2⇦ البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
✗ البحرين في بدء التحديث
كان مجيء الاستعمار البرتغالي بداية لدخول العصر الحديث إلى منطقة الخليج، حيث عبر عن لحظة المفصل بين العصرالوسيط والعصر الحديث، فعالمياً كان النظام الرأسمالي في طور التشكل، وكانت مرحلته ومعركته التجارية مشتدة بين أجسامه البارزة في أوروبا الغربية، التي انتقل إليها التراكم النقدي والثقافي العالمى.
إن البرتغال لم تعبر سوى عن مرحلة الاستيلاء على الغنائم والمواد الخام بصورة عسكرية، ولهذا كانت معتمدة على الأساطيل الحربية والقلاع. ولكن البرتغال لفتت الأنظار الغربية إلى أهمية الشرق، خاصة الهند، ثم المناطق القريبة منها. وبانتقال قيادة الرأسمالية إلى بريطانيا تكون مرحلة جديدة من تطور العلاقات الاقتصادية العالمية قد تشكلت، واعتمدت على نمو الصناعة وتصدير البضائع ورأس المال.
ومن خلال الهيمنة على الهند انتقلت بريطانيا إلى الخليح العربى، عبر مداهنة القوى الرئيسية فيه، كالإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية الفارسية، في حين لم يكن ثمة ممثل للقومية العربية التى كانت لا تزال فاقدةً الملامح الاجتماعية والفكرية.
وقد اعتمدت بريطانيا في سيطرتها على الخليج على تفتيت علاقاته بالعالم، وعلى تفتيت علاقاته الداخلية، بل على تفتيته الوطنى، بحيث تبقى اجزاؤه المختلفة متضادة. وكانت هذه خطة بعيدة المدى وذات نتائح أقوى وتكاليف أقل.
ولهذا وجدت جزر أوال نفسعها في مرحلة تاريخية جديدة، تم شيئاً فشيئاً قطع علاقتها بالضفاف الشواطئية الختلفة لها، ضفتا الجزيرة العربية الغربية والجنوبية، وبالتالي قطعها عن جسمها الخليجى العربى.
فعبر هذا تكون عملية الابتلاع اكثر سهولة وأقل خطورة، وقد اعتمدت بريطانيا في نمو سيطرتها على وضع الاقتصاد المحلى عموماً على مدى فخامة وغلاء المواد الأولية، وكذلك على أحجام الأسواق. ولهذا كانت الهند درة التاج البريطاني، لدورها في تطوير التصنيع الإنجليزي بشكل مركب مواد وسوقاً.
ومن هنا كانت جزر أوال ذات أهمية محورية نظرا إلى وجود المادة الخام و السلعة الثمينة في ذات الوقت وهى اللؤلؤ، حيث كانت هى مركز إنتاجه في توسطها لمصائده الطبيعية الكبرى.
واذا نحن نظرنا في ذلك الوقت إلى أية مواد خام أخرى ذات اهمية كبيرة لم نجد في الخليج سوى اللؤلؤ، كذلك لم يكن الخليج سوقاً كبيرة، نظراً إلى ضعف عدد سكانه وتبعثرهم وسوء أحوالهم المعيشية. وكان بالإمكان خلال القرن التاسع عشر تسلم هذه المادة السلعية دون صعوبات، لنشوء الترابط الوثيق بين الهند والخليج، التى عملت بريطانيا على نسجه من خلال تشجيع التجارة مع الهند.
ونظراً إلى طبيعة المواد الخام وأحجامها في الخليج فلم تكن بريطانيا في القرن التاسع عشر بحاجة إلى وضع اليد على الخليج، كما فعلت في الهند، ولكنها كانت بحاجة إلى ترتيب البيت الخليجى للسيطرة الشاملة القادمة، عبر تفتيته وقطع صلته بالساحل الشرقى لإفريقيا، والقضاء على اشكال التهديدات المسلحة التى يكن أن تنمو فيه، ولهذا كانت قوانين واتفاقيات منع تجارة الرقيق و"االقرصنة" والحروب، وكل ذلك يعنى تقسيم مناطق الخليج، والقضاء على أساطيله الحربية، وتوجيه الحياة الاقتصادية والسياسية لما يفيد التجارة البريطانية، حيث أخذت مصالح دول الخليج ترتبط تلقائيا بأسواق الهند وشرق افريقيا.
وفي ذلك المستوى من التطور الاقتصادي البريطاني لم يكن ابتلاع دول الخليج مفيداً، لكن التطور البريطاني الداخلى، واتساع الصلات مع دول الخليج، وتفاقم الصراع بين دول أوروبا الغربية حضّر الظروف للانتقال إلى السيطرة المباشرة.
قادت الظروف العامة لمنطقة الخليج وموقع البحرين في القرن التاسع عشر لتحولها إلى المركز الرئيسي لإنتاج اللؤلؤ. وهذا أدى إلى تبدل طبيعة السكان، فالمستوى الزراعي شبه الكلي، أخذ يعطي المكان لاقتصاد البحر. ومع تدفق عائدات هذا الاقتصاد بدأت القرى الساحلية في التحول إلى مدن. كما راحت القرى تنمو بصورة واسعة، بسبب هذا الترابط والنمو المشتركين. فإنتاج النخيل يقدم الكثير من المواد الأولية للسكان، كالمواد الغذائية والبنائية والاستهلاكية المختلف. وهذا يقود بدوره إلى تطور الزراعة.
إن عملية تشكل السوق الوطنية، تحدث من ترابط نسيج الحرف المختلفه، فحرفة صناعة السفن تعود بآثارها على حرفة الغوص، وسعف النخيل يصنع بيوت السعف الأكثر انتشاراً وقتذاك، والحدادة والقلافة والنسيج وغيرها تتعاضد لتقديم المواد الأولية للحرف واستهلاك البيوت ولنمو المدن وتضخم اسطول الغوص، الذي تعود عائداته بالتالي على هذه الحرف ومنتجيها بشكل نسبي.
كان هذا الإنتاج يحتاج إلى أمكنة للتبادل، فالمزارعون لا يبيعون سلعهم مباشرة، وكذلك الحدادون والنساجون الخ... ومن هنا أخذت الأسواق الصغيرة تكتسب نمواً مطرداً، وأخذت الأسواق الريفية تخلي مكانها للاسواق المدنية، بصورة ليست سريعة، وممتدة عبر عقود، وامتازت أسواق المدن القديمة كالمحرق وجدحفص بارتباطها الوثيق بالإنتاجين البحري والزراعي، فقد نشأت من خلال عمليات تبادله وفيضه النقدي .فكانت سوق المحرق تعتمد على جلب المواد المتعلقة بالسفن ومهن البحر المختلفة والاستهلاك، في حين كانت سوق جدحفص مرتبطة بفيض المواد الزراعية والحيوانية الناتجة عن القرى المختلفة.
كانت أهمية المدينتين انهما تعبران معاً عن إنتاج ما قبل الصناعي والرأسمالى الحديث، وتعبران عن عالم الحرف وتشابكاته المختلف.
