القلفة – فصل من روايتي نوكيا المتواجدة في معرض الرياض 2021 جناح دار سين

……..
……….
– عضوكَ سيفٌ مغمود، أمّا أنا ومحمود، فسيفانا قد شهرناهما منذ الأسبوع الأوّل لولادتنا، لذلك يحقّ لنا الزّواج بأربع إناث، فهما قد تأهّبا للقراع منذ نعومة أظفارهما. هذا السّبق الوجوديّ يجب أن تقرّ به، أمّا مزايداتكَ والميزات التي خلعْتَها على زائدتك اللحمية من سهولة ممارسة العادة السرية دون بصاق أو صابون، وما تؤمّنه من متعة أكبر بسبب مساحة الجلد المكتنز بالنهايات العصبية، وأنّ الممارسة لديك باثنتين ممّا لدينا، فالواقع يكذِّبها ولا تنفعك! فلا يتساوى السيف المثلّم من كثرة الضراب والسيف الصدئ في غمده، حتى أنّك تستطيع معرفة شهرة أعضائنا من ولع النساء الغربيات، والعناء الذي يتكبدنه ليحظين بمضاجعة مَنْ يشتهر بجعل أربع نساء ينمن وهنّ منهكات الفروج! أضفْ على ذلك ما قرره الطب من منافع الختان.
– بما تفسران ختان البنات الذي وجد أساسه في قطع شهوة الأنثى؟ وما رأيكما بما أكّده الطب، من أنّه يخفف من رغبة الأنثى الجنسية، ويجعلها نهبًا لأحلام لا تتحقّق، فتصبح مخلوقاً معقداً كالشارب من ماء البحر لا يرتوي، فيقضي عمره في ملاحقة السراب. أليست الحور العين نتيجةً لهذا الحرمان؟ أمّا هذه الجلدة، كالسرج للحصان، فتجعل ركوبه ممتعاً ولا تترككما بقرحات وجودية، أو في هلوسات آخرةٍ تقضونها في المضاجعة!
– الذكر فزيولوجيته مختلفة عن الأنثى، ولا وجه للمقارنة!
****** ****** ******
لم يكن من الممكن أن يختتم هذا الجدال إلّا بحكم خبيرة في أعضاء الرجال ومن غير رغدة! امرأة في الأربعين مرّ على فرجها آلاف مؤلّفة.
لم نكن نملك إلا مئةً وخمسين ليرة، والسعر لديها كان بألفٍ لفنجان القهوة السريع، وإن يكن، فالموضوع سؤال وجواب! ومن المؤكد أنّها ستزهو بنفسها، فلا نعتقد أنّ أحداً من الرجال قد سألها هذا السؤال، ولربما ترى فيه وجه فائدة غفلتْ عنها، فترفع سعر فنجان القهوة لديها، أكان بهيل أم بدونه!
طرطوس مدينة مكشوفة، إنّها قرية كبيرة، تشعر فيها بأنكَ معروف جدًّا، لذلك تسلّلنا إلى بيتها في العاشرة صباحاً، وما من أحد سيظنّ بنا، فهي لا تبدأ عملها -حسب ما سمعنا- إلا مساءً. رسمنا خط سيرنا إليها وفق خطّة مدروسة، فكان الأهم في هذه الخطّة الكيفية التي سنقرع بها الباب لإيقاظها، وكم عدد الطرقات، أيجب أن تكون سريعة الإيقاع أم بطيئة؟ ومن ثم ما هو التعبير الذي يجب أن تراه على ملامح وجوهنا؛ ليقنعها بعدم الصراخ بصوت يصل إلى آخر الشارع الجانبي الذي يطلّ بيتها عليه. وأخيرًا، من المفترض علينا أن نجعل المئة والخمسين ليرة ظاهرة، في حين يتولّى داني سؤالها، فيما يبقى محمود خلفنا تحسباً، من ماذا؟ لم نكن نعرف، لكن لربما يكون من تفاصيل الخطّة (باء). في النهاية، استنتجنا أنّ علامات البله ستكون الخطّة الحاسمة التي يجب تقديمها لرغدة كملمحٍ لوجوهنا أو ما يمكن أن نطلق عليه: الجديّة البلهاء.
صعدنا الطوابق الثلاثة، وأمام الباب وقفنا كمثلث متساوي الضلعين، قاعدته تستند إلى الباب. ثلاث دقات بطيئة على الجرس وبعد عدّة ثوانٍ نعيد الكرّة. اهتزّ الباب كأنّ ريح عاصفة مرّت من قربه، ومن ثم انفتح الباب على عمودٍ من لحم، وقبل أن تباغتنا بردّة فعلها، كان داني يسرد ما اتفقنا عليه كتلميذ عينه على العلامة التامة أمام أستاذه: سيدتي المحترمة، أرجو منكِ أن تستمعي إلينا، فنحن -والله- لا نريد إزعاجك، لكن للضرورة أحكام! وأنت الوحيدة القادرة على إجابتنا وإلّا صداقتنا مهددة بالزوال.
كان وجهها الناعس قد استيقظ تماماً، وعلتْه غرابة المستيقظ من كابوس، في تلك اللحظة دفعتُ بالمئة والخمسين ليرة أمام بطنها وعينيها، بينما داني يتابع الكلام:
وهذا ثمن الجواب الذي نريده منك!
عند كلمة الجواب أمالتْ جسدها بعيداً عن فرجة الباب لتدفعه بيسراها بقوةٍ. مددتُ قدمي التي هُرسَتْ بين الباب وإطاره لمنعه من الانغلاق، كاتماً آهات الألم المنبعثة من قدمي إلى فمي، في الوقت نفسه، بدأ داني توسلاته:
من أجل الله، أتوسل إليك، كرمى لله!
