تسويق المرأة للعمل!؟

سبق وحدثتكم عن صديق يتتبع أحوال الأسر الفقيرة، يحاول المساعدة حسب الإمكانيات، وقبل أسبوع حدثني عن حالتين، الأولى لسيدة لديها أطفال فيهم معاقون، وظيفة الزوج صغيرة وراتبها ضئيل، والإعاقة تحتاج إلى خدمات ومصروفات تتجاوز الحاجة العادية، استمر الصديق فترة من الزمن يتواصل مع السيدة ويقدم ما يستطيع، من ذلك انه تكفل بطفلين معاقين من أطفالها، بعد مدة أخبرته السيدة الكريمة أنها لم تعد بحاجة للمساعدة، وكلما اتصل بها شكرته ودعت له وكررت عليه «الحال مستور»، سألها الرجل عن تغير أحوالها، فأخبرته أنها أصبحت تجهز في المنزل وجبات للمعلمات وان العمل يتكاثر عليها وحالها أفضل من السابق بكثير.
من القليل أن يرفض احد المساعدة لكني شاهدت أسراً في أحوال صعبة تشكر وتتعفف بعد خروجها من ورطة مثل إيجار المسكن، وهذا الأخير واحد من أهم أسباب مذلة السؤال والفقر، أما السبب الثاني للفقر والحاجة و «الشحططة» فهو قضايا الأحوال الشخصية، «تعليق، طلاق، إهمال زوج أو فقدانه» وتعامل بعض القضاة معها، خاصة للنساء المحتاجات، فالجانب الاجتماعي عند النظر لهذه القضايا مغفل، وكل واحد يدبر نفسه.
أما الحالة الثانية فهي لسيدة أخرى، لديها ثلاث بنات شابات، لا يعملن، توفي زوجها مؤخراً ولم يترك شيئاً، إيجار البيت تراكم، وصل بهم الأمر إلى الجوع، دون مبالغة، استطاع الرجل عن طريق فاعل الخير الوصول لها، واجتهد في المساعدة المؤقتة. قلت له لماذا لا تفعل السيدة الثانية مثل الأولى؟ يمكن تأمين رأس مال صغير لعمل من هذا النوع، وصلنا إلى نقطة التسويق ولازلنا متوقفين عندها. تخيل لو أن كل معلمة تعرف أسرة فقيرة حاولت تسويق مثل هذه الخدمات لزميلاتها في المدرسة، لوجه الله تعالى، كم أسرة فقيرة ستتغير أحوالها.
إننا لسنا بحاجة لتسويق المرأة للعمل بقدر ما نحن بحاجة إلى تسويق العمل للمرأة، توظيف القدرات المعطلة للوفاء باحتياجات قائمة، تجدها كل ضحى في سيارات المطاعم أمام المدارس، حالات الفقر الفاقعة والمدقعة التي المسها أحياناً، تشير إلى أن الأكثر احتياجاً للعمل بدلاً من مذلة السؤال وانتظار الصدقة، هم من هذه الأسر، الفقر المدقع موجود مهما كان تعريفه، وهذه «الهوة» من دلائل فشل الجمعيات الخيرية وجمودها على نمط أعمال لم تتطور، وهو فشل مرتبط بوزارة الشؤون الاجتماعية التي لم تستطع تتبع «مخرجات» المحاكم أو ما «تعلق» داخل أروقتها، تخيل لو كان هناك مبادرة لشراكة اجتماعية – حقيقية لا إعلامية زخرفية- بين الوزارة المحاكم، يكون هدفها الحد من الفقر ومذلة السؤال والارتهان لعامل بقالة آسيوي، تخيل ذلك واستمتع فهو من أحلام اليقظة.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 03, 2012 13:13
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.