وعمليات التبادل تقوم وتطور الرأسمال النقدي والفئات المرتبطة به، كالطواشين، وهم تجار اللؤلؤ، الذي يحتلون في هذا العصر مكانة محورية في عمليات التبادل، ولهذا أخذت هذه الفئة بالنمو مع ترسخ وتنامي اقتصاد اللؤلؤ، فغدت لها شرائح مختلفة، كالتجار الكبار الذين غدت لهم محلاتهم المحددة في قلب الأسواق، في حين ظهرت شرائح صغيرة تتاجر باللؤلؤ بأشكال كثيرة، سواء بانتظار الغواصين أم بالتوجه إليهم في عرض البحر أو السفر وبيع هذه المادة في الخارج الخ..
ونظرا إلى تحول البحرين إلى مركز الخليج لإنتاج وتصدير اللؤلؤ فقد أخذت عائلات تجارية من الخليج في القدوم إليها، لتنمو عمليات التبادل على أصعدة مختلفة، حيث أخذ الاستلاك الترفى بالظهور، عبر إنشاء البيوت الكبيرة، كذلك فان الاستهلاك السلعي العادي أخذ بالنمو والتوسع. كذلك فان الإدارة السياسية المحلية أخذت تتحول إلى مصدر للنمو التجاري والسلعي.
وكل هذا أدى إلى توسع الفئات التجارية، حيث برزت الفئة المرتبطة بإنتاج الغوص، وفئة التجارة العامة، وهناك عمليات تداخل بينهما عبر زمن ازدهار الغوص، لكن في أزمنة تدهوره كان الرأسمال ينتقل بصورة دائبة إلى الفرع الثاني.
ولم تظهر في هذا الزمن مؤسسات تمويل كبرى، كالمصارف واعتمد الأمرعلى مؤسسات الصرافة الصغرة، ونظراً إلى طابع العصر الوسيط المستمر في الحضور عبر الإنتاج التقليدي، فإنه كان يشارك المسلمين في عمليات التمويل والتسليف هذه المسيحيون واليهود بخبرتهم المميزة في هذا الجانب.
لكن إلي أي مدى كانت علاقات الإنتاج متداخلة في هذا الزمن؟ فمن المعروف ان علاقات إنتاج الغوص والزراعة، اعتمدت على العلاقات الإقطاعية وبقايا العبودية وكان حجم العلاقات الرأسمالية الحديثة محدوداً.
ويمكننا اعتبار السفينة قطعة أرض زراعية يقوم النوخذة (وهواللفظ الفارسى البرتغالي المنتشر خليجياً ويعنى: قائد أو ربان البحر) بتقاسم محصولها مع المنتجين وهم على درجات حسب مشاركتهم في العملية الإنتاجية، وهذه المشاركة مزدوجة فمن جهة يأخذ الربان حصة مساوية للمنتج الرئيسى وهو الغواص، كذلك فإن السفينة التى ملكها أو يستأجرها تأخذ هى الأخرى ذات الحصة. في حين يأخذ المنتج المشارك مساعد الغواص [السيب] نصف سهم.
فلا ترتبط عملية الغوص بالأجور بل بالحصص، فالمحصول يقسم على أسهم، بعد خصم تكاليف الرحلة، فيأخذ الربان سهمين فى حين يأخذ الغواص سهماً واحداً، والمساعد نصف سهم، ولكن العملية لا تتشكل من هذا الوضوح فإن الربان أو التاجر، يقوم بتسليف البحارة، ويكتب مبالغ السلف لديه أو لا يكتبها، مما يجعل البحارة مدينين بصورة دائمة. وهكذا لا يبقى عن الاسترقاق سوى خيوط واهية.
وفي الماضى الأكثر قسوة كان الغواص ينزل مقيداً كعبد، مما يشير على طبيعة الرق الكاملة حينذاك.
ان العلاقات البضاعية والنقدية تتوارى لصالح العلاقات الإقطاعية، وبقايا العبودية، مما يضعف من تطور الرأسمالية وتوسع السوق ومن تطور أدوات الإنتاج ودخولها في هذه العملية، وبالتالي تغيب أدوات النضال المعاصرة. كما يضع ذلك الأساس لتخلف الغواصين واميتهم وأمية أولادهم، وبقية عالميهم الاجتماعى والثقافى. ولا تختلف اوضاع الفلاحين عن اوضاع البحارة وربما كانت أسوأ، فهى تعتمد أسلوب الإقطاع المقام على [الضمان] الزراعى، وهو شكل متوارث من التاريخ العربى، مع استمرار علاقات السخرة.
وفي زمن بداية دخول العتوب إلى الغوص كان الشكل القبلى أساسياً فى الإنتاج: [فترى العائلات تدخل هذه الصناعة بشكل جماعى فرب العائلة ملك السفينة أوعدة سفن يستخدمها للغوص على اللؤلؤ، والاخوة والأبناء وأبناء العمومة والأخوال يعملون جميعاً على ظهر السفينة أو السفن التى تتملكها]، [محمد الرميحى، البترول والتغير الاجتماعى]، نقلا عن فاروق أمين، «دراسة حول واقع الأسرة البحرينية»، ص 011
هذا الأسلوب العائلى ربما كان معتمداً في الزراعة ايضاً ولكن تطور القرية الأسري له سار خاص، يعود إلى توطن القبائل العربية القديمة جزر أوال كعبدالقيس، ولا تزال قرية [كليب] تحمل ذكرى ذلك. وقد قسمت مدينة المحرق على أساس الأفخاذ القبلية، فلكل فخذ حي خاص، ثم تحول ذلك إلى أحياء مدنية وإلى الاختلاط مع تنامى التقسيمات والتباينات في الدخول وفي مواقع الإنتاج، بحيث أخذ الفقراء يتكدسون فى أحياء متقاربة.
لكن العلاقات القرابية ظلت مهمة مع بقاء أسلوب الإنتاج التقليدي، وبقاء التجارة على ضغاف هذا العالم. وفيما بعد، وفي زمن القرن العشرين، فإن البحارة سيمثلون مصلحة مشتركة واسعة، ويغدون قوة اجتماعية مختلفة، مما يشير إلى طبيعة التطور الاجتماعى الذي تنامى في عقود الغوص الأخيرة.
لكن في الجهة المقابلة، فإن معظم ملكيات الغوص من سفن وديون و[أرباح] انتقلت إلى كبار تجار اللؤلؤ، فظهرت بيوتات مالية. عقارية. وغدت هذه فيما بعد أساس تطور الطبقة الوسطى البحرينية، خاصة فى شرائحها الوسطى والصغيرة.
أما الشريحة الأخرى، والتى نمت من التجارة الخارجية، فإنها لم تكن كببرة فى زمن الغوص، وأخذت تتسع مع الاعتماد المستمر على الاستيراد، وأصبحت مهيمنة بعد أن دب الضعف في الغوص. ولكن هذه التقسيمات بين الفئتين الأساسيتين للطبقة الوسطى لم تكن راسخة، لأن التوظيفات كما قلنا متداخلة بشكل كبير بين الجانبين.
اعتمد اقتصاد البحرين بشكل شعبه كلى على الغوص، ففى سنة 1824 كان حجم ما بيع من اللؤلؤهو320,000 جنيه إسترلينى، أي ما نسبته 97,03,%، بينما بلغت مساهمة القطاعات الأخرى الزراعية والحرفية 1,02%.
وقد تزايد هذا الدخل في الثلث الأول من القرن العشرين، ليصل إلى ذروته سنة 1930، حيث بلغ: 2,125,000، لكنه وصل في سنة 1936 إلى657,000، وقد أدى هذا إلى تقلص أعداد السفن والبحارة، وبدأت علاقات اجتماعية كاملة بالتبدل.
