أحمد رجب...تحويجة عطار محترف في "الجدعنة"

لازلت أتذكر ذلك اليوم في تلك الرقعة الممتدة ما بين بيت العود وبيت زينب خاتون، حين كانت أم كلثوم تصدح في مذياع المقهى قائلة " طول عمري بخاف م الحب"، وشذى الفل يملأ الأرواح قبل الأنوف، وذلك الشاب النحيل صاحب العيون الخضراء والذقن الشقراء الخفيفة يمشي متجهاً إلى منضدتنا، لفت إنتباهي في البداية أنه يحمل روايتي، وعندما تحدث نسيت الرواية، وأدركت للوهلة الأولى لحظة ميلاد صداقة، تمنيتها وتحققت.
قليلون هم من يعرفون أحمد رجب على حقيقته، يعتبره البعض جافاً، أو متعالياً، ولكن عندما يقتربون منه سيدركون العكس تماماً، سيرون بين جنبات روحه ذلك الطفل الحالم، الباحث دائماً عن الأفضل، المندهش والمدهش، سيرون أيضاً أن "شطارته" في مهنة الصحافة ليست فقط ناتجة عن مجهود ضخم بل عن موهبة أضخم.
سيعرف المقتربون، وبالمناسبة هم ليسوا بالكثير فالتخيلات البشرية السابقى قد تجبر البعض على ترك مسافة فاصلة، أو خاسرة في رأيي، ولا يهم هذا صاحبنا لأنه إنتقائي للغاية، يحب أصدقائه قبل أن يصادقهم، يدخلهم قلبه فلا يخرجون، سيعرفون أن صاحبنا مختلف، يشبه تلك التحويجة التي صتعها عطار محترف، من أوراق أحد اسلافه العظام، صنعها على "رواقة" ولم يبخل عليها بشيء، تحويجة قادرة بقوة الرأي والحجة على إقناعك على إرشادك على الطريق الصحيح.
يمتلك رجب ابن العشرينيات، خبرة صاحب الأربعينيات، وحصافة رأيه ووجهة نظره، ولا يعيبه إلا ذلك القلب الذي خُلق على عجل، والذي يحمل روح عصفورا في حياة أخرى، والذي يأبى الإستقرار، ويحيا حياته ملتقطاً الحَب، من مكان لآخر، دون عشاً يحويه.
أثق يوماً أن جناحي العصفور سيتعبان وأن روحه ستعرف الإستقرار .
صديقي أحمد رجب من ذلك الصنف من الرجال، الذين يطلق عليهم "تحويشة العمر"، هؤلاء الذين تفضل الموت بين يديهم موصياً إياهم بكل ما تريد، هؤلاء الذين تستند إليهم وأنت لا تخشى خذلاناً، هؤلاء الأصدقاء الذين كانت تحكي عنهم الأساطير.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 01, 2012 00:27
No comments have been added yet.