الروائي الجزائري محمد بورحلة في قراءة عميقة وتناصية لروايتي جريمة في مسرح القباني.
قراءة في رواية باسم سليمان “جريمة في مسرح القبّاني”،
منشورات دار ميم، الطبعة الأولى، الجزائر، 2020
فى الغلاف الخارجي، على خلفية ضاربة إلى البياض، جزء من ستارة مسرح حمراء. العنوان، مكتوب بالأحمر عنّابي، يتكلم عن جريمة وقعت بمسرح. تحته، رسم ليد مع خيط في كل إصبع. أشعر أنني متجه نحو نسخة ثانية من رواية “جريمة في قطار الشرق السريع”. أفتح الكتاب، بل النفق. عنوان فرعي يتحدث عن الحد والشبهة. يليه اقتباس من رينيه جيرارد، مهدى للسوريين في كل مكان، يجعل السلام هبة العنف. أقف عند المفارقة هنيهة، يحدّثني كلاوزفيتز ثم أعود إلى القراءة. في الحقيقة لا أقرأ، بل أتشبّث. سرد بصيغة المفرد الغائب. وصف دقيق لمكتب المحقق هشام بمبنى الجنائية بدمشق. يدور بخلده جدل عنيف خلّفه استعمال المبني للمجهول وموضوع الرؤيا الحلمية في قصة ابتلاء النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. استهلال على شكل علامات استفهام. كأن كل شيء قيل في المقدمة. الهاتف يرن. عميد يطلب من هشام التحقيق في جريمة وقعت في مسرح القباني أحد رواد المسرح بسوريا. لما تحرك ومساعده جميل ظننت أن بين يديّ رواية مثيرة لكنني كنت قاصدا متاهة مينوتور لا خيط أريادني لها.
المشتبه به، أحدب وأعرج، بائع كتب مستعملة في النهار. ليلا، يحرس مسرح القباني. يذكر المحقق بكواسيمودو، أحدب نوتردام، دميم رواية هوغو “نوتردام دي باريس”. الضحية جامع قمامة. وجهه وجسده مشوهان. تشوهات الاثنين ناتجة عن نفس الانفجار الإرهابي. أتذكر بودلير. في ديوانه “سآمة باريس” غنى الكلاب الموحلة والمصابة بالطاعون والمقمّلة. الزبال محرك عرائس، متكلم من بطنه وكاتب مسرحي. كان يتمنى أن يقدم مونودراما على مسرح القباني تكون عبارة عن اعتراف دمية اسمها (الجثة) أمام منكر ونكير في القبر. قدم عرضه أمام الحارس وحده الذي تركه ليأتيه بالماء، فلما عاد وجده مستلقيا على خشبة المسرح تحبط به الدمى. المسخ يمثل الضحية القربانية بامتياز ؛ فهو يمكّن المجتمع، من غير أن يطال هذا الأخير عقاب، من تحرير مكبوتاته واحتواء عنفه. كبش الفداء أفضل مخرج من معضلات الخير والشر، وأنفع علاج لأدواء الضمير. لكن لم المسرح؟ لا شك أنه من الضروري له أن يواجه فيه الجمهور وأن يظهر هناك، لأولئك الذين يغطون في نوم الاغتراب، الإنسان المنفصل عن نفسه، الممزق، المتصدع، المفكك، المنكر فرادته، المشكوك فيه، والمعرض للقذف علنا من غير تبعات. ولماذا الدمى؟ لأنها أكثر ما يشبه الإنسان الذي تشيأ وأصبح مصيره بيد غيره. الدمية هي الكائن البشري الذي لم يعد ملكًا لنفسه، المحروم منها لأجل أسباب عدة منها غريزة القطيع، السلوك التأسّلي، المنفعة السيادية، العنجهية أو السذاجة. إن الدمية كذلك أداة لتطهير الذات وإطلاق سراح المحبوس وتحرير الكلمة بالتحايل على الخجل والرقابة وهي أيضا أسلوب يعبر عن محاولة وضع حد للعنف القرباني بإنهاء الرغبة المحاكاتية التي تسببت فيه. إن القتل فعل مدان بالأخلاق والقانون، والدمية، التي تمثله على الركح تسمح للمشاهد التخلص من شروره. الجمهور يقتل بواسطة دمية لكن لن يعاقب ويمكنه، في نهاية العرض، العودة إلى قوقعته مرتاح الضمير. الدميم، بعد ما بلغ سيل خيباته الزبى، وجد نفسه مضطرا من قبل عالم سخيف أين فقد ظله وجفّ نسغه ولم يصبح له من الممكن سماع صوته أو إسماعه، لصنع دمية يحملّها الذنوب لوضع حد لطقس الفارماكوس. يمثل جيبيتو، الذي يتلألأ مخبره جمالا، الحلاج، أو المسيح كما يراه رينيه جيرارد، في العصر الحديث… عهد الكذب والكبر، زمن التلاعب والفئات القابلة للتضحية. أظن أنه لو شهد فيلم “التطهير الأول”، لأصابه اليأس. لكن ماذا لو كان يلجأ إلى الدمى إلا ليظهر كم نحن مثيرون للشفقة والسخرية؟
الحكي يلجأ إلى الشخصيات الحقيقية كالمحامي هائل اليوسفي. كثيرا ما يجبرني على التوقف والبحث. سيتعب القارئ، لكن تلك هي نزوات نص دسم إلى حد التخمة أو القلص. الانحرافات تبدو خارجة عن السياق لكنها استمرارية في التأمل في تيمات الفداء والضحية القربانية لأن العلاقة وطيدة بين قصتي إسماعيل الذبيح وراسكولينكوف، شخصية رواية “الجريمة والعقاب” لدوستويفسكي، الذي يبلغ الطهارة بدفع ثمن جريمته. هل أكون أمام رواية بوليسية ونفسية ؛ ألا يذكر الراوي الغائب أجاثا كريستي… أليس بعض شخصيات الرواية مستوحاة من مسلسل بوليسي سوري ناجح وأن هشام وجميل من شخصياته ؟ لكنني لا أشاهد تشويقا من شأنه أن يبقي القارئ معلقا ولا دافعا أو أسلوبا للقيام بالجريمة، ولا مجرمًا حتى. وأما الاستطرادات الكثيرة، فإنها تخرق قاعدة وحدة الحدث وتشتت الحبكة كما أن المحقق لا ينسى فقط مهمته (التحقيق والتحليل) بل يزيد لطين الغموض بلة بتساؤلاته المتتالية. يبدو أن الكاتب باسم سليمان يكتب هنا، عن قصد على الأرجح، نقيض الرواية البوليسية… كما يبدو أن كشف ألغاز الرواية سيتطلب أكثر من شرلوك هولمز وهيركيول بوارو مجتمعين. أفق التوقع الذي صنعاه العنوان والمؤشر الأجناسي ينتهي ببعض الخيبة إذ أن النص لا هو ينتمي تماما إلى الرواية ولا هو يخضع لشروط العمل البوليسي. لا أخفي حيرتي. كان من المفترض أن تكون رواية، وكان لدي فهم مسبق لها. أجد نفسي في زوبعة من الأجناس والإيحاءات. هل يمكن أن تكون الرواية عملاً تجريبيًا طلائعيًا؟ هل يعكس الانتقال بين الأجناس رفضا لقانون أو أنه يعبر عن الرغبة في استكشاف أراض مجهولة، وقيادة القارئ هناك… أم أنه يجسد عدم الثقة في شكل معين لأنه يشبه قيدا… أم هو يظهر إفلاس الأشكال والأنساق الذي يتبع سقوط عالم مهترئ، فيقتضي بالتالي المرور إلى الهدم وألوان تعبير مغايرة ولغة أخرى يسودها القلق والريب عوض السكينة ودفء المألوف. بالطبع، كيف يمكن للأدب أن يحافظ على أشكاله القديمة ويمنعها من التشظي في بلد اكتنفت ساحته الهموم وجاءت المآسي فيه تترى!