عبرت الفترة السابقة للتدهور عن المنظومة الاجتماعية البحرينية الوطنية التقليدية، حيث تشكلت أسس للوحدة الوطنية عبر الاقتصاد التقليدي المفكك، أي من خلال التعاون غير المباشر بين أشكال الاقتصاد التقليدي، كالغوص والزراعة، وعبر التجارة المحدودة، وتداخلات التعاون الاجتماعى المباشرة.
فرافقت هذه المنظومة الاجتماعية أشكال من الثقافة التقليدية، المعتمدة اساساً على الثقافة الشعبية الشفهية الموروثة والمقداولة، والتى لا يجري فيها تغير كبير، بل إعادة إنتاج بسيطة مثل الحفظ والاستفادة من الأمثال القدمة لتطبيقها على واقع جديد، وثمة قصص مستعادة وإنتاج بسيط للشعر العامى. والتكرار والنمطية هما سمتا الوعى والواقع.
وهناك إنتاج ثقافي دينى تقليدي عزير يتواصل مع هذه البنية التقليدية، فتغدو الاستعادة المذهبية لأواخر العصر الوسيط هى طريقة الوعى السائدة، نظرا إلى وجود شعب في حالة تبلور وانتقال من منظومة إلى بوادر منظومة لم تتضح بعد على الصعيد الإقليمى. وحتى الآن لم تجر دراسات موثقة حول هذا الإنتاج الفكري، بحيث تتكشف أبعاده الجاثمة وراء نصوصه التقليدية المثقلة بالماضي.
لكن كان تبدل هذه التركيبة الاجتماعية يعتمد على طبيعة الرأسمالية البريطانية المسيطرة حينذاك، والتى بدأت بالانتقال إلى منظومة جديدة مع انتهاء القرن التاسع عشر، حيث أخذت عملية إرسال الرساميل بالتحول إلى أسلوب هام من أساليبها، فبدأت الشركات والبنوك البريطانية بالتغلغل في الاقتصاد المحلى.
وقد كانت عمليات الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية تتنامى منذ القرن التاسع عشر، فكان للبريطانيين امتيازات سياسية واقتصادية مثل وضع ضريبة لا تتجاوز الخمسة في المائة على البضائع البريطانية وغير ذلك من الامتيازات السياسية والقضائية. ولكن في بداية القرن العشرين انتقلت البحرين إلى التبعية للاستعمار البريطاني. وفي هذه السنوات قدمت شركات البرق والبريد وجري مكنزي والبنك البريطاني.. الخ، فغدا الاقتصاد المالي يحكمه البنك البريطاني، والتجارة الخارجية بيد جري مكنزي وأخذت السلع الإنجليزية بالانتشار الواسع.
وقد أدى غياب أي حماية للاقتصاد المحلي إلى أن بدأت شبكة الحرف بالتدهور المستمر، ولهذا وجد صناع السفن و النسيج والمداد والفخار.. الخ انفسهم يفقدون أعمالهم، وبطبيعة الحال تحولت هذه الظاهرة إلى سيل جارف مع انهيار الغوص، ولهذا أخذت البحرين تتحول من مركز اقتصادي إلى هامش اقتصادي.
ان انهيار النظام التقليدي تم ببطء كما ان تشكل النظام الحديث تم ببطء مماثل، وهذا ما شكل أزمة عميقة للمجتمع، خاصة في عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، وفي السبعينيات فقط بدأ النظام الحديث في إنتاج ثماره.
وهذا التحول ترك بصماته على مختلف جوانب الحياة المادية والثقافية، بدءاً بنمط العمران، وهو الأقرب إلى البنية الاقتصادية، أو في اشكال الوعى الفكرية وهى أبعدها عن الالتصاق بها. ونجد بيوت الفقراء الأقل تعرضاً للتبدل، فقد ظلت مادة الخوص والجريد المادة الأساسية لها، وحتى الستينيات. في حين بدأت الفئات الوسطى منذ الثلاثينيات استخدام المواد البحرية في تجديد مساكنها.
كان الاختلاف بين المحرق والمنامة هو العلامة الفارقة للتحول بين العصرين الوسيط والحديث، فقد كانت المحرق عاصمة نظام الغوص وأزهى فترات العصر الوسيط البحرينية، حيث البنية المستقلة والمزدهرة نسبياً، لكنها عاصمة غير قادرة على أن تكون عاصمة توحيدية تحديثية للبلد، بسبب طبيعة العلاقات الاقتصادية التقليدية المفككة للشعب، والواقع الجغرافي المحصور والضيق للمدينة، وقد كانت هي الموقع الرئيسي للعمل السياسي المناهض للاحتلال، كذلك فقد قامت السياسة البريطانية على الابتعاد عن كتلة المنتجين البحرينيين المترابطين فيها، ولهذا قامت بتطوير موقع المنامة، التي كانت مصيفاً، وفيها فراغات كبيرة وقتذاك.
كانت المواقع البنائية محدودة في المنامة، وتحيطها مجموعة من القرى المتباعدة التي تشتغل بمجموعة من الحرف، وقد أدت التطورات الاقتصادية من انهيار نظام الغوص والزراعة والحرف إلى نزوح السكان وبحثهم عن أعمال خلال عقود الانهيار والتحول، فبدأت المنامة تنمو بشكل سريع.
تحول المنامة إلى عاصمة كان ثمرة للاندثار الريفي والحرفي وللتحول إلى سوق، فتصبح المركز السياسي والاقتصادي للمجتمع، وتقوم بالنموعلى حساب الرقعتين الزراعية والبحرية، فغدت مكانتها المتوسطة الجغرافية وسيلة لتوحيد المجتمع، فأصبح الاقتصاد الحديث أساساً أقوى وأوسع للبناء الوطني، ولظهور مجموعات سكانية حديثة.
وقد تعرضعت الطبقة الوسطى للتبدل بناءً على هذا النمو للاقتصاد الحديث على حساب تلاشي الاقتصاد التقليدي، فاندثرت فئة الطواشين والفئات المرتبطة بالنمط القديم، وأصبح المستوردون هم الفئة البارزة في الطبقة الوسطى، وأصبحت البيوتات المالية المعنية أساساً بالاستيراد في مجتمع الغوص هي الطالعة من خراب العام القديم، أو تلك التي حافظت على التنوع وعلى الاستثمارات العقارية، مما أعطى بناءً اقتصادياً خاصاً للطبقة الوسطى، كانت له تأثيراته على حقول الوعي والسياسة.
ولهذا كانت الشرائح المرتبطة بالاقتصاد القديم، وهي عائلات الاقتصاد البحري أو الريفي من جهة أخرى وبمستويات متباينة بين المدينة والريف، هي التي واجهت الغزوالاستعماري، لتضرر مصالحها بشكل مباشر، حيث كانت تزاوج بين السيادة الاجتماعية والغوص وتجارة الرقيق والسلاح، وتعتمد على علاقات وأفكار قديمة ولكنها تعبر عن مضمون وطني تقليدي.
فنجد أن معارضة الثلث الأول من القرن العشرين تتركز في المحرق وبين عائلات الامتيازات ((البحرية))، فهي تعمل على إبقاء النظام القديم بأساليبه ونظامه السياسي، في حين كان هذا النظام قد تجاوزه العصر، وعملت القوة البريطانية على تغيير بعض جوانبه غير العميقة، دون أن تقوم بتغيير البنية الإقطاعية ــ المذهبية بل حافظت عليها. أي قامت بإلحاقها كنظام تابع بالهند اولاً مع إجراء التحسينات الضرورية لظهور جوانب من الاقتصاد الحديث.
