عبـــــــدالله خلــــــــيفة : نصف موت أو حياة جديدة
قد يتساءل قارئ يتصفح الجريدة وهو في طريقه إلى عمله مبكراً، لماذا تنهال المقالات والأخبار بشكل مبالغ فيه حين يغيّب الموت كاتباً أو روائياً، أو مفكراً، أو شاعراً، أو غيره من المثقفين؟ ماذا يختلف موت هؤلاء جميعاً عن موت شخص عادي أمضى حياته بين العمل وبيت العائلة؟ هل موت المثقفين يختلف عن موت الناس العاديين، ولماذا يصبح منجز الكتّاب مهماً أكثر بعد موتهم؟
أسئلة لا يمكن الإجابة عنها سريعاً، كما لو أننا نجيب عن أسمائنا، أو أعمارنا، فللموت حكايته التي لن تتوقف، والكتابة سيرتها الغريبة، وللكتّاب هيبتهم العالية، وذلك كله يستدعي الوقوف طويلاً والتأمل بكل هذه المفردات الغامضة والواضحة معاً .
غيب الموت الروائي البحريني عبـــــــدالله خلــــــــيفة، تاركاً خلفه سيلاً من الحبر الهادر على مئات الصفحات الخليجية والعربية، ومثيراً من جديد كل تلك التساؤلات التي مرت في بال القارئ المتجه إلى عمله باكراً، فالراحل قامة روائية عالية لها حضورها اللافت في المشهد البحريني والخليجي والعربي، صنعتها عشرات المؤلفات، ومئات المقالات الفكرية والنقدية والسياسية .
لا يختلف موت المثقفين عن موت سائر البشر، إلا أن موتهم يعني توقف مشروع أدبي أو فكري، أو شعري عن النمو، مشروع يمتد تاريخه إلى عشرات السنين، وهو ما يعني توقف مؤلفات كان من شأنها أن تحدث فعلاً جمالياً، أو تنقب عن عطب وتشير إليه، أو تكشف هوية ظلت غامضة، أو غيرها من أغراض الفعل الإبداعي الكتابي .
بموت الروائي عبـــــــدالله خلــــــــيفة، الذي بات يعتبر عرّاب الرواية البحرينية، توقف مشروع هائل من الجرأة، والحفر العميق في الثقافة الخليجية، والتأصيل لمفرداتها، فهو أنتج علاقة مغايرة مع البحر، هذا التكوين الهائل الذي يمثل جزءاً من هوية المواطن الخليجي، وحلقة من تاريخه مع الجغرافيا، وتوقف عند إشكاليات لافتة في الثقافة الخليجية تم تكفيره على إثرها .
فما لا شك فيه أن عبـــــــدالله خلــــــــيفة كان صوتاً متفرداً في الفضاء الثقافي الخليجي، وكانت له رؤاه وآراؤه المغايرة، إذ يقول في إحدى مقابلاته حول تطور الرواية الخليجية: «إن جيل الكتابة الروائية في الخليج لم يظهر سوى بعد إنجاز الثورات الوطنية في النصف الثاني من القرن العشرين»، من هنا، فإن معظم نتاجاته الروائية متجهة لقضايا اجتماعية تنموية، وقضايا التعسف الحكومي (الوطني) وجسد اختلاف الرؤى في طرق التنمية والتعبير عن معاناة النماذج الشعبية المسحوقة غالباً .
يبقى القول إنه إضافة إلى ما يمتاز به موت الكتاب عن غيرهم، فإنهم لا يموتون تماماً أو كأنهم يموتون حتى منتصف الموت، أو يحيون من جديد، فهم يتركون خلفهم عشرات المؤلفات التي تبقيهم أحياء في ذاكرة القراء، وهذا هو حال عبـــــــدالله خلــــــــيفة الذي ترك للمكتبة العربية أكثر من خمسين كتاباً بين مجموعة قصصية، ورواية، ودراسة فكرية نقدية، ذلك إضافة إلى مئات المقالات التي نشرت في عشرات الصحف الخليجية والعربية .
محمد أبو عرب : شاعر وصحفي اردني
أسئلة لا يمكن الإجابة عنها سريعاً، كما لو أننا نجيب عن أسمائنا، أو أعمارنا، فللموت حكايته التي لن تتوقف، والكتابة سيرتها الغريبة، وللكتّاب هيبتهم العالية، وذلك كله يستدعي الوقوف طويلاً والتأمل بكل هذه المفردات الغامضة والواضحة معاً .
غيب الموت الروائي البحريني عبـــــــدالله خلــــــــيفة، تاركاً خلفه سيلاً من الحبر الهادر على مئات الصفحات الخليجية والعربية، ومثيراً من جديد كل تلك التساؤلات التي مرت في بال القارئ المتجه إلى عمله باكراً، فالراحل قامة روائية عالية لها حضورها اللافت في المشهد البحريني والخليجي والعربي، صنعتها عشرات المؤلفات، ومئات المقالات الفكرية والنقدية والسياسية .
لا يختلف موت المثقفين عن موت سائر البشر، إلا أن موتهم يعني توقف مشروع أدبي أو فكري، أو شعري عن النمو، مشروع يمتد تاريخه إلى عشرات السنين، وهو ما يعني توقف مؤلفات كان من شأنها أن تحدث فعلاً جمالياً، أو تنقب عن عطب وتشير إليه، أو تكشف هوية ظلت غامضة، أو غيرها من أغراض الفعل الإبداعي الكتابي .
بموت الروائي عبـــــــدالله خلــــــــيفة، الذي بات يعتبر عرّاب الرواية البحرينية، توقف مشروع هائل من الجرأة، والحفر العميق في الثقافة الخليجية، والتأصيل لمفرداتها، فهو أنتج علاقة مغايرة مع البحر، هذا التكوين الهائل الذي يمثل جزءاً من هوية المواطن الخليجي، وحلقة من تاريخه مع الجغرافيا، وتوقف عند إشكاليات لافتة في الثقافة الخليجية تم تكفيره على إثرها .
فما لا شك فيه أن عبـــــــدالله خلــــــــيفة كان صوتاً متفرداً في الفضاء الثقافي الخليجي، وكانت له رؤاه وآراؤه المغايرة، إذ يقول في إحدى مقابلاته حول تطور الرواية الخليجية: «إن جيل الكتابة الروائية في الخليج لم يظهر سوى بعد إنجاز الثورات الوطنية في النصف الثاني من القرن العشرين»، من هنا، فإن معظم نتاجاته الروائية متجهة لقضايا اجتماعية تنموية، وقضايا التعسف الحكومي (الوطني) وجسد اختلاف الرؤى في طرق التنمية والتعبير عن معاناة النماذج الشعبية المسحوقة غالباً .
يبقى القول إنه إضافة إلى ما يمتاز به موت الكتاب عن غيرهم، فإنهم لا يموتون تماماً أو كأنهم يموتون حتى منتصف الموت، أو يحيون من جديد، فهم يتركون خلفهم عشرات المؤلفات التي تبقيهم أحياء في ذاكرة القراء، وهذا هو حال عبـــــــدالله خلــــــــيفة الذي ترك للمكتبة العربية أكثر من خمسين كتاباً بين مجموعة قصصية، ورواية، ودراسة فكرية نقدية، ذلك إضافة إلى مئات المقالات التي نشرت في عشرات الصحف الخليجية والعربية .
محمد أبو عرب : شاعر وصحفي اردني
Published on January 05, 2020 15:49
No comments have been added yet.