اللغة الفصحى التي أثارتْ استغرابنا، عللّها داني بأنّ نطقه بها، يجعله أكثر قدرة على الإقناع! فجربتُها في محاولةٍ لصيد أنثى، فالتفتتْ إليّ وابتسامة عريضة تعلو وجهها، وعندما غمزتْ الصنارة، تأكدتُ من صحة تعليل داني، فهل اعتبرت لغتي الفصحى مجرد حماقة، لا يرتكبها إلا عاشق مولّه! أمّا داني؛ فساق ما حدث دليلاً على أنّ النساء يضحكن مما ندعوه التفكير المنطقي، لأنّه يتحوّل إلى لهاثٍ فيما بعد! فلا يمكن لكائن أن يكون منطقياً وله رأسان؛ واحد فوق كتفيه، وآخر بين رجليه، وكعادتي، عارضتُ نظريات داني قائلاً:
منطقية الرجل تكمن في رأسيه، إذ تعاكس هذه النظرية وتؤكّدها ضحكات المرأة، فكيف لرأس واحد أن يملأ فمين بالكلمات؛ فم الوجه، وفم الحوض!
فُتِح الباب من جديد، حررتُ قدمي محاولاً منع تأوهات الألم من الخروج من حلقي. سكنَ الألم تلقائيا، عندما تلفظتْ رغدة : أأنتم مجانين؟
فردّ ناطقنا الإعلامي وباللغة العربية الفصحى:
سيدتي، نحن في قمة العقل، وطالب العلم يذهب إلى الصين ليعرف الجواب! والجواب لديك، ونحن لسنا متطفّلين، ونعرف أن وقت عملك لم يحن بعد.
تبتسم: ما هو سؤالكم؟
فتابع داني: أرجو ألا يسبّب لك إحراجاً.
تهمهم، بينما استجمع داني صوته لطرح السؤال عليها بلهجة علمية خالصة: سيدتي بحكم خبرتك أيهما أحسن، العضو المطهّر أم غير…؟
تنفجر ضاحكة وتكرر: أنتم مجانين!
فأجابها داني بكل وقار: عفواً سيدتي، أرجو الإجابة! دفعتُ بالمئة والخمسين ليرة إلى يدها، فازدادتْ ضحكاً: ما هذا الصباح! لكنْ-والله- تستحقون فنجان قهوة!
ما حدث كان غريباً، والأغرب منه ألا ندخل! إنّها فرصة العمر، تهادتْ أمامنا بقميص نومها الذي يكشف عن فخذيها بالكامل، وإذا أسقطتَ قلماً على الأرض، وانحنيت لتلتقطه، سترى كيلوتها الأسود، قليلاً من الانحناء يكفي! همس محمود.
جلسنا في غرفة الضيوف /الزبائن. كان بيتاً عادياً، فيه لوحات، إطارها أثمن منها، وطقم من الكراسي المخملية اللون. تسللتْ رائحة القهوة إلى أنوفنا، لم أكن مثاراً حقيقةً، فقد كنت مدهوشاً طوال الوقت الذي مضى وهي تعدّ القهوة.
سألتهما فيما بعد، بماذا فكرا؟ فكانت أجابتهما مثلما حدث لي: فكرنا باللاشيء!
كيف نفكر باللاشيء ونحن في بيت عاهرة، هل احتفظنا بعذرية الأفكار إلى ما بعد لنجترّها كفحول تحت أغطيتنا ونتأوه؟ يبدو الأمر كذلك. لقد حدث هذا لي شخصياً، فلستُ أدري لماذا لم نثرثر لبعضنا بما حلمنا! كنّا نفعلها قبلاً، نتشارك الأحلام الجنسية عن النساء، فيما بعد عرفتُ أنّ الفحل لا يريد شركاء حتى في أحلامه.
دخلتْ كنادية لطفي، عقدتْ ساقاً على ساق، نظرتُ إلى فخذيها باطمئنان، كان وجهها جدياً، الوجه الجدي دليل على التفكير، لم أدرك وقتها أنّنا فتحنا جرحاً قديماً، خفّتْ نبرة صوتها، وتكلمتْ بلغة عربية بيضاء كلغة نشرات الأخبار. يبدو أنها متعلّمة!
تبدأ الذكريات بــِـــــــ (كان ياما كان)… تكلمتْ عن أشياء تعود إلى زمن بعيد، لم نكن وقتها قد ولدنا، تكلمتْ عن فتاة، على ما يبدو أن ماضي المرأة: هو فتاة تحلم، ثم يأتي زمن المرأة لتدفع ديون أحلام الأنثى الصغيرة، أمّا الرجل، فماضيه ليس إلا رجولته، أمّا “ولدناته” فتنسى أمام أطول حقبة له، فثلاثة أرباع عمر الرجل صفتُهُ الرجولة.
المرأة كثيرة الحقب فمن طفلة، إلى فتاة، فصبية، فعزباء، فمتزوجة، فأم، فعاقر أو عانس، هذا الاستئناف يحكم عمر المرأة، لذلك كلامها ليس جديراً بالأخذ ككلام الرجل، صاحب الفاء الوحيدة في حياته.
أخذَنا حديثها، ولم يعد يعنينا السيف المغمود، ولا نظيره المسلول، تناسينا الثمن، ويبدو أنّه لم يكن يعنيها أيضاً. هبطنا بهدوء من منزلها غير مكترثين أشاهدَنا أحدٌ أم لا!
باسم سليمان's Blog
- باسم سليمان's profile
- 24 followers