لكن من خلال هذا الصدام بدأت تتبور خريطة الوعي الوطني المتصاعدة على مدى القرن العشرين، فالتقليديون وهم يواجهون الاستعمار، كانوا يبعثون مختتلف أشكال الوعي: الشعر، والمقالة، والرسائل، وهذا هو المستوى المبكر من هذا الوعي، وفي مرحلة الثلاثينيات مع توسع الحياة الثقافية عبر المدارس، والأندية وصحيفة البحرين، ظهرت أشكال أخرى: المسرحية الشعرية، والقصة القصيرة، والترجمة، والنقد.
لكن راحت أشكال الوعي المختلفة تعبر عن الفئات الوسطى بشكل متزايد، حيث غدت هي المنتشرة والقادمة من النسيج الوطني عموماً، ولهذا فإنها لم تجد في الأفكار الدينية التقليدية مادة جاهزة للنضال الوطني، فراحت تستوعب الأفكار العربية والإسلامية المبثوثة في الفضاء العربي؛ حيث كان الانبعاث القومي الإسلامي هو الصوت الرائج في المشرق العربي.
كذلك فإن المؤسسات الدينية . المذهبية لم تكن قاعدة للوحدة الوطنية والعمل المشترك، فأصبح التنوير والنهوض الثقافي أداة للوحدة وللحرية.
كان نمو الطبقة الوسطى البحرينية يعتمد على نمو ذنيك التوجهين الفكريين المتشكلين من جذور عالم الغوص والتجارة، فالاتجاه السلفي التحديثي، والاتجاه الليبرالي، أخذا يبرزان بصعوبة فيها. ويمكن ملاحظة ان الجسم البارز من المنحى الأول يبرز فى المحرق بصفة خاصة، نظرا إلى حجم تركيبة النمط القديم فيها، وتوجهه الوطني القومي الديني. فى حين ان الجسم الليبرالي الأكبر ظهر فى المنامة، بسبب النمو المتسارع للتجارة والحداثة فيها.
ولهذا نجد المنتديات ذات الطابع القومي الديني تبرز فى المحرق وتكون مقراً للنادي الأدبي وللمنتدى الإسلامي، فتكون أقرب للتركيبة التقليدية، فى حين كان الجسم الفكري فى المنامة يبحث عن توجهات جديدة لم تتبلور بوضوح. وفى البداية ظهرت نفس التوجهات [المحرقية]،فالتوجه القومي الديني هو الذي وجه النخبة، لكن النمو الليبرالي الأكبر لم يتبلور فى حركة أو اتجاه متأصل، وقد ظهر فى حركة الهيئة لكنه لم يصبح اتجاهاً، بسبب مستوى الطبقة ومحدوديتها التاريخية والاقتصادية، فليست هناك جذور عميقة موضوعية وثقافية راسخة للحداثة.
لقد استطاعت الاتجاهات الشمولية أن تهيمن على أبرز قطاعاتها، لسهولة وعاطفية شعاراتها، الأقرب إلى الأمية، ومن هنا كان الإنتاجان الفكري والسياسي محدودين قياساً بنظيراتها في الدول العربية، وتجربتها السياسية لا تعطيهما فرصة للتراكم وخلق أجيال من المتشبعين بثقافتها .ولهذا لم ينفرز الاتجاهان الليبرالي والديني، وحين انفرزا بعد عقود، تحول الأول إلى ليبرالية مقلدة للغرب بلا جذور، وصار الآخر متشدداً شكلياً بلا معرفة عميقة بالإسلام.
وكانت العلاقات مع الضفاف الإيرانية وجنوب العراق تجري كما كانت عبر التاريخ، ولكنها أخذت الآن تنموعبر الحدود الوطنية المعاصرة، فالاتجاهات المزدكية والمانوية الإيرانية والعراقية الضاربة الجذور، تتحول إلى تيارات ماركسية ودينية، وقد برز الاتجاه الماركسي الإيراني عبر حزب توده وامتداده السياسي في تجربة البحرين، منذ حركة مصدق وانهيارها ولجوء مناضلين إيرانيين إلى البحرين. لقد قام هذا الاتجاه بنقل حرفي لتجربته إلى البلد، خاصة إلى القطاع العمالي، في حين كان الاتجاه الديني، المتصف بالتوجه اليميني يتغلغل في شريحة التجار الصغار والموظفين. ومن هنا برزت في المنامة عملية النمو الفكرية والسياسية الأكثر وضوحاً وتبسيطية0 ولهذا فإن الاتجاهات الوسطية الأخرى لم تشهد نمواً متواصلاً 0
لكن النقل الحرفي للتجربة الإيرانية سيكون متكرراً فى تجربة البحرين السياسية، هو أمر يعود إلى تاريخ قديم كما رأينا في التجربة القرمطية، وقد تقاطع بالتجربة النضالية العربية القومية واليسارية، ثم ما لبثا أن تداخلا في فترة لاحقة.
أن تجربة المنامة الفكرية والسياسية سوف تتسرب بطبيعة الحال إلى المناطق المختلفة، حيث ستجد في المناطق الريفية حاضنتها الأكبر نتيجة للتأزم الاجتماعي الاوسع، وإذا كانت مدينة المحرق لم تشهد مثل ذلك النمو، فالأمر لا يعود إلى الجذور فحسب، بل أيضاً إلى محدودية التداخل والنمو المشترك الغني للمدينتين.
فالوعي الحديث غير قادر على دراسة جذوره، والقديم متقوقع في تجربته المحدودة، وفيما بعد سيكون للحركة الثقافية قدرة على بدء باوز هذه الثنائية.
أما الوعيان الفكري والسياسي فهما غير قادرين على تجاوز هذه الثنائية بسبب تلك التجربة الحدودة فى العمل السياسي العلني والجماهيري، وضعف أدوات البحث والاتصال.
https://isaalbuflasablog.wordpress.co...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر القرامطة :
( 1 ) : ( القرامطة بين الدين والثورة ، حسن بزون ، دار الانتشار العربي ، ص64) .
( 2 ) : ( المقريزي ، اتعاظ الحنفا ، نقلاً عن المصدر السابق ، ص67] .
( 3 ) : ( المقريزي ، عن السابق ، ص 68].
( 4 ) : (النجوم الزاهرة ، ج 3 ، ص ، نقلا ً عن القرامطة بين الدين والثورة ، 197].
( 5 ) : ( الإسماعيليون في العصر الوسيط ، مصدر سابق ) .
( 6 ) : ( المصدر السابق ، ص 55 ) .
( 7 ) : ( كتاب شجرة اليقين ، تأليف الداعي القرمطي عبدان ، تحقيق عارف تامر ، دار الآفاق الجديدة ، ص 6)
( 8 ) : ( المصدر السابق ، ص 10 ) .
( 9 ) : ( المصدر السابق ، ص 10) .
( 10 ) : ( المصدر السابق ، ص 10 ) .
( 11 ) : ( نفس المصدر ونفس الصفحة ) .
( 12 ) : ( القصة في سفر التكوين بالعهد القديم ) .
( 13 ) : ( شجرة اليقين ، ص 73 – 74 ) .
( 14 ) : ( المصدر السابق ، ص 74 ) .
