دكتاتور جديد في العراق

نشهد ميلاد دكتاتور جديد في المنطقة، نسخة أميركية من نسخ جمهوريات الموز بثياب مدنية، نوري المالكي الذي جاء للسلطة في العراق على دبابة أميركية بوقود إيراني، بدأ العمل على ترتيب أموره قبل خروج المحتل، فأصدر مذكرة اعتقال «قضائية»!، بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي وطلب سحب الثقة من الآخر صالح المطلك، تم ذلك مع خروج آخر مصفحة أميركية، أما قبل وفي عمليات استباقية، قامت قواته بسلسلة اعتقالات طاولت المئات من العراقيين قيل انها لخلايا إرهابية. كان الكاتب العراقي مهدي قاسم قد سخر في مقال له من كثرة الأخبار والتصريحات عن اعتقالات أعضاء من «تنظيم القاعدة» في العراق، وقال لابد ان عددهم يتجاوز عدد الجيش الصيني من كثرة عمليات الدهم والاعتقال، وهو صادق فلو تم رصد بيانات الاعتقالات لربما اكتشفنا رقماً مهولاً.
في الجانب الآخر، وبعد التفاهم مع واشنطن أرسل نوري المالكي وفداً للوساطة في الأزمة السورية، المهمة كما أعلنت، وساطة بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد، لكنها في واقع الأمر تركزت على وساطة بين الجامعة العربية والنظام السوري، هكذا أصبحت إيران على طاولة الجامعة العربية، والهدف فك الاختناق عن نظام بشار، لكسب مزيد من الوقت على حساب الشعب السوري، لا ينسى هنا أن المالكي – الذي وصف «أوباما» حكومته بالديموقراطية- اغتصب رئاسة الوزراء رغم فوز منافسيه في الانتخابات، تم ذلك بضغط إيراني وموافقة أميركية، فهذه هي الطبعة الأميركية من الديموقراطية في العراق، كنموذج مرشح للعالم العربي.
ومع انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من ارض الرافدين، علت أصوات في بغداد وطهران كما في سورية ولبنان تتحدث عن «اندحار» و«هزيمة» للأميركيين، ولو قيل هذا عن أفغانستان لصدقنا، أما في العراق فقد تحققت الأهداف الأميركية بتحطيم الدولة العراقية وإعادة تشكيلها من جديد ربما في دويلات، كما أن للانسحاب أسباباً اقتصادية وانتخابية أميركية، ثم أن السلطة «لُزمت» لمن ترغب إدارة واشنطن بتوافق مع طهران، ومع اكبر سفارة في الكرة الأرضية، لذلك فمن يصور أن الانسحاب انتصار «لقوى الممانعة والمقاومة» لا يحترم عقول البشر. صحيح أن إيران حققت مكاسب ضخمة على حساب السيادة العراقية، لكن الولايات المتحدة لم تندحر، وهذا ما يوضح حقيقة العلاقات الأميركية الإيرانية التي تبدو متنازعة في الظاهر.
هذه الديموقراطية الأميركية في العراق التي يمثلها الآن دكتاتور جديد هي النموذج الذي بشرت به مجموعات عربية قبيل الغزو، حينما تم الترويج والتسويق بحماس منقطع النظير للمبررات الأميركية الواهية.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 21, 2011 13:48
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.