اغتراب

مصطفى البقاليفِي هذا الشَّارِعِ الأنيق حد النشاز
وَجعُ العَزْفِ..
يحمل رائحة زهر الليمون
مستعجلون يلاحقون عقارب الساعة
القطار مثل الحزن يأتي في موعده
ولا ينتظر أحداً
العامل الأسمر يعلق إعلاناً في المحطة
يطلب إبلاغ الشرطة عن حقائب مشبوهة..
وفي الخارج مطعم هندي
وطابور طويل بجانب محل المثلجات..
أسأل البائعة المكسيكية عن نكهة الاغتراب
فتعطيني مناديل كثيرة..

في هذا الشارع عازف حزين
يبيع الأوبرا وإرث "إلفيس بريسلي"..
لا يجد صعوبة كبيرة في ركوب الخيل
في خياله
يجيد العزف على "الهارمونيكا"
وتحريك قبعة راعي البقر

في هذا الشارع أسماء محلات مقتبسة
من الكتب المقدسة والأعياد
وتماثيل شرق آسيا..
إعلانات تسألك عن الرب والجنة
أو تقترح عليك شراء ورقة اليانصيب
بدولارين..
فهل يبرر كل هذا الورد المطل من الشرفات
ديكتاتورية الحزن
في بلد يحكمه الرئيس بالأغلبية
ويُطردُ بالانتخابات؟

لست أكره المدينة
لكني أحبك أكثر
تتنازعني هواية الغوص والسفر
ورؤية الشاعر داخلي
لإشكالية تداخل الجغرافيا
مع فقه الدموع..
ثم تزورني الهواجس
في كل المدن التي لا تجمعنا
وفي كل مرة
أجدني أمشي على طريق ألمي
أقف حيث صمتنا..
أملأ صدري بهواء الحلم..
وكل ما عشته قبل السفر
ثم أمضي في طريقي
باحثا في الغياب
عن حرية الشعور
فلا أجد شعارا انتخابيا مناسبا
داخل قفصي الصدري
والأوراق التي حملت قصائدي
صادرتها جمعية الدفاع عن حق الخشب
في مغازلة المطر الخفيف
"يا إلهي يا خالق رائحة التراب المسقي
إن مناديل البائعة المكسيكية ليست كافية
لتمسح الدمع والماء"

أرحل مع سيارة "أوبر"
يبتسم السائق الصيني اللطيف
يقول شيئا لم أفهمه جيدا
ثم أغادر شارعنا
منشقا ومهزوما..

واشنطن 2013
مصطفى البقالي
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 14, 2019 07:53
No comments have been added yet.