كان مجيء الاستعمار البرتغالي بداية لدخول العصر الحديث إلى منطقة الخليج، حيث عبر عن لحظة المفصل بين العصرالوسيط والعصر الحديث، فعالمياً كان النظام الرأسمالي في طور التشكل، وكانت مرحلته ومعركته التجارية مشتدة بين أجسامه البارزة في أوروبا الغربية، التي انتقل إليها التراكم النقدي والثقافي العالمى.
إن البرتغال لم تعبر سوى عن مرحلة الاستيلاء على الغنائم والمواد الخام بصورة عسكرية، ولهذا كانت معتمدة على الأساطيل الحربية والقلاع. ولكن البرتغال لفتت الأنظار الغربية إلى أهمية الشرق، خاصة الهند، ثم المناطق القريبة منها. وبانتقال قيادة الرأسمالية إلى بريطانيا تكون مرحلة جديدة من تطور العلاقات الاقتصادية العالمية قد تشكلت، واعتمدت على نمو الصناعة وتصدير البضائع ورأس المال.
ومن خلال الهيمنة على الهند انتقلت بريطانيا إلى الخليح العربى، عبر مداهنة القوى الرئيسية فيه، كالإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية الفارسية، في حين لم يكن ثمة ممثل للقومية العربية التى كانت لا تزال فاقدةً الملامح الاجتماعية والفكرية.
وقد اعتمدت بريطانيا في سيطرتها على الخليج على تفتيت علاقاته بالعالم، وعلى تفتيت علاقاته الداخلية، بل على تفتيته الوطنى، بحيث تبقى اجزاؤه المختلفة متضادة. وكانت هذه خطة بعيدة المدى وذات نتائح أقوى وتكاليف أقل.
ولهذا وجدت جزر أوال نفسعها في مرحلة تاريخية جديدة، تم شيئاً فشيئاً قطع علاقتها بالضفاف الشواطئية الختلفة لها، ضفتا الجزيرة العربية الغربية والجنوبية، وبالتالي قطعها عن جسمها الخليجى العربى.
فعبر هذا تكون عملية الابتلاع اكثر سهولة وأقل خطورة، وقد اعتمدت بريطانيا في نمو سيطرتها على وضع الاقتصاد المحلى عموماً على مدى فخامة وغلاء المواد الأولية، وكذلك على أحجام الأسواق. ولهذا كانت الهند درة التاج البريطاني، لدورها في تطوير التصنيع الإنجليزي بشكل مركب مواد وسوقاً.
ومن هنا كانت جزر أوال ذات أهمية محورية نظرا إلى وجود المادة الخام و السلعة الثمينة في ذات الوقت وهى اللؤلؤ، حيث كانت هى مركز إنتاجه في توسطها لمصائده الطبيعية الكبرى.
واذا نحن نظرنا في ذلك الوقت إلى أية مواد خام أخرى ذات اهمية كبيرة لم نجد في الخليج سوى اللؤلؤ، كذلك لم يكن الخليج سوقاً كبيرة، نظراً إلى ضعف عدد سكانه وتبعثرهم وسوء أحوالهم المعيشية. وكان بالإمكان خلال القرن التاسع عشر تسلم هذه المادة السلعية دون صعوبات، لنشوء الترابط الوثيق بين الهند والخليج، التى عملت بريطانيا على نسجه من خلال تشجيع التجارة مع الهند.
ونظراً إلى طبيعة المواد الخام وأحجامها في الخليج فلم تكن بريطانيا في القرن التاسع عشر بحاجة إلى وضع اليد على الخليج، كما فعلت في الهند، ولكنها كانت بحاجة إلى ترتيب البيت الخليجى للسيطرة الشاملة القادمة، عبر تفتيته وقطع صلته بالساحل الشرقى لإفريقيا، والقضاء على اشكال التهديدات المسلحة التى يكن أن تنمو فيه، ولهذا كانت قوانين واتفاقيات منع تجارة الرقيق و"االقرصنة" والحروب، وكل ذلك يعنى تقسيم مناطق الخليج، والقضاء على أساطيله الحربية، وتوجيه الحياة الاقتصادية والسياسية لما يفيد التجارة البريطانية، حيث أخذت مصالح دول الخليج ترتبط تلقائيا بأسواق الهند وشرق افريقيا.
وفي ذلك المستوى من التطور الاقتصادي البريطاني لم يكن ابتلاع دول الخليج مفيداً، لكن التطور البريطاني الداخلى، واتساع الصلات مع دول الخليج، وتفاقم الصراع بين دول أوروبا الغربية حضّر الظروف للانتقال إلى السيطرة المباشرة.
قادت الظروف العامة لمنطقة الخليج وموقع البحرين في القرن التاسع عشر لتحولها إلى المركز الرئيسي لإنتاج اللؤلؤ. وهذا أدى إلى تبدل طبيعة السكان، فالمستوى الزراعي شبه الكلي، أخذ يعطي المكان لاقتصاد البحر. ومع تدفق عائدات هذا الاقتصاد بدأت القرى الساحلية في التحول إلى مدن. كما راحت القرى تنمو بصورة واسعة، بسبب هذا الترابط والنمو المشتركين. فإنتاج النخيل يقدم الكثير من المواد الأولية للسكان، كالمواد الغذائية والبنائية والاستهلاكية المختلف. وهذا يقود بدوره إلى تطور الزراعة.
إن عملية تشكل السوق الوطنية، تحدث من ترابط نسيج الحرف المختلفه، فحرفة صناعة السفن تعود بآثارها على حرفة الغوص، وسعف النخيل يصنع بيوت السعف الأكثر انتشاراً وقتذاك، والحدادة والقلافة والنسيج وغيرها تتعاضد لتقديم المواد الأولية للحرف واستهلاك البيوت ولنمو المدن وتضخم اسطول الغوص، الذي تعود عائداته بالتالي على هذه الحرف ومنتجيها بشكل نسبي.
كان هذا الإنتاج يحتاج إلى أمكنة للتبادل، فالمزارعون لا يبيعون سلعهم مباشرة، وكذلك الحدادون والنساجون الخ... ومن هنا أخذت الأسواق الصغيرة تكتسب نمواً مطرداً، وأخذت الأسواق الريفية تخلي مكانها للاسواق المدنية، بصورة ليست سريعة، وممتدة عبر عقود، وامتازت أسواق المدن القديمة كالمحرق وجدحفص بارتباطها الوثيق بالإنتاجين البحري والزراعي، فقد نشأت من خلال عمليات تبادله وفيضه النقدي .فكانت سوق المحرق تعتمد على جلب المواد المتعلقة بالسفن ومهن البحر المختلفة والاستهلاك، في حين كانت سوق جدحفص مرتبطة بفيض المواد الزراعية والحيوانية الناتجة عن القرى المختلفة.
كانت أهمية المدينتين انهما تعبران معاً عن إنتاج ما قبل الصناعي والرأسمالى الحديث، وتعبران عن عالم الحرف وتشابكاته المختلف.
وعمليات التبادل تقوم وتطور الرأسمال النقدي والفئات المرتبطة به، كالطواشين، وهم تجار اللؤلؤ، الذي يحتلون في هذا العصر مكانة محورية في عمليات التبادل، ولهذا أخذت هذه الفئة بالنمو مع ترسخ وتنامي اقتصاد اللؤلؤ، فغدت لها شرائح مختلفة، كالتجار الكبار الذين غدت لهم محلاتهم المحددة في قلب الأسواق، في حين ظهرت شرائح صغيرة تتاجر باللؤلؤ بأشكال كثيرة، سواء بانتظار الغواصين أم بالتوجه إليهم في عرض البحر أو السفر وبيع هذه المادة في الخارج الخ..
