كان فيصل يلح عليها أن يكونا معاً، لكنّها كانت تقول له، بأنّنا كائنات هشّة، لا نستطيع رؤية الواقع المليء بالقسوة والاختلاف، فنلجأ إلى الأحلام.

أحضر جوزيف سلاحين، لم يكن فيصل قد خبر علاقة ولو من بعيد مع السلاح، لكنّه أحسّ في تلك اللحظة أنّ جده وأباه قد تلبّساه، وأنّه الآن، سيكون الذكر المشتهى الذي حلم أبوه به. لبس دشداشة مفتوحة الصدر وغترة مائلة وخرج إلى لقاء جوزيف للدفاع عن الكويت. عرف فيصل الخوف  في طفولته، عندما صرخت به امرأة مجنونة وبأخيه عبد العزيز؛ أن يعودا إلى البيت. كانت تلك المرأة تلبس عباءة سوداء وفستان مشجّر، تترك عباءتها مفتوحة على عكس النساء. كان طيفها يحضره كلّما اشتد به القلق. والآن في هذه اللحظات الفاصلة يتطابق اسمه مع معناه، يرى عباءة غنيمة، وأباه ناظراً إلى السماء، بينما تطل عينا لين عليه، لكنّهما خاليتان من الحياة! تنطبق الذاكرة على الحاضر، واسم فيصل على معناه، فيتدفق دم قانئ من جسده، بينما رفيقه في السلاح جوزيف البصراوي العراقي يصرخ: فيصل، فيصل!

عباءة غنيمة:  

ليست الكلمات التي ابتدأت بها عائشة المحمود روايتها عبارة عن أسباب ونتائج، بل دوال للاهتداء بها، وهي تفرش سيرة حياة فيصل على نول التاريخ، ومن خلاله تنسج سجادة الكويت منذ لحظة ولادته التي توازت مع قيام إسرائيل إلى لحظة استشهاده دفاعاً عن الاحتلال الصدامي للكويت في آب عام 1990. بقدر ما تبدو الرواية متخفّفة من أعباء التاريخ بالمعنى الحرفي، لكنّها في المقابل تكشف عن عمق تأثير الأحداث في بناء الشخصيات وردود أفعالهم وأفكارهم المبتناة عليها، أسواء كانت بالموافقة أو بالاختلاف. إذن هي رواية الآمال والخيبات والثنائيات التي تتراقص أحياناً بتناغم، وفي أحيانٍ أخرى تفترق إلى أن يسود حدٌّ على آخر.

كان الأب غازي في محاولته أن يهرب من ضياع الذاكرة، التي أصابت جده فيصل يقتني الدفاتر ليسجل تاريخ عائلته وانطباعاته عن الأحداث التي يعايشها، لكنه ينتهي كما انتهى الجد. فيم الأم مريم المطمئنة لحياتها تزلزله خادمتها أمينة بعد زواج غازي منها. يتماهى عبد العزيز مع صورة الجد والأب بعدما دعم وجوده بثلاثة أبناء من الذكور. تفوز بدور بحبّ حياتها، لكن فهد يخيب آمالها. تقتنص شيخة مساعد وتهاجر. تثور سها ابنة الخادمة أمينة على كل شيء وتهرب إلى أمريكا، أمّا الذي كان مولّها بالغربة وارتياد الآفاق تضيع منه لين، ليعود محققًا صراخ المجنونة بالعودة إلى البيت والدفاع عنه.

هكذا كتبت الأقدار حيوات عائلة غازي، فحاول كلّ منهم أن يثبت بعض الكلمات ويمحو أخرى، صانعاً مصيره الذي كان يعتقد أنّ له الكلمة العليا فيه! هي رواية لتأمل كيف يصنعنا التاريخ ونصنعه، ومن خلال ذلك، نكتشف فرادتنا التي هي التاريخ الحقيقي.

باسم سليمان

https://raseef22.net/article/1094760-%D9%D8%A7%D9%D8%AA-%D8%AA%D8%AA%D8%B1%D9-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%A1%D8%AA%D9%D8%A7-%D9%D9%D8%AA%D9%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D9%D8%B3-%D8%A7%D9%D9%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D9%D9-%D9%8A%D8%AA%D8%BA%D8%B0%D9-%D9%D9-%D8%AE%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D9-%D9%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%BA%D9%D9%8A%D9%D8%A9خاص رصيف22 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 06, 2023 06:28
No comments have been added yet.


باسم سليمان's Blog

باسم سليمان
باسم سليمان isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow باسم سليمان's blog with rss.