عبـــــــدالله خلــــــــيفة: الوعيُّ الطائفي والوعي الطبقي

 هل يشكلُ الفكرُ الطائفي وعياً؟ أليس هو ضد (الوعي)؟ إن المقصودَ هنا بـ(الوعي) هو أشكالُ المعرفةِ التي تظهرُ وتنمو في الذهنِ الإنساني بإختلافِ هذه الأشكال، فنقول الوعي الأسطوري، والوعي الديني، والوعي العلمي، والوعي القومي وغيرها من أشكالٍ تعبرُ عن بُنى فكريةٍ ذهنية تتشكلُ في حقبِ التاريخ المختلفة، وفي المجتمعات المتنوعة.
إن كلَ بُنيةٍ لها تاريخُها والعناصرُ التي تتألفُ منها، وقد تَعبرُ التاريخَ طويلاً بتلك العناصر، وقد تتفككُ وتظهرُ أشكالٌ جديدة تكونتْ في ظروفٍ مختلفةٍ وبعناصرَ معرفيةٍ جديدة.
وحين ظهر المسلمون لم يكن ثمة ما يُسمى بالوعي الطائفي، وكانت كلمةُ(طائفةٍ) تشيرُ إلى جماعةٍ من الناس ليس لها طابعٌ فكري مميزٌ عن غيرِها من الجماعات.
كما جاءَ في القرآن (وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلُوا فأصلِحُوا بينهما، فإن بغتْ إحداهُما على الأخرى فقاتلوا التي تبغِي حتى تفيءَ إلى أمرِ اللهِ فإن فاءتْ فأصلِحوا بينهما بالعدلِ وأقسطوا إن اللهَ يحبُ المُقسِطين…))،سورةُ الحجرات، 9.
كان هناك إذن الوعي الديني بشكليه الوثني والإسلامي، ولم يكن بإمكان الوعي الإسلامي أن يتجلى بشكلٍ طبقي رغم كونه كذلك من حيث الجوهر الاجتماعي الذي يحمله، بإعتبارهِ وعي الجماعاتِ الشعبية الثائرة، بخلاف الوعي الوثني في مكة المعبر عن ملأ قريش الإرستقراطي، وبالتالي بقي الوعي الإسلامي مجرداً غيرَ محددٍ بخصائصهِ الطبقية، بإعتبارهِ وعي الجماعات الشعبية المتكونةِ من التجار من جهة والفقراء والعبيد من جهة أخرى، وهاتان الجماعتان اللتان تعاونتا معاً لتغيير الحال الطبقي السياسي حين شكلتا الدولة إنصهرتا سياسياً، رغم أنهما لم تنصهرا طبقياً.
صحيح أن بعضَ الفقراءِ أَثروا كثيراً بفضلِ التحولاتِ السياسية الاجتماعية، إلا أن التمايزَ الطبقي بقي بينهما، ثم تلاشى مع الفتوح الكبرى وتبدل الدولة.
هذه اللحظةُ التوحيديةُ بين أغنياءٍ وفقراء يسعون لنهضةٍ تحوليةٍ مشتركة ستكونُ لحظةً مفصليةً في التاريخ، ويندرُ تكرارُها، فإذا تكررتْ فسوف تُحدثُ نهضةً ما، حسب الجذور التي نشأتْ الجماعتان منها في كلِ مرحلة، فالجذورُ تتعددُ سواءً كانت في زمن إمبراطورية إسلامية أو في دولٍ دينية منفصلة، أو دولٍ حديثة مستقلة.
طابعُ المُلكية وقوى العمل، وطبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية التي تشيرُ لإمكانيات العصر، ومستويات الثقافة، كل هذه ستدخلُ عضوياً في أشكالِ الوعي التوحيدي المغيِّر.