طريقة الكتابة أنستني الحبكة إن كانت هناك حبكة! حتى المحقق يتضح أنه لا يكترث لتحقيقه. الأوراق التي تركتها الضحية تهمه، ولكن ليس للعثور على الجاني بل لمشاركة محرك الدمى – توأمه – في ألمه الوجودي. النص ثقيل، مليء بالإيحاءات والمثاقفة. الراوي العليم يرافق قصته بالحواشي. لعله والمحقق شخص واحد. معظم الشخصيات لها نفس اللغة مما يعتبر خروجا عن مبدأ الاحتمالية. هل يمكن أن يفسَّر توحيد اللغة، وحتى الفكر، للشخصيات المختلفة بولادتها من ذهان وهذيان سردي لشخصية واحدة؟ هل يمكن أن يكون جميل الذي لا نعرف عنه شيئًا والذي يظهر في نهاية الرواية أنه راويها؟ المؤلف يطمس الآثار، ويحرك الخيوط بامتياز. كثرت الأسماء ولم أعد أعرف من يوجد أمامي بيكيت، غسان كنفاني، تشارلز سيميك أم طيف جيرارد؟ وتعدّدت الأماكن ولم أعد أعرف إن كنت في الجحيم أم في جنة ديلمون أم أمام جسر الرئيس حتى أنني لما تهت واعتقدت أن الحل في التقمص الوجداني “ركبت” المحقق ومساعده والمسخ لكنني لم أبلغ غور أحدهم، فعدت إلى حيرتي خالي الوفاض. أتذكر يونسكو ، “في انتظار جودو”… لوتريامون الذي كتب: “الآهات الشعرية لهذا القرن مغالطات”. إلى أي جنس يمكن أن تنتمي الرواية ؛ هل أراد المؤلف أن يجعل من نظريات رينيه جيرارد موضوع روايته كما جعل زولا، من قبل، نظريات داروين، إيبوليت تين وكلود برنارد مصدر تأمله للوراثة؟ عاشت سوريا، وما جاورها، مآسي قد لا تخطر ببال، فكيف لا يؤثر ذلك على أي مؤلف، وكيف يمكن للأدب أن يخرج سالماً من هذه القطائع العنيفة، فيحافظ على أشكال التعبير القديمة ويمنعها من الانفجار والخروج من فراش العادة ثم الذهاب إلى شواطئ أخرى حيث يسود القلق وإن اتسم النص، على حساب نية التواصل، بالغموض فيربك القراء العاديين والنقاد ويثير خيبتهم أو حفيظتهم ! العكس كان يكون غريبا ومفاجئا!
يبدو أن نيتشه وبينيديتو كروتشه يقدمان تفسيرا للغَول الذي أصابني و، في نفس الوقت، لأسلوب المؤلف. كتب الأول: “أي روح مميزة بعض الشيء، وأي ذوق يتسم ببعض الرقة يختار مستمعيه ؛ باختيارهم يغلق الباب أمام الآخرين”. فباختياره “طبلة الآذان القريبة” يشهر الكاتب فرادته ورهاناته. أما الثاني، فقد نبّه على أن: “كل تحفة حقيقية انتهكت قانون جنس راسخ، وبثت الفوضى في أذهان النقاد”. بانتقائه هذا الأسلوب، يبشر الكاتب بموسم الهدم، وبالرياح الجديدة التي تحمل روايته ويحملها الأدب العربي. لكن… هل هناك حقا ما يدعو للعجب في هذه الرواية؟ في بلدان نخبتها مصابة بحصر في جهازها الفكري، ومن لم يمت فيها من القنوط مات من الضجر… في بلدان – أو بالأحرى في قبائل أو بطون أو أفخاذ – يكشف فيها المستقبل بالأزلام وتبنى المدارس والحداثة على نمط السجون، وبالعصي… العبث يتغنج والعقل يتوارى والكلام يخاتل وإذا ما جنّ الليل، ينعم الناس بسلم المقابر. في بلدان تتهاوى مسلماتها في ضوضاء مفزعة، لا ينافس السياسيين في زيفهم إلا الفنانون والأدباء، وتتوافد الأقلام على الأدب في دكاكين الهذر حيث يحتفى بقصائد النهود والأرداف وبشعر له نكهة النعي، “بين القريض والرقى”. في مثل هذه البلدان أين يعيش الناس بين قطع القلفة وختن اللسان، بين الاحتباس والسلس، ولا يطرق باب الجرأة التي تُخرج من طور العجي إلا غريبو الأطوار، فهل يكون من جدوى لأدب يرسف في أغلال العادة، لا يحس بالزلزال ولا تعكس متونه آثاره؟ لم العجب إذاً من رواية يتشظى فيها السرد وتتداخل الأجناس وتستأثر بالفكر والوعي الدمى؟
محمد بورحلة
09 فيفري 2023
نسخة باللغة الفرنسية
Lecture du roman « Crime au théâtre d’El Qabbani » de Bassem
Souleymane, Ed. MIM, première édition, Alger, 2020