ونظرا إلى تحول البحرين إلى مركز الخليج لإنتاج وتصدير اللؤلؤ فقد أخذت عائلات تجارية من الخليج في القدوم إليها، لتنمو عمليات التبادل على أصعدة مختلفة، حيث أخذ الاستلاك الترفى بالظهور، عبر إنشاء البيوت الكبيرة، كذلك فان الاستهلاك السلعي العادي أخذ بالنمو والتوسع. كذلك فان الإدارة السياسية المحلية أخذت تتحول إلى مصدر للنمو التجاري والسلعي.
وكل هذا أدى إلى توسع الفئات التجارية، حيث برزت الفئة المرتبطة بإنتاج الغوص، وفئة التجارة العامة، وهناك عمليات تداخل بينهما عبر زمن ازدهار الغوص، لكن في أزمنة تدهوره كان الرأسمال ينتقل بصورة دائبة إلى الفرع الثاني.
ولم تظهر في هذا الزمن مؤسسات تمويل كبرى، كالمصارف واعتمد الأمرعلى مؤسسات الصرافة الصغرة، ونظراً إلى طابع العصر الوسيط المستمر في الحضور عبر الإنتاج التقليدي، فإنه كان يشارك المسلمين في عمليات التمويل والتسليف هذه المسيحيون واليهود بخبرتهم المميزة في هذا الجانب.
لكن إلي أي مدى كانت علاقات الإنتاج متداخلة في هذا الزمن؟ فمن المعروف ان علاقات إنتاج الغوص والزراعة، اعتمدت على العلاقات الإقطاعية وبقايا العبودية وكان حجم العلاقات الرأسمالية الحديثة محدوداً.
ويمكننا اعتبار السفينة قطعة أرض زراعية يقوم النوخذة (وهواللفظ الفارسى البرتغالي المنتشر خليجياً ويعنى: قائد أو ربان البحر) بتقاسم محصولها مع المنتجين وهم على درجات حسب مشاركتهم في العملية الإنتاجية، وهذه المشاركة مزدوجة فمن جهة يأخذ الربان حصة مساوية للمنتج الرئيسى وهو الغواص، كذلك فإن السفينة التى ملكها أو يستأجرها تأخذ هى الأخرى ذات الحصة. في حين يأخذ المنتج المشارك مساعد الغواص [السيب] نصف سهم.
فلا ترتبط عملية الغوص بالأجور بل بالحصص، فالمحصول يقسم على أسهم، بعد خصم تكاليف الرحلة، فيأخذ الربان سهمين فى حين يأخذ الغواص سهماً واحداً، والمساعد نصف سهم، ولكن العملية لا تتشكل من هذا الوضوح فإن الربان أو التاجر، يقوم بتسليف البحارة، ويكتب مبالغ السلف لديه أو لا يكتبها، مما يجعل البحارة مدينين بصورة دائمة. وهكذا لا يبقى عن الاسترقاق سوى خيوط واهية.
وفي الماضى الأكثر قسوة كان الغواص ينزل مقيداً كعبد، مما يشير على طبيعة الرق الكاملة حينذاك.
ان العلاقات البضاعية والنقدية تتوارى لصالح العلاقات الإقطاعية، وبقايا العبودية، مما يضعف من تطور الرأسمالية وتوسع السوق ومن تطور أدوات الإنتاج ودخولها في هذه العملية، وبالتالي تغيب أدوات النضال المعاصرة. كما يضع ذلك الأساس لتخلف الغواصين واميتهم وأمية أولادهم، وبقية عالميهم الاجتماعى والثقافى. ولا تختلف اوضاع الفلاحين عن اوضاع البحارة وربما كانت أسوأ، فهى تعتمد أسلوب الإقطاع المقام على [الضمان] الزراعى، وهو شكل متوارث من التاريخ العربى، مع استمرار علاقات السخرة.
وفي زمن بداية دخول العتوب إلى الغوص كان الشكل القبلى أساسياً فى الإنتاج: [فترى العائلات تدخل هذه الصناعة بشكل جماعى فرب العائلة ملك السفينة أوعدة سفن يستخدمها للغوص على اللؤلؤ، والاخوة والأبناء وأبناء العمومة والأخوال يعملون جميعاً على ظهر السفينة أو السفن التى تتملكها]، [محمد الرميحى، البترول والتغير الاجتماعى]، نقلا عن فاروق أمين، «دراسة حول واقع الأسرة البحرينية»، ص 011
هذا الأسلوب العائلى ربما كان معتمداً في الزراعة ايضاً ولكن تطور القرية الأسري له سار خاص، يعود إلى توطن القبائل العربية القديمة جزر أوال كعبدالقيس، ولا تزال قرية [كليب] تحمل ذكرى ذلك. وقد قسمت مدينة المحرق على أساس الأفخاذ القبلية، فلكل فخذ حي خاص، ثم تحول ذلك إلى أحياء مدنية وإلى الاختلاط مع تنامى التقسيمات والتباينات في الدخول وفي مواقع الإنتاج، بحيث أخذ الفقراء يتكدسون فى أحياء متقاربة.
لكن العلاقات القرابية ظلت مهمة مع بقاء أسلوب الإنتاج التقليدي، وبقاء التجارة على ضغاف هذا العالم. وفيما بعد، وفي زمن القرن العشرين، فإن البحارة سيمثلون مصلحة مشتركة واسعة، ويغدون قوة اجتماعية مختلفة، مما يشير إلى طبيعة التطور الاجتماعى الذي تنامى في عقود الغوص الأخيرة.
لكن في الجهة المقابلة، فإن معظم ملكيات الغوص من سفن وديون و[أرباح] انتقلت إلى كبار تجار اللؤلؤ، فظهرت بيوتات مالية. عقارية. وغدت هذه فيما بعد أساس تطور الطبقة الوسطى البحرينية، خاصة فى شرائحها الوسطى والصغيرة.
أما الشريحة الأخرى، والتى نمت من التجارة الخارجية، فإنها لم تكن كببرة فى زمن الغوص، وأخذت تتسع مع الاعتماد المستمر على الاستيراد، وأصبحت مهيمنة بعد أن دب الضعف في الغوص. ولكن هذه التقسيمات بين الفئتين الأساسيتين للطبقة الوسطى لم تكن راسخة، لأن التوظيفات كما قلنا متداخلة بشكل كبير بين الجانبين.
اعتمد اقتصاد البحرين بشكل شعبه كلى على الغوص، ففى سنة 1824 كان حجم ما بيع من اللؤلؤهو320,000 جنيه إسترلينى، أي ما نسبته 97,03,%، بينما بلغت مساهمة القطاعات الأخرى الزراعية والحرفية 1,02%.
وقد تزايد هذا الدخل في الثلث الأول من القرن العشرين، ليصل إلى ذروته سنة 1930، حيث بلغ: 2,125,000، لكنه وصل في سنة 1936 إلى657,000، وقد أدى هذا إلى تقلص أعداد السفن والبحارة، وبدأت علاقات اجتماعية كاملة بالتبدل.