ومن هنا كان الوعي الديني المؤسسُ للدولةِ الإسلامية ذا عناصر مقدسة غيبية يؤمنُ بها ويعتبرها صانعة التاريخ والأفكار، وموجهة لتدمير كيان وثني متفتت، وبالتالي فإن الجماعةَ المؤمنةَ توحيديةً مطلقة، فأسسَّ رؤيتَهُ على التضاد المطلق بين التوحيد والتفكيك، بين المؤمنين والكفار، وكان جوهرهُ الشعبي العام يراه مطابقاً للتوحيد والجذور الإلهية، خاصة مع إلغائه للارستقراطية والملأ والتعالي الطبقي. وبالتالي فإن موقفَهُ الطبقي الديمقراطي توارى وراء شعارية التوحيد، ولم يصنفهُ سياسياً إجتماعياً بحكم وعي المرحلة، لكن تبنيه للأغلبية الشعبية وتوزيعه للخيرات للعامة حسب سورة الحشر الختام التحليلي الاجتماعي للتاريخ الديني المدني، تصورهُ مطلقاً في بقائهِ التاريخي. فلن تستطيع قوى الأقلية أن تعودَ مجدداً للحكم، وأن قوى الأغلبية الممكسة بالدولة والواقع ستظل مستمرة، وهذا ما لم يحدثْ بحكم تفككِ الوحدة النضالية تلك، فحين تفككتْ القوى الشعبية وتصارعت، عادت الارستقراطيةُ من جديد للحكم بشكلٍ إسلامي.
وهو مالم يفسرُ إجتماعياً بل فُسر بالقدرِ مُجدداً حسب الوعي الديني الذي صار رسمياً، فيما راحت الأغلبيةُ تبحثُ عبرَ موادِ وعيها المختلفة، عن تفسيراتٍ جديدةٍ غيرِ رسميةٍ وتعكس مصالح الأغلبية.
كان الشكلُ الاقتصادي غيرُ السائدِ وهو الغزو قد حلَّ محل الأشكال الانتاجية ومحل التجارة، وفرضَ نفسَه كقوةٍ أساسية وأحدث الفتوحات وراكم الثروات في طبقة وجلب العبيد والجواري، فنشأت طبقتان متضادتان كلياً في الغنى أو الفقر، فيما تضاءلتْ الفئةُ الوسطى، وبرزتْ قليلاً في الدولة الأموية وأتسعتْ في المركز بعض الشيء في الدولة العباسية غير أنها لم تُقمْ تحالفاً متيناً على أساسٍ فكري عميق بسبب إرتباطها المصلحي بدولةِ الخلافة وما تعطيهِ لها من فتات. ولم تُعدْ تجربةَ الثورة التأسيسية الإسلامية لأنها لم تقرأ الجذور والبُنى الاجتماعية، وتاهتْ في الأشكال الفكرية المنفصلة عن الواقع التي غدتْ آراءً فكرية ومذاهب وفرقاً.
كان الوعي التوحيدي هو أساسُ النهضة وضمَّ القبائلَ وتجسدَّ دينياً في كل جماعة مذهبية منقسمة تصورتْ أنها هي كلُ المسلمين، فلم تتصورْ أيةُ جماعةٍ بأنها مُفكِّكةٍ للوحدة حين تعتبر نفسها كل المؤمنين، وأن تكونها ليس هو جوهرُ الأمة وأساسها، فيما الأخريات من المذاهب غير هذا.
وكان الأساسُ الفكري هو تصورُ العقيدةَ بأنها شيءٌ غيبي خالص، وليست فكرة إجتماعية كذلك، وأنها ضمت في فترة تاريخية إنقساماً إجتماعياً بين الأغنياء والفقراء لأسبابٍ سياسية إجتماعية مرحلية وكان توحيدياً مؤقتاً لا يلغي التمايز بين الأغنياء والفقراء، وأن الصراعَ على السلطة هو صراعٌ إجتماعي وليس دينياً، وأن المتصارعين على السلطة يجب أن يضعوهُ في ما هو إجتماعي وليس فيما هو ديني، فوقع الوعي الإسلامي في إشكالياتٍ راح يتلمسُ الخروجَ منها عبر قرون.
لم يستطعْ الوعي الديني الإسلامي التالي لمرحلةِ التأسيسِ إلا أن يكونَ طائفياً.
فقد تشكلتْ الطوائفُ عبر ظهورِ تفسيراتٍ متعددةٍ للقرآن والحديث والتاريخ عكستْ صراعاتٍ ومواقفَ سياسيةً تجاه المسألةِ المحوريةِ غيرِ المحلولةِ بشكلٍ ديمقراطي وهي (الصراعُ على السلطة).