Ce roman est, pour plusieurs raisons, déconcertant. En première de couverture, sur fond blanc sale, un pan de rideau de scène rouge. Au dessous du titre, écrit en grenat et évoquant un crime, le croquis d’une main avec des fils à chaque doigt. Des idées disparates traversent mon esprit. Je ressens la manipulation, j’éprouve des impressions de mystère. Vais-je au devant d’une variante du “crime de l’Orient Express”? Un sous-titre, parlant de sanction et de soupçon, est suivi d’une citation de René Girard dédiée aux Syriens où qu’ils soient. Hors contexte, cet énoncé qui fait de la paix un don de la violence est pour ceux qui n’en connaissent pas l’auteur d’une ambiguïté certaine. Je pense à Clausewitz. Je lis ; je m’accroche, devrais-je dire. Une narration à la troisième personne du singulier. Description balzacienne d’un bureau à la criminelle de Damas, celui de l’inspecteur Hicham. Le téléphone sonne. Sa hiérarchie l’informe qu’un crime a été commis dans un lieu réputé de Damas : le théâtre d’El-Qabbani, du nom de l’un des « pères » du théâtre syrien. On lui demande d’enquêter. Sur la scène – au sens propre et figuré – du crime gît un homme. Il semble, à ce qu’il paraît, avoir été assassiné par ses marionnettes. Un polar, me suis-je dit. J’allais vite déchanter. Pour démêler l’écheveau, il fallait bien plus que Sherlock Holmes et Hercule Poirot réunis.
Le suspect est un bouquiniste. La nuit, il est veilleur au théâtre d’El-Qabbani. C’est un bossu qui boite. Il rappelle à Hicham « Quasimodo », le personnage du roman de Victor Hugo, « Notre-Dame de Paris ». La victime est un éboueur ; son visage et son corps sont défigurés. Leurs déformations sont dues au même attentat terroriste. Je me rappelle Baudelaire. Dans « Le spleen de Paris », il chantait les chiens crottés, les pestiférés et les pouilleux. Le balayeur représente la victime sacrificielle par excellence. La société peut se défouler sur lui en toute impunité afin de contenir sa violence et se blanchir. Le bouc émissaire est la meilleure des casuistiques. C’est un marionnettiste ventriloque et un dramaturge. Mais pourquoi le théâtre ? Sans doute parce qu’il est vital pour lui de faire face au public et d’y montrer l’homme coupé de lui-même, écartelé, disloqué, nié dans son individualité, pointé du doigt, voué aux gémonies, tentant péniblement de se réapproprier sa propre vie. Mais pourquoi aussi la marionnette ? Parce que c’est ce qui ressemble le plus à l’homme qui subit l’histoire ! C’est l’homme qui ne s’appartient plus, privé de lui-même pour cause d’instinct grégaire, de norme atavique, d’utilité régalienne ou de suffisance. C’est aussi un outil cathartique. Elle permet d’extérioriser les traumatismes, de libérer le refoulé, la parole et, enfin, de tenter de mettre un terme à la violence sacrificielle en mettant fin au désir mimétique. La marionnette qui tue est la représentation sur scène d’un acte, condamné par la morale et la loi, qui permet au spectateur le défoulement. Le public tue par marionnette interposée ; il peut retourner chez lui purgé de ses passions. Aristote peut applaudir. Le marionnettiste est contraint par un monde où il ne se retrouve plus, où sa voix ne s’entend plus, à se fabriquer une poupée pour la charger de tous les péchés et mettre fin au pharmakos. Serait-il un Christ, ou un Halladj, des temps modernes, ceux du mensonge, de la déraison et des catégories victimaires qui leur sont consubstantielles ? Il aurait dû voir le film « La première purge » ; peut-être aurait-il changé de stratégie. Et si Gepetto recourrait aux poupées pour montrer, simplement, combien sommes-nous pitoyables, de vrais histrions, même pas du niveau des pantins ?