عبرت الفترة السابقة للتدهور عن المنظومة الاجتماعية البحرينية الوطنية التقليدية، حيث تشكلت أسس للوحدة الوطنية عبر الاقتصاد التقليدي المفكك، أي من خلال التعاون غير المباشر بين أشكال الاقتصاد التقليدي، كالغوص والزراعة، وعبر التجارة المحدودة، وتداخلات التعاون الاجتماعى المباشرة.
فرافقت هذه المنظومة الاجتماعية أشكال من الثقافة التقليدية، المعتمدة اساساً على الثقافة الشعبية الشفهية الموروثة والمقداولة، والتى لا يجري فيها تغير كبير، بل إعادة إنتاج بسيطة مثل الحفظ والاستفادة من الأمثال القدمة لتطبيقها على واقع جديد، وثمة قصص مستعادة وإنتاج بسيط للشعر العامى. والتكرار والنمطية هما سمتا الوعى والواقع.
وهناك إنتاج ثقافي دينى تقليدي عزير يتواصل مع هذه البنية التقليدية، فتغدو الاستعادة المذهبية لأواخر العصر الوسيط هى طريقة الوعى السائدة، نظرا إلى وجود شعب في حالة تبلور وانتقال من منظومة إلى بوادر منظومة لم تتضح بعد على الصعيد الإقليمى. وحتى الآن لم تجر دراسات موثقة حول هذا الإنتاج الفكري، بحيث تتكشف أبعاده الجاثمة وراء نصوصه التقليدية المثقلة بالماضي.
لكن كان تبدل هذه التركيبة الاجتماعية يعتمد على طبيعة الرأسمالية البريطانية المسيطرة حينذاك، والتى بدأت بالانتقال إلى منظومة جديدة مع انتهاء القرن التاسع عشر، حيث أخذت عملية إرسال الرساميل بالتحول إلى أسلوب هام من أساليبها، فبدأت الشركات والبنوك البريطانية بالتغلغل في الاقتصاد المحلى.
وقد كانت عمليات الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية تتنامى منذ القرن التاسع عشر، فكان للبريطانيين امتيازات سياسية واقتصادية مثل وضع ضريبة لا تتجاوز الخمسة في المائة على البضائع البريطانية وغير ذلك من الامتيازات السياسية والقضائية. ولكن في بداية القرن العشرين انتقلت البحرين إلى التبعية للاستعمار البريطاني. وفي هذه السنوات قدمت شركات البرق والبريد وجري مكنزي والبنك البريطاني.. الخ، فغدا الاقتصاد المالي يحكمه البنك البريطاني، والتجارة الخارجية بيد جري مكنزي وأخذت السلع الإنجليزية بالانتشار الواسع.
وقد أدى غياب أي حماية للاقتصاد المحلي إلى أن بدأت شبكة الحرف بالتدهور المستمر، ولهذا وجد صناع السفن و النسيج والمداد والفخار.. الخ انفسهم يفقدون أعمالهم، وبطبيعة الحال تحولت هذه الظاهرة إلى سيل جارف مع انهيار الغوص، ولهذا أخذت البحرين تتحول من مركز اقتصادي إلى هامش اقتصادي.
ان انهيار النظام التقليدي تم ببطء كما ان تشكل النظام الحديث تم ببطء مماثل، وهذا ما شكل أزمة عميقة للمجتمع، خاصة في عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، وفي السبعينيات فقط بدأ النظام الحديث في إنتاج ثماره.
وهذا التحول ترك بصماته على مختلف جوانب الحياة المادية والثقافية، بدءاً بنمط العمران، وهو الأقرب إلى البنية الاقتصادية، أو في اشكال الوعى الفكرية وهى أبعدها عن الالتصاق بها. ونجد بيوت الفقراء الأقل تعرضاً للتبدل، فقد ظلت مادة الخوص والجريد المادة الأساسية لها، وحتى الستينيات. في حين بدأت الفئات الوسطى منذ الثلاثينيات استخدام المواد البحرية في تجديد مساكنها.
كان الاختلاف بين المحرق والمنامة هو العلامة الفارقة للتحول بين العصرين الوسيط والحديث، فقد كانت المحرق عاصمة نظام الغوص وأزهى فترات العصر الوسيط البحرينية، حيث البنية المستقلة والمزدهرة نسبياً، لكنها عاصمة غير قادرة على أن تكون عاصمة توحيدية تحديثية للبلد، بسبب طبيعة العلاقات الاقتصادية التقليدية المفككة للشعب، والواقع الجغرافي المحصور والضيق للمدينة، وقد كانت هي الموقع الرئيسي للعمل السياسي المناهض للاحتلال، كذلك فقد قامت السياسة البريطانية على الابتعاد عن كتلة المنتجين البحرينيين المترابطين فيها، ولهذا قامت بتطوير موقع المنامة، التي كانت مصيفاً، وفيها فراغات كبيرة وقتذاك.
كانت المواقع البنائية محدودة في المنامة، وتحيطها مجموعة من القرى المتباعدة التي تشتغل بمجموعة من الحرف، وقد أدت التطورات الاقتصادية من انهيار نظام الغوص والزراعة والحرف إلى نزوح السكان وبحثهم عن أعمال خلال عقود الانهيار والتحول، فبدأت المنامة تنمو بشكل سريع.
تحول المنامة إلى عاصمة كان ثمرة للاندثار الريفي والحرفي وللتحول إلى سوق، فتصبح المركز السياسي والاقتصادي للمجتمع، وتقوم بالنموعلى حساب الرقعتين الزراعية والبحرية، فغدت مكانتها المتوسطة الجغرافية وسيلة لتوحيد المجتمع، فأصبح الاقتصاد الحديث أساساً أقوى وأوسع للبناء الوطني، ولظهور مجموعات سكانية حديثة.
وقد تعرضعت الطبقة الوسطى للتبدل بناءً على هذا النمو للاقتصاد الحديث على حساب تلاشي الاقتصاد التقليدي، فاندثرت فئة الطواشين والفئات المرتبطة بالنمط القديم، وأصبح المستوردون هم الفئة البارزة في الطبقة الوسطى، وأصبحت البيوتات المالية المعنية أساساً بالاستيراد في مجتمع الغوص هي الطالعة من خراب العام القديم، أو تلك التي حافظت على التنوع وعلى الاستثمارات العقارية، مما أعطى بناءً اقتصادياً خاصاً للطبقة الوسطى، كانت له تأثيراته على حقول الوعي والسياسة.
ولهذا كانت الشرائح المرتبطة بالاقتصاد القديم، وهي عائلات الاقتصاد البحري أو الريفي من جهة أخرى وبمستويات متباينة بين المدينة والريف، هي التي واجهت الغزوالاستعماري، لتضرر مصالحها بشكل مباشر، حيث كانت تزاوج بين السيادة الاجتماعية والغوص وتجارة الرقيق والسلاح، وتعتمد على علاقات وأفكار قديمة ولكنها تعبر عن مضمون وطني تقليدي.
فنجد أن معارضة الثلث الأول من القرن العشرين تتركز في المحرق وبين عائلات الامتيازات ((البحرية))، فهي تعمل على إبقاء النظام القديم بأساليبه ونظامه السياسي، في حين كان هذا النظام قد تجاوزه العصر، وعملت القوة البريطانية على تغيير بعض جوانبه غير العميقة، دون أن تقوم بتغيير البنية الإقطاعية ــ المذهبية بل حافظت عليها. أي قامت بإلحاقها كنظام تابع بالهند اولاً مع إجراء التحسينات الضرورية لظهور جوانب من الاقتصاد الحديث.