وكلُ رؤيةٍ لهذه الصراعاتِ كانت تنسخُ الجوهريَّ المطلقَ غيرَ الاجتماعي من الرؤية العامة الدينية، أي لم تكن تأخذ الرؤيةَ النهضويةَ التي تشكلتْ في الثورة الإسلامية التأسيسية، بل تأخذُ هيكلَها المجردَ وتحيلهُ لجوهرٍ مطلقٍ خارج التحليلِ الاجتماعي السياسي، فلم تكن تر كيف كان التحالفُ الطبقي وكيف أسسَّ التكونَ الديمقراطي الاجتماعي والذي لم يحيلهُ إلى تحالف ديمقراطي سياسي، أي لم تنشأ تنظيماتٌ مختلفةٌ تعبرُ عن القسمين الاجتماعيين المختلفين طبقياً، المتحدين سياسياً، بل كانا في كيان واحد، رفض حتى الشكل السياسي المحدد.
ولهذا لم يكن الصحابةُ حزبيين، ولم يوجدْ تنظيمٌ حزبي، وكان هذا الرفضُ الباترُ لفكرةِ الحزبيةِ خوفاً على الكيانِ التوحيدي الهش في ذلك الزمان، والذي كانت خلفهُ كياناتٌ ضخمةٌ من الهياكل القبلية والآراء الوثنية المتجذرة والآراء الدينية المختلفة المناوئة.
وهكذا فإن البناءَ الشمولي تغلغلَّ في التجربة الديمقراطية الاجتماعية بشكلٍ تاريخي مستترٍ متصاعد، وحين عادتْ الارستقراطيةُ للحكم ناقضةً البناءَ الاجتماعي المُقننَّ دينياً محافظةً على شكلهِ السياسي الشمولي، حدث تصدعٌ هائلٌ في الذهنيةِ المشتركةِ والروحية الجماعية التعاضديةِ بين المسلمين فكأن زلزالاً إجتماعياً قد حدث، ولم تسمحْ أدواتُ الوعي المتوفرةِ لمثقفي المسلمين حينذاك أن يفهموا الانقلابَ الاجتماعي السياسي، والذي حاربوه ولكنه سيطر عليهم.
لقد صارعوه من خلال العناصر الفكرية المتاحة لزمنهم، كفكرةِ القدر ونقضها، لكن الانقلابَ الاجتماعي إنتصر وساد التاريخ.
إن قوة فكرة التوحيد، والأشكال العبادية والتنظيمات الدينية المصاحبة لها، وأدوات القسر الحكومية، قد جعلت هذه القبائل والأقوام والأمم تتحد وتعيش في كيان سياسي واحد هائل.
إن قوة التوحيد لم يدخل فيها التنوعُ الديمقراطي، وقوى القسر والإستغلال هيمنت بقوة على هذا التوحد السياسي، وعلينا أن نرى أن القرون الثلاثة الأولى من الإسلام ظهرت فيها قوى الصراع الطبقي بقوى هائلة، لكن لم تنعكس على الكيانات التوحيدية، فلم تظهر المذاهب – الطوائف إلا كعناصر فكرية مستقلة، ولم تتحول الأفكارُ إلى طوائفَ مغلقةٍ بعد، والسبب أن فكرة التوحيد كانت جبارة مسيطرة، وبدايات المذاهب كانت فيها تعددية وقبول بالآخر المخلتف، وأُعتبرتْ أقوال الأئمة الفقهاء كآراء غيرِ ملزمةٍ وإجتهادات قابلة للأخذ والرد، فكان الشكلُ السياسي الإمبراطوري صامداً للزمن.
كانت عواملُ التحلل تشتغل بقوة هي الأخرى، فالوعي الديني لم يزلْ متجوهراً على ذاته، والتراكمات تتجه لبلورة كيانات مغلقة شمولية داخلها، فالاجتهاد يقلُّ مع الزمن، وفصل الوعي الديني عن الفلسفة وعن التاريخ الاجتماعي يجري ويغدو الوعي الديني جوهراً لا تاريخياً إلا في نصوصه المغلقة،  والسلطات تحيلُ الأفكارَ الدينيةَ والمحاكمَ إلى قوى ملحقة بها.
