حمى المزايدات

كان من الملاحظ في قضية الاعتداء على السفارة السعودية في القاهرة أن الأعداد من فلول البلطجية قليلة جداً، فهم بالعشرات واليافطات كبيرة إلى درجة تغطي وجوه بعضهم، لكن وسائل إعلام مصرية خاصة وبرامج فضائية لإعلاميين مصريين ضخمت هذه الأعداد ونقلت الصورة مكبرةً، ثم صارت تعلك القضية وتنفخ فيها بالونات، وأكمل «المولد» بيان حزب الحرية والعدالة «الإخواني» بمحاولة فاشلة، لإمساك العصا من الوسط، لكنه أخطأ خطأ جسيماً، حينما أكد كرامة المصريين ولم يقل كلمة واحدة عن كرامة السعوديين، قال حزب الإخوان المصري في بيانه: «يؤكد الحزب أن الجماهير التي تظاهرت أمام السفارة السعودية خلال الأيام الماضية كانت تعبّر عن رغبة المصريين في الحفاظ على كرامة مواطنيهم في الدول العربية، وتعبيراً على أن ما كان يحدث من استهانة بكرامة المصريين في الخارج لم يعد مقبولاً، بعد الثورة التي أعْلَتْ من كرامة المصريين داخلياً وخارجياً». ثم عاد في محاولة ترقيع فاشلة ليقول: «ويؤكد الحزب أن العلاقات المصرية – السعودية أكبر من أية مشكلة يمكن تجاوزها بالتشاور والشفافية بين البلدين».
هنا تأييد تام لما حدث أمام السفارة السعودية في القاهرة، الحزب لا يُخفي ذلك، بل يعلنه من دون وضع أي اعتبار لكرامة الآخرين ولا للأعراف الديبلوماسية!، وحتى لا «للعيش والملح»، ونسأل الحزب السياسي الذي يعلن أن «الإسلام هو الحل»، نسأله ألا يمكن المحافظة على كرامة المصريين من دون المساس بكرامة الآخرين؟
لعلها معادلة صعبة أمام محاولات مغازلة الشارع، مع أنه شارع صغير، مجرد عشرات من الأفراد تم تمكينهم من الوصول والإساءة، لكن الحزب الإخواني يريد كل الشارع إلى أن تأتي مرحلة المصالح وضغوطها، ويتم وقتها إصلاح العلاقات.
في الحقيقة كان بيان حزب الحرية والعدالة مفاجأة، لأن «الإخوان» مقبلون على عمل سياسي ضخم، في البيان لم يتوافر فيه أدنى درجات السياسة، بيان عاطفي بامتياز وموجّه للأصوات المرتفعة في الشارع وبعض وسائل الإعلام المصرية، ترك البيان الغالبية المصرية الصامتة وعلاقات «أكبر من أية مشكلة» وانحاز إلى فئة قليلة.
لم يستطع حزب الحرية والعدالة المصري الخروج من عباءة المعارضة، على رغم تمكنه – إلى حد كبير – من السلطة، وهو ما يشير إلى فشل متوقع، حين توضع أمامه الملفات الساخنة. السياسة ليست في إلهاب عواطف الجماهير، يمكن استخدام ذلك عند التحريض على الثورة أو السلطة، لكن عند تسلمها يختلف الأمر.. وسنرى مدى حرص حزب الحرية والعدالة على كرامة المصريين وحرياتهم مستقبلاً.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 01, 2012 15:47
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.