Le récit m’oblige à décrocher, me documenter. C’est épuisant, mais il faut mériter le texte. Malgré les digressions, il y a une continuité dans la réflexion sur la rédemption, la victime sacrificielle, et entre l’histoire du sacrifice d’Ismaël et le Raskolnikov de “Crime et châtiment” qui accède à la purification en payant pour son crime, le rapport est réel. Aurais-je devant moi un roman policier et psychologique; le narrateur absent ne cite-t-il pas Agatha Christie ; le roman de Dostoïevski ne fut-il pas réceptionné comme tel par le public ? Pourtant, je n’y vois pas de clifhanger me tenant en haleine, de mobile, de mode opératoire du crime ni de criminel. L’auteur syrien – Bassem Souleymane – écrit ici, sans doute à dessein, l’antithèse du roman policier. Serait-ce un roman à thèse car l’ombre de René Girard porte le texte. S’inspirant de ses théories, Il semble que l’auteur ait voulu faire du désir mimétique le thème de son récit comme Zola, s’inspirant de celles de Darwin, Taine et Claude Bernard, le fit pour l’hérédité ?
La façon d’écrire me fait oublier l’intrigue. Si intrigue il y a ! Même l’inspecteur semble ne pas s’en préoccuper. Les écrits laissés par la victime l’intéressent au plus haut point. Ce n’est pas pour rechercher le coupable mais pour partager l’angoisse existentielle du marionnettiste, son double. Le texte est truffé d’allusions ; l’interculturalité est partout. Le narrateur, omniscient, accompagne son récit d’apostilles. Il paraît faire une seule personne avec l’enquêteur. La plupart des personnages ont le même parler ; une entorse de taille au principe de la vraisemblance, à l’arc dramatique. L’explication à l’uniformité de langage, voire de pensée, des différents protagonistes résiderait-elle dans le fait qu’elle naîtrait de la psychose et du délire narratif d’un seul personnage ? Serait-ce Djamil, l’assistant de Hicham, ce personnage dont on ne sait rien et dont on apprend en fin de roman qu’il en le narrateur ? L’auteur brouille les pistes, tire les ficelles. Certains de ses personnages sont inspirés d’un feuilleton policier syrien à succès. Hichem et Djamil en font partie ; l’auteur du feuilleton – personnage réel – vient solliciter la collaboration du policier. L’horizon d’attente suscitée par l’annonce générique en première de couverture se voile. Cela devait être un roman. J’en avais une précompréhension ; je ne cache pas mon trouble. Je me rappelle Ionesco, “En attendant Godot”… Lautréamont qui écrivit : « Les gémissements poétiques de ce siècle sont des sophismes ». A quel genre pourrait-il appartenir ; serait-ce une œuvre expérimentale? Le passage d’un genre à un autre traduirait-il la défiance à l’égard d’une forme assimilée à une contrainte et son refus, exprimerait-il le désir d’explorer des terres inconnues et d’y entraîner le lecteur ? La Syrie, voire le Moyen-Orient, ayant été victime d’une tragédie inouïe, comment cela pourrait-il ne pas impacter l’auteur et comment la littérature pourrait-elle en sortir indemne et empêcher ses anciennes formes d’expression d’exploser et sortir du lit de l’habitude puis aller vers d’autres rives où l’angoisse de la survie en tant qu’objet l’emporterait, même au risque de paraître abscons, de décevoir le lecteur et ne pas répondre à son attente, sur l’intention de communiquer ! Le contraire aurait été étonnant ! Nietzche et Benedetto Croce semblent donner raison à l’auteur. Le premier écrivait : “Tout esprit un peu distingué, tout goût un peu relevé choisit ses auditeurs; les choisissant il ferme la porte aux autres”. Le second constatait que: « tout véritable chef-d’œuvre a violé la loi d’un genre établi, semant ainsi le désarroi dans l’esprit des critiques ». En choisissant les tympans qui lui sont parents, Bassem Souleymane annonce bien les vents nouveaux que porte la littérature arabe.
Mohamed Bourahla 09 février 2023

باسم سليمان's Blog
- باسم سليمان's profile
- 24 followers
