رأسي البسط، وجسدي المقام، أنا كسرٌ بين الأرقام – قصيدتي في مجلة ميريت المصرية – باسم سليمان
اللهاة
في الحلق
كيس ملاكمة
مملوء بالرمل
تتمرّن به الكلمات
على اللطم
قبل أن تخرج من أفواهنا.
***
في بطني حيّتان
تتصارعان
واحدة ثخينة كحبل المرساة
واﻷخرى نحيلة
كخيط الإبرة
فأقضم لهما
تفاحة.
***
أصبتُ عصفورين
بحصاة مرارتي
وطاشتْ حصاةُ كليتي
في المدى.
***
أيّتها المشيمة
ها أنا
ألمس سرتي
إلّا أنّ الحبل مقطوع.
***
زائدتي الدودية
ملْتهبة كجمرة
تظنّ نفسها فراشة
لذا
ابتلعت شمعة
على الرّيق.
***
لديّ فتقٌ
في منتصف وأسفل يمين بطني
كأنّه نصيحةٌ
كي تصيبَ الهدف برصاصة
يقول الطبيب: تحتاج إلى شبكة
كي نرتق الفتق.
لكن ليس في بطني سمكٌ
يصلح لمعجزة.
عندما خدّرت
نمتُ بلا أحلامٍ أو كوابيسْ
واستفقتُ على رتقٍ محجوب بقطب
خيوطها جُدلت من أمعاء خروف
حديث الولادة.
***
اليوم شيّعت شعبًا
من كريات الدم الحمراء
دفنتهم في الطحال
وشربت قهوة العزاء
في الكبد.
***
ضرس العقل
ذكرى من زمن
كنّا فيه كائنات عاشبة
إنّه آخر الأسنان اللبنية
لذلك نخلعه
عندما نصبح راشدين.
***
أفكّر أن أهدي روحي جسدًا آخر
ولربما أعطي جسدي روحًا آخر
أحيانًا أشعر أنّ روحي يحتلّ جسمي
أو أنّ جسمي اغتصب روحي العابر.
***
الوجود قطعة نقد
وجه من ولادة
ووجه من موت
وأنا فقير
ليس في حصّالة قلبي إلا الفراغ
ليس في صندوق رأسي إلا السراب.
***
لجسدي ظلّ في النهار
ولروحي شبح في الليل
يا الله اكسف الشمس
واخسف القمر
حتى أجد يقيني.
***
في الجسد عضو
يٌسمى الخسارة
لا يُذكر إلّا حين ينفجر
كالمرارة.
***
جسدي قطب سالب
روحي قطب موجب
أنا مغناطيس
في زمن النحاس.
***
لي بيضتا فصح
لا عشّ قشٍ لهما
احتضنتهما تائها في الماء العكر
مبحرًا بقربة مثقوبة
مرّت الكثير من الكتب فوقهما
صوتت كنايات رطبة
لكنّهما لم تفقسا
جاء طائر الوقواق
وترك فرخه بين بيضتي الخدرتين
يشرئب برأسه
ويضع مخالبه على كتفيهما
ملتقطًا القمح من كيس فخذيك.
***
تستطيع أن تصنع من الجمجمة رِفّ كتب
ومن القفص الصدري عودًا
ومن عظام الكفّ خشخيشة
ومن العمود الفقري
مسندًا للنوىة الموسيقية
ومن عظم الفخذ عصا للطبل
ومن عظمتي الساق:
من الظنبوب عصا للمايسترو
ومن القصبة مزمارًا للرعاة.
تستطيع أن تكون صانع آلات موسيقية
لكن قبلّا
كن جزّارًا في سوق اللحم.
***
الدماغ إسفنج
ورثناه عن أجدادنا البرمائيين
عندما كنّا
كالضفادع
نقفز إلى الأعلى
كي نسبح في زرقة الإله.
***
الدماغ إسفنج
يمتصّ ماء الوجود
وما يفيض عن حاجته
يهدره بالدمع
بالمخاط
باللعاب.
***
الدماغ إسفنج
يسفح ماء وجهه
عندما يكتشف
التشابه
بين فصّيه
والإليتين.
***
الدماغ إسفنج هارب
من التطوّر الدارويني
لذلك
اختبأ في جمجمة الإنسان.
باسم سليمان
خاص مجلة ميريت



باسم سليمان's Blog
- باسم سليمان's profile
- 24 followers
