الزمن الجميل للطعميةإنتشر، بترهل كبير، تعبير "الزمن الجم...

الزمن الجميل للطعمية
إنتشر، بترهل كبير، تعبير "الزمن الجميل" يطلقونه على كل ماض مضى ولا يكون به أي شبهة من جمال أو وسامة سوى أنه "كان وياما كان"، ومع ذلك إذا كان لي أن أمضغ هذه اللبانة وأتنهد في تحســر على "زمن جمييييل" فليس لي ما أتحسـر عليه من الماضي سوى "طعمية زمان"! لم أعد أجد طعمية لذيذة؛ أبحث عنها عند مشاهير الطعمجية ولا أجد سوى أقراص كبيرة مزيّفة: الشكل طعمية والرائحة مُقاربة لرائحة الطعمية لكن لالالالالالالالالالالالالالالا هذه ليست الطعمية التي أتوق إليها وأتمناها لتعيد لي بهجة مذاق الطعمية في زمنها الجميل، في سنوات الأربعينات بالذات آآآآآآآآه!، صحيح أن تدهور مذاق الطعمية لم يتم فجأة لكنه، وللغرابة، تأكد مع اتساع مطاعمها المنتحلة لاسمها وألقابها المتنوعة زورا وبهتانا!
أعود بأنفي إلى الوراء ، عبر ما يقرب من 65 سنة مضت إلى حال سبيلها غير مأسوف على شئ فيها سوى "الطعمية"، أشم مسحورة رائحة طعمية "موسى فلفل" ليلة الأحد تملأ شارع العباسية من ميدان الظاهر بيبرس حتى ميدان فاروق، (ميدان الجيش منذ 23 يوليو 1952)، ويقف الناس في زحام للشراء والزوجة إلى جوار زوجها أمام طاسة الزيت المغلي لا تكاد ترى يدها الممسكة بالشوكة الطويلة تجمع بسرعة هائلة أقراص الطعمية، التي ما أن يلقيها زوجها في الطاسة حتى تنضج على الفور وتأخذ لونها الذهبي، ومع حركة يد الزوجة في جمع الأقراص الناضجة تسمع شخللة مجموعة غوايشها الذهب المتراكمة من الرسغ حتى قبل الكوع بقليل وعلى وجهها ووجه زوجها صهد بخار الزيت يزيد من احمرار أنفه الضخم، ورغم دوشة الزحام وإلحاح الطلبات يبتسمان وتظهر أسنانهماالذهب بوضوح. كان الإقبال على طعمية "موسى فلفل" وزوجته شديدا، لا فرق بين مسلم ويهودي وإن إشتهرت بلقبها "طعمية اليهودي": صغيرة الحجم نحيلة السُمك غالية السعر فثمن القرص الواحد الملّيم بأكمله! وطبعا مقارنة بـ "طعمية المسلمين"، التي كنا نشتريها من ميدان قشتمر، أم سمسم الأكبر حجما والأغمق لونا واللذيذة بوفرة طيلة اليوم وكل يوم والقرصين بمليم واحد، لابد أن يكون موسى فلفل وزوجته في عرف الزبائن "حرامية" لكنهما لم يضربا أحدا على يديه ليرغماه على شراء طعميتهما، التي لا يزدهر سوقها إلا ليلة الأحد بالتحديد بعد أجازة تحريم العمل عند اليهود من ليلة الجمعة حتى غروب شمس السبت.
طيب أين مني الآن "زمن الطعمية الجميل"، لا أنا طايلة طعمية موسى فلفل "أم مليم" ولا طعمية قُشتًمُر أم "إتنين بمليم"، ومشكلتي ليست في أن قرص الطعمية الغلس بجنيه؛ المشكلة أنها لا تمت إلى المذاق اللذيذ للطعمية بأي صلة!
وإن بقى لي أن أحمد الله سبحانه وتعالى على أن طعم البصارة والكشري والفول المدمس اليوم مازال كما كان بالأمس وسيظل، غالبا إنشاء الله، كذلك في الغد!
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 22, 2011 19:15
No comments have been added yet.