دمشق

نشرت في ملحق النهار

(إلى هالا محمّد)
  لم نكن نعرف أنّ دموعنا الّتي سقطت ذاك اليومكانت أشبه بحدسٍ مبكرٍلحزنٍ سيجتاح المدينة بعد حينوعدتك حينها أنّ كل شيءٍ سيكون على ما يراملم أكن أعرف أنّ فراشاتك الملوّنة الّتي كانت تحلّق حولناستهشّم في مجزرةٍ جماعيّةٍيرتكبها أولئك الّذين لم يتأمّلوا يوماً في أرواح الفراشاتولم يعرفوا من الألوان إلّا ما يصنعونه من أحمر الدّماء*كانت ابتسامتنا للكاميرا حقيقيّةلكنّ من يحدّق جيّداً في الصّورةيرى اللمعة في عيوننا من أثر الدّموع
حين غادرنااعتقدنا أنّ المدينة تبتسم أيضاًلعلّنا فقط لم نحدّق جيّداً*لكنّ دمشق ليست لهمدمشق لبائع الأفلام المتجوّل قرب فندق الشّامدمشق لبائع الترمس والذرة في الصّالحيّة*دمشقكأس نبيذٍ في باب توماوصوت فيروز يصدح من محلّ ثيابٍ في شارع الحمراء*دمشق زحمة سوق الحميديّةوسيّارات التاكسي الصّفراء في كلّ مكان*الكابوس ليس ما نراه أثناء نومناالكابوسما نراه أثناء صحونا ولا نصدّق أنّه يحدث*لكنّ الخوف لم يعد عُملة للتداول في المدينة*والفراشاتإن وضعوها في سجنٍظلّت تحلّق بحثاً عن نافذةٍ
وإن أغمّوا عينيهاظلّت تحلم بالضّوء*الأرواحلا تكبّل بالأصفاد*الأحلام لا تُقصف بالدّبابات*المدينة لن تكون بلونٍ واحدٍ كما يريدونالمدينةملوّنة ملوّنةكالفراشات*قد لا أعدك الآن أنّ كلّ شيء سيكون على ما يراملكنّ الأسطورة تقولأنّ الفراشات إذ تموت قتلاًتعود أرواحها لتنتقموأنا أؤمن بذلك
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 10, 2011 00:03
No comments have been added yet.