سرّ الحكمة

أرأيتِ إن كان لديك فستانٌ من الحرير باهظ الثمن، أو أن أحدهم أهداه لك فهو أغلى من أن يُقدَّرَ بثمن، وفجأة وجدت بقعة لون داكن في الفستان، فأصابك الحزن واستشرت ذا علمٍ وضمير، فقال لك ألا تجزعي، وأن هذه البقعة ماهي إلا قطرات ماءٍ نظيفٍ وقعت على الفستان، وسوف تزول هذه البقعة من تلقاء نفسها ، دون أي تدخّل، ودون أن تترك أدنى أثر سلبي على الفستان، وكل ماعليك فعله هو أن تعطي الفستان الوقت الكافي لكي يجف الماء، وربما سرّعتِ في ذلك بفتح النافذة مثلاً، لم تقتنعي بكلامه بالطبع، كيف يكون الأمر بهذه البساطة؟ وكيف تزول هذه البقعة لوحدها؟ لماذا إذاً وُجدّت مئات الإعلانات عن صابون الغسيل ومستحضرات إزالة البقع من مساحيق وسوائل وما بينهما!! وبالفعل قررتِ الذهاب لاستشارة خبير تنظيف آخر، فبادر بوصف "خلطته السحرية لإزالة البقع الفورية"، وطلب منك وضع الفستان في غسالة الملابس مع غيره من الملابس المتسخة، واضافة عدد من هذه المساحيق، وتشغيل الغسالة مدة نصف ساعة على الأقل، تنفستِ أنت الصعداء، وحمدت تلك الصدفة التي أتت بك لذلك الخبير الاستشاري، وأنت بالطبع تظنين أنك تحسنين صنعاً! ولكن!!!! عندما توقفت غسالتك عن الدوران، وانتشلتِ أنت الفستان، تفاجأتِ بما آل إليه حاله، فقد بهت لونه، نقص طوله، وبدا قديماً جداً من أثر الصابون وربما تمزقت بعض خيوطه بسهولة بين يديك، عندها تمنيتِ لو أنك استمعتِ إلى النصيحة الأولى
إذا مرض طفلك "لا قدّر الله" أرجو أن تتذكري جيداً قصة فستان الحرير! مع الفرق الشاسع بالطبع. من فضلك، لا تجعلي جسم طفلك مخزن أدوية، ولا حقل تجارب للآخرين
مريم الرميلي
6 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 11, 2020 07:08
No comments have been added yet.


فيما بيننا

مريم الرميلي
أعمل بصدق على إعادة الوجه الإنساني لمهنة الطب، ونشر فن الإحسان إلى المريض

مريم الرميلي
Follow مريم الرميلي's blog with rss.