لكن من خلال هذا الصدام بدأت تتبور خريطة الوعي الوطني المتصاعدة على مدى القرن العشرين، فالتقليديون وهم يواجهون الاستعمار، كانوا يبعثون مختتلف أشكال الوعي: الشعر، والمقالة، والرسائل، وهذا هو المستوى المبكر من هذا الوعي، وفي مرحلة الثلاثينيات مع توسع الحياة الثقافية عبر المدارس، والأندية وصحيفة البحرين، ظهرت أشكال أخرى: المسرحية الشعرية، والقصة القصيرة، والترجمة، والنقد.
لكن راحت أشكال الوعي المختلفة تعبر عن الفئات الوسطى بشكل متزايد، حيث غدت هي المنتشرة والقادمة من النسيج الوطني عموماً، ولهذا فإنها لم تجد في الأفكار الدينية التقليدية مادة جاهزة للنضال الوطني، فراحت تستوعب الأفكار العربية والإسلامية المبثوثة في الفضاء العربي؛ حيث كان الانبعاث القومي الإسلامي هو الصوت الرائج في المشرق العربي.
كذلك فإن المؤسسات الدينية . المذهبية لم تكن قاعدة للوحدة الوطنية والعمل المشترك، فأصبح التنوير والنهوض الثقافي أداة للوحدة وللحرية.
كان نمو الطبقة الوسطى البحرينية يعتمد على نمو ذنيك التوجهين الفكريين المتشكلين من جذور عالم الغوص والتجارة، فالاتجاه السلفي التحديثي، والاتجاه الليبرالي، أخذا يبرزان بصعوبة فيها. ويمكن ملاحظة ان الجسم البارز من المنحى الأول يبرز فى المحرق بصفة خاصة، نظرا إلى حجم تركيبة النمط القديم فيها، وتوجهه الوطني القومي الديني. فى حين ان الجسم الليبرالي الأكبر ظهر فى المنامة، بسبب النمو المتسارع للتجارة والحداثة فيها.
ولهذا نجد المنتديات ذات الطابع القومي الديني تبرز فى المحرق وتكون مقراً للنادي الأدبي وللمنتدى الإسلامي، فتكون أقرب للتركيبة التقليدية، فى حين كان الجسم الفكري فى المنامة يبحث عن توجهات جديدة لم تتبلور بوضوح. وفى البداية ظهرت نفس التوجهات [المحرقية]،فالتوجه القومي الديني هو الذي وجه النخبة، لكن النمو الليبرالي الأكبر لم يتبلور فى حركة أو اتجاه متأصل، وقد ظهر فى حركة الهيئة لكنه لم يصبح اتجاهاً، بسبب مستوى الطبقة ومحدوديتها التاريخية والاقتصادية، فليست هناك جذور عميقة موضوعية وثقافية راسخة للحداثة.
لقد استطاعت الاتجاهات الشمولية أن تهيمن على أبرز قطاعاتها، لسهولة وعاطفية شعاراتها، الأقرب إلى الأمية، ومن هنا كان الإنتاجان الفكري والسياسي محدودين قياساً بنظيراتها في الدول العربية، وتجربتها السياسية لا تعطيهما فرصة للتراكم وخلق أجيال من المتشبعين بثقافتها .ولهذا لم ينفرز الاتجاهان الليبرالي والديني، وحين انفرزا بعد عقود، تحول الأول إلى ليبرالية مقلدة للغرب بلا جذور، وصار الآخر متشدداً شكلياً بلا معرفة عميقة بالإسلام.
وكانت العلاقات مع الضفاف الإيرانية وجنوب العراق تجري كما كانت عبر التاريخ، ولكنها أخذت الآن تنموعبر الحدود الوطنية المعاصرة، فالاتجاهات المزدكية والمانوية الإيرانية والعراقية الضاربة الجذور، تتحول إلى تيارات ماركسية ودينية، وقد برز الاتجاه الماركسي الإيراني عبر حزب توده وامتداده السياسي في تجربة البحرين، منذ حركة مصدق وانهيارها ولجوء مناضلين إيرانيين إلى البحرين. لقد قام هذا الاتجاه بنقل حرفي لتجربته إلى البلد، خاصة إلى القطاع العمالي، في حين كان الاتجاه الديني، المتصف بالتوجه اليميني يتغلغل في شريحة التجار الصغار والموظفين. ومن هنا برزت في المنامة عملية النمو الفكرية والسياسية الأكثر وضوحاً وتبسيطية0 ولهذا فإن الاتجاهات الوسطية الأخرى لم تشهد نمواً متواصلاً 0
لكن النقل الحرفي للتجربة الإيرانية سيكون متكرراً فى تجربة البحرين السياسية، هو أمر يعود إلى تاريخ قديم كما رأينا في التجربة القرمطية، وقد تقاطع بالتجربة النضالية العربية القومية واليسارية، ثم ما لبثا أن تداخلا في فترة لاحقة.
أن تجربة المنامة الفكرية والسياسية سوف تتسرب بطبيعة الحال إلى المناطق المختلفة، حيث ستجد في المناطق الريفية حاضنتها الأكبر نتيجة للتأزم الاجتماعي الاوسع، وإذا كانت مدينة المحرق لم تشهد مثل ذلك النمو، فالأمر لا يعود إلى الجذور فحسب، بل أيضاً إلى محدودية التداخل والنمو المشترك الغني للمدينتين.
فالوعي الحديث غير قادر على دراسة جذوره، والقديم متقوقع في تجربته المحدودة، وفيما بعد سيكون للحركة الثقافية قدرة على بدء باوز هذه الثنائية.
أما الوعيان الفكري والسياسي فهما غير قادرين على تجاوز هذه الثنائية بسبب تلك التجربة الحدودة فى العمل السياسي العلني والجماهيري، وضعف أدوات البحث والاتصال.
https://isaalbuflasablog.wordpress.co...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر القرامطة :
( 1 ) : ( القرامطة بين الدين والثورة ، حسن بزون ، دار الانتشار العربي ، ص64) .
( 2 ) : ( المقريزي ، اتعاظ الحنفا ، نقلاً عن المصدر السابق ، ص67] .
( 3 ) : ( المقريزي ، عن السابق ، ص 68].
( 4 ) : (النجوم الزاهرة ، ج 3 ، ص ، نقلا ً عن القرامطة بين الدين والثورة ، 197].
( 5 ) : ( الإسماعيليون في العصر الوسيط ، مصدر سابق ) .
( 6 ) : ( المصدر السابق ، ص 55 ) .
( 7 ) : ( كتاب شجرة اليقين ، تأليف الداعي القرمطي عبدان ، تحقيق عارف تامر ، دار الآفاق الجديدة ، ص 6)
( 8 ) : ( المصدر السابق ، ص 10 ) .
( 9 ) : ( المصدر السابق ، ص 10) .
( 10 ) : ( المصدر السابق ، ص 10 ) .
( 11 ) : ( نفس المصدر ونفس الصفحة ) .
( 12 ) : ( القصة في سفر التكوين بالعهد القديم ) .
( 13 ) : ( شجرة اليقين ، ص 73 – 74 ) .
( 14 ) : ( المصدر السابق ، ص 74 ) .
Published on September 25, 2019 17:49
No comments have been added yet.