ومن هنا مع الانهيارِ المتدرجِ للشكل السياسي الإمبراطوري وعبر النخر العميق فيه، أخذت المذاهبُ صيغها المغلقة، التي يعبرُ كلُ واحدٍ منها عن كونهِ الإسلام مطلقاً، فتكونتْ تدريجياً الطوائف.
كانت طائفة مثل الخوارج تتعبرُ نفسها كياناً أصيلاً معبراً عن جوهر الخلافة الأولى، لكنها تحللتْ منها عبر شموليتها الحادة ورفضها لأي تنوع أو مرونة سياسية، وغدت كيانات صحراوية باترةً للاختلاف والبشر.
وفعلت المذاهبُ ذاتَ الأمر في الكيانات المدنية بشكل أطول وأقل حدة لكن عكست النتيجة نفسها، ففقدتْ الإختلافَ الداخلي الديمقراطي، وفي نهاية المطاف غدت تلوكُ أفكارَها السطحيةَ المتيبسة بفعل فقدان مياه التفكير المتعدد ونسغ الحياة المختلف الذي يجري كل يوم.
إن مصالحَ القبائل والأقوامِ والأمم والطبقات في الشكل الإمبراطوري لم تُؤخذ بعين الإعتبار من قبل مراكز الحكم، وكانت الدوائر الفكرية الدينية قد تكلست وتقوقعت، ولم تعد قادرة على إنتاج الجديد، نظراً لأن المقومات المنهجية التي أعتمدت عليها هي منهجيات قطع عن الأبنية الاجتماعية وعن تحليلها ومتابعة تحولاتها، فامتنعت قدرتها على التغيير، وإنعكس ذلك على الأبنية السياسية فمن إمبراطورية واحدة ظهرت عشرات الممالك والأقاليم والمناطق المستقلة.
حدث التكلس الكلي، ولم يعد الجديد ممكناً من الداخل، لكن الجديد ظهر في مناطق بشرية أخرى، وجاء وضرب الكيانات العديدة المتجوهرة حول ذواتها، وقيل أنها صدمة الحضارة الجديدة، ولكن هل نفذت إلى الداخل؟
المسألة صعبة وطويلة.
شكلتْ صدمةُ الحضارةِ الحديثة دوائرَ تحولية صغيرة تجاه الأجسام الاجتماعية المحافظة المهيمنة.
فكانت التياراتُ الجديدةُ المستوحاةُ هي أبنيةٌ صغيرةٌ على ضفافِ تلك الأجسام، التي تكونتْ لقرون وكانت هي ذاتها من أثرِ قرونٍ سابقة.
إذن سادت أفكارُ الوعي الطائفي خلال القرن العشرين بأكمله، حيث المذهبيةُ كيان إجتماعي سياسي قائم على سيطرات إجتماعية تقليدية في الإنتاج ونظُم الحكم، وتغدو الأفكارُ الداعيةُ للتغييرِ القادمةُ من الغرب مجردَ ذراتٍ أمامَ بحرٍ مالح هائل، وحين تدخلُ فيه تتحولُ مثله.
الأفكارُ التحديثيةُ في الفترة النهضوية الأولى كالوفدية المصرية القائلة إنها ليبرالية، نجدُهَا تقولُ بالتعبير عن (الأمة) المصرية ولا تقولُ بأنها برجوازية تعبرُ عن طبقةٍ، فغدتْ بنيةً مغلقةً كلية كالمذهبيات، ونجدها أذ تعترفُ بالعمال تقومُ بإلحاق نقاباتهم بسيطرتها، فيما تقمع الحزب الاشتراكي المصري! وفي النهاية تغدو حزباً للملاكين الكبار من أصحاب الأملاك الزراعية وأصحاب الملايين.
فهيمنتُها على السلطةِ المنتخبةِ نفسِها تحولُها إلى دكتاتورية، بدلاً من نشر الديمقراطية في البناء الاجتماعي، ومع هذا كان الوفدُ أفضلَ من غيره! وغدت النسخُ تكررُ ذاتها.
