وحدة الماضي والمستقبل : عبـــــــدالله خلــــــــيفة
#عبدالله_خليفة
لا بد لك من جذور الشرق ومن تطور الغرب! لا تستطيع أن تعيش في الماضي ولا تستطيع أن تكون بلا ماضٍ! لا بد أن تجمعَ ما صنعتهُ من ضوءٍ ومجدٍ وتقدم في السابق، وأن لا تنعزل عن مجرى التقدم البشري، فالعالم لم يبدأ بك، ولن ينتهي فيك! وما أنتَ سوى لحظة من التاريخ، وقطرة في بحر الإنسانية، لكنك وقعتَ بين تخلفٍ شديد وتقدمٍ مخيف، فلا تقبل بهياكل مهترئة من الماضي يقدمونها إليك، فلا تكون لك إرادة ولا تكون لك حرية، كما فعل الاستغلاليون المتخلفون عبر التاريخ، فقادوا الأمة إلى أن تكون عربة محطمة في قطار التاريخ السريع، ولا تقبل أن تذوب في طوفان السلع الغربية لتعود مرة أخرى إلى الصحراء وقد فقدت نفطك وأبلك وحميرك! لكن الناس مهما تكن ثورتك ومحافظتك علبٌ من الماضي، مهما وضعوا الأضواء وديكورات الثياب والسيارات وتفننوا في الموضات فهم لا يختلفون عن الناس الذين عاشوا قبل مئات السنين، لا يزالون لا يؤمنون بإرادتهم، بل أزدادوا ضياعاً مع تحكم الرساميل الكبرى والدول ذات الجبروت بالبشر ينقلونهم من قارة إلى قارة كما يفعلون بالعرائس والحفاظات! أين الإنسان العربي من الإنسان الجاهلي قبل الإسلام الذي يقول : إذا بلغَ الرضيعُ منا فطاماً تخرُ له الجبابرةُ ساجدينا الآن إذا بلغ الشابُ منا جامعة وجدت ظهره منحنياً من الضرائب وتلوث الطرق والضمائر والجيوب، فهو منذ أن يتكون يخرُ ذلاً، ويزحف من أجل وظيفة، ويتوسل الراتب! ويسخر طرفة بن العبد من ملك الحيرة الذي جعل للناس يومين؛ يومٌ للطيور تطير فيها ويوم للناس تمشي على أقدامها، وإذا أحدٌ من الناس مشى في يوم الطيور ضرب، حتى جاء الشاعر عمرو بن كلثوم وقطع رأس هذا المتجبر! لا يأخذون من الماضي إلا القشور وزنازين الأفكار، ولا يأخذون من الحاضر إلا موضات الغرب الشكلية، فخسروا العصرين، ووحدة العصرين تتمثل في تأسيس حرية العربي في مبنى العلوم والحداثة