وبهذا قامت الأحزابُ الكليةُ من مواقع شتى، من موقعِ الشعب أو الأمة، حيث الحزب هو التعبير عن الأمة، أو معبر عن البروليتاريا وتؤسسهُ البرجوازيةُ الصغيرةُ لتقيمَ دكتاتوريةً كلية. والقوميةُ تعبيرٌ كلي آخر عن الأمة وتقيم ذات الدكتاتورية فلا تجعل الشعبَ يتطور ديمقراطياً، وبهذا كله فإن هذه الكليات المتأثرة بالغرب الديمقراطي، لم تستطع أن تكون لا من الغرب ولا من الشرق. هذه الهجانةُ مؤسسة ظلتْ على هامش التكوينات الدينية المحافظة المسيطرة على المجتمعات الإسلامية. وبعد أن إهترأت من القمع والسيطرة على الحكم ومن الحروب لم تعدْ قادرةً على فعلِ شيءٍ رغم سيول التحولات والأحداث.
وإستعادتْ الجماعاتُ الدينية الكلية في عالم ديمقراطي بعد هذا الإنكماش التحديثي والهزيمة لليسار والبرجوازية التحديثية غير المتعاونين واللذين خسرا مكانتيهما بسبب هذا الإلغاء المتبادل بينهما.
علينا هنا أن نتذكر هزيمة التحالف الطبقي بين الأغنياء المتوسطين والفقراء والعبيد بعد الثورة الإسلامية التأسيسية، وكيف خسر الجانبان، بسبب غياب التنظيمات الديمقراطية المتنوعة المتعاونة بينهما!
وكيف إستعاد البناءُ الاجتماعي العتيقُ المحافظ الموروث من الجاهلية وما قبلها سيادته على العرب والمسلمين باسم الإسلام.
علينا أن نقرأ التعاقب الدوري كذلك بعد هزيمة القرامطة والخوارج والإسماعيلية بعد الخطابات الحادة لهذه الفرق وعدم إنجازها أي تحول في حياة  العاملين والنساء والثقافة العلمية وعودة المحافظين مرةً أخرى ليبقوا قروناً طويلة ويسلموا المسلمين مادةَ نهب للاستعمار الحديث.
إنها تعاقبيةٌ مستمرةٌ بسبب عدم قيام القوى المحوّلة للواقع بإستخدام المفاهيم الديمقراطية والعقلانية، والخروج من عالم الطوائف إلى وعي الطبقات، وبقاء تحولاتها قشورية على السطح والسماح بعودة نفس المفاهيم العشائرية القبلية الطائفية وإلباسها لأجسادٍ ديكوريةٍ(تحديثية).
الآن لدينا القوى الطائفية تقول بأنها ديمقراطية وحديثة! تريد أن تخدعنا بعد أكثر من ألف سنة. وتريد المحافظة على ركائز الإقطاع الاجتماعي المذهبي: تخلف النساء وعدم مساواتهن بالرجال، وقمع العقول، وغياب المساواة أمام القانون، ورفض فصل الدين عن السياسة!
في هذا الزمان الراهن حدث تكرار لبعض مظاهر الماضي،  وصعدت شموليات عتيقة باطنية ورفضت الديمقراطية داخل البيوت ومع النساء والثقافة والأطفال والعقول والدين والسياسة، لكي تقتنص الحكم والمكاسب من خلال البرلمانات.
يحدث الآن الاختطاف السياسي المتسرع بدون تأثيث ديمقراطي عميق، بدون أن تكون قوى الطبقات والفئات كالعمال والنساء والمثقفين والبرجوازية الوطنية قد أسست نقاباتها ومصالحها ومعارفها وجذورها في الواقع، وتلعب قوى التطرف من اليسار أو اليمين كأدوات للإختطافات المتعددة، وعبر مصالح دول شمولية مهيمنة كذلك، ولهذا فإن البناء الديمقراطي الجديد ينبغي أن يرى كل لوحات التاريخ العربي الإسلامي السابقة، وأهمية تفكيك الشموليات الاجتماعية الراسخة من أجل أن تأتي البرلمانات ثماراً تتوج دور القواعد الشعبية العميق في مختلف الُبنى العربية والإسلامية، وأن لا تكرر الحقبةُ الراهنةُ دوراتَ التاريخ المغلقة.
 
 
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 22, 2019 15:31
No comments have been added yet.