التنوير الرومانتيكي عند جبران خليل جبران ㋡

(1931 – 1883)
إن قدرة المسيحيين العرب على خلق التنوير المبكر في القرن التاسع عشر في المشرق العربي تحديداً، حيث لا نشهد مثل هذا التنوير في المغرب، تعود إلى كون الفئات الوسطى المسيحية التي تشكلت في الشام، ذات ظروف اجتماعية وثقافية أفضل من المسلمين الذين كان الإقطاع الديني مطبقاًعليهم بصورة أشد من إطباقه على المسيحيين.
فنظراً لصغر العائلات المسيحية وارتباطها بالمهن الحرة وبداية نمو المدن السورية «سوريا ولبدنان حينذاك» والتاثيرات الغربية الثقافية والسياسية المتدفقة بقوة في هذا الوقت، أمكن لأفراد ورموز من هذه العائلات أن يتحرروا نسبيا من النفوذ الديني الإقطاعي، وبدأت عملية تحرير الوعي العربي الحديث من الوعي الطائفي والتقليدي. وهو أمر كما قلنا مراراً يماثل دور هذه الجماعات المسيحية في العصر الوسيط حينما قامت بذات الوظيفة في نمو النهضة الفكرية العربية، ولكن الآن تتشكل الظواهر في بُنى مختلفة وظرف عالمي جديد.
ولدينا هنا الآن نموذج الشاعر جبران خليل جبران وخطواته ومساهماته في عملية النهضة العربية الجديدة، التي سنحاول منها اكتشاف مساهمته في هذه العملية.
وبطبيعة الحال سوف تتسع عمليات التحرر للفئات الوسطى العربية اجتماعياً وسياسياً، على مدى التاريخ القادم فيما بعد جبران عبر القرن العشرين كله، وسوف يتعقد الوعي ويغدو ذا مستويات عدة، بدءاً من جبران مرورا بطه حسين وانتهاء بعابد الجابري وأدونيس وغيرهما، لكن وعي الفئات الوسطى وحركيتها التاريخية لن يخرج عن التشكيلة الإقطاعية، ولن يقطع للخروج إلى التشكيلة الرأسمالية الحداثية المكتملة.
وجبران خليل جبران شاعر وفنان عربي سوري ولد سنة 1883، من أب فقير كان يعمل راعياً، في أسرة مسيحية، وقد دمر الأب هذه الأسرة بسبب سكره وعدم مراعاته لها، لولا قوة شخصية الأم التي أنقذت هذه الأسرة وهاجرت بها إلى أمريكا ببوسطن، وهناك عاشت بين المهاجرين العرب، وتربى جبران فى الوسط العربي الأمريكي، عاجزاً عن تعلم اللغتين العربية والإنكليزية، لولا عودته لوطنه وهناك بدأ يتعلم بشكل مدهش.
هذا التعليم المحدود، والمآسي المستمرة على هذه الأسرة الصغيرة، التي مات معظم أفرادها بشكل متتال في أمريكا، وخيبات الحب المستمرة التي عانى منها جبران سواء من معلمته الأمريكية أم من مراسلته عبر البحار والتي لم يرها وهي مي زيادة، قد أطلقت في جبران نزعات الشطح الديني والصوفي والشعرية القائمة عليهما، وتغييب التصوير البنائي التحليلي للحياة.
ومن خلال هذا التصوف الديني الشعري حاول أن يعبر عن معارضته الشديدة للنظام الاجتماعي الإقطاعي الثقيل ومحدود الانفتاح في ذلك الحين.
يقيم جبران تناقضات كلية بين الطبيعة «النقية» والمجتمع الفاسد، بين عوالم الأرواح الحرة وبين المواد والأشياء الوضيعة.
ويذكرنا هذا بموتيفات الفلسفة العربية الدينية القروسطية لدى الفارابي وابن سينا وغيرهما، وهما اللذان شكلا تضاداً عميقاً بين عالم الأرواح النقي والمادة الوضيعة، معبرين عن الرؤية الدينية للفئات الوسطى العربية في العصر السابق، في علاقتها بالنظام الأرستقراطي الحاكم، حيث اتفقت معه في هيمنة الدين والقوى الفوقية على الناس، الذين هم مثابة المادة الدنيا غير القادرة على الفعل التاريخي المستقل.
واعتماد جبران خليل جبران على هذه الموضوعة الأساسية للفلسفة المثالية السابقة، هو امتداد لتاريخ طويل من هيمنة الأرواح والبنى الفوقية الروحية على الجمهوروعلى تحليل الواقع.
وتساهم غربتا جبران: الغربة الاجتماعية والغربة الجغرافية في تذكية تلك المادة الصوفية الدينية وجعلها بديلا عن الغربتين والتحليل.
يجسد جيران كثيراً التضاد العميق بين عالم الأرواح والطبيعة من جهة وعالم الكون والفساد الأرضي من جهة أخرى، وفي الفصل الثاني من «الآجنحة المتكسرة» يقول صورأ نفسه المتنازعة بين قوتين: (قوة تحلق به السحاب وتريه محاسن الكائنات من وراء ضباب الأحلام، وقوة ظاهرة تقيده بالأرض وتغمر بصيرته بالغبار وتتركه ضائعاً خائفاً في ظلمة حالكة)، (ص ١٢، من نسخة دار المدى، سنة ٢٠٠٣).
ثم تتمظهر وتتجسد هذه الكائنات اجتماعياً في الفصل التالي حين يتغنى بإله الربيع، وهي احتفالية غائرة منذ تموز وأدونيس، المعبرين عن قوى الطبقة العليا الزراعية في إعادة إنتاجها وتملكها للطبيعة والمجتمع، في ميثولوجيا الخصوبة والفداء في العصر القديم، وستتجلي لاحقاً احتفالية الفداء في المسيحية، أو في تضحية الحسين، ي العصر الوسيط المسيحي - الإسلامي، يقول:
(الربيع روح إله غير معروف تتطوف في الأرض مسرعة، وعندما تبلغ
سوريا تسير ببطء متلفتة إلى الوراء مستأنسة بأرواح الملوك والأنبياء الحائمة في الفضاء)، السابق ص ١٤.
هذه الهيمنة للأرواح على الفضاء الروحي المشرقي، هي هيمنة اجتماعية وسياسية للقوى الأرستقراطية والدينية المتنوعة والتي جسدت عمليات سيطرتها التاريخية الطويلة بهذا الوعي الديني والسياسي الروحي المُفارق، والموجود وراء الأشياء والطبيعة.
يتجسد التضاد العميق الذي لا يُحل بين ما وراء الطبيعة والواقع، بين عالم الأرواح النقي وعالم الفساد الأرضي، في الكثير من سرد جبران الذي عادة يقتحم البناء القصصي:
(الشبيبة أجنحة.. ترتفع بالفتيان إلى ما وراء الغيوم فيرون الكيان مغموراً بأشعة ملونة.. ولكن تلك الأجنحة الشعرية لا تلبث أن تمزقها عواصف اختبار فيهبطون إلى عالم الحقيقة - وعالم الحقيقة مرآة غريبة يرى فيها المرء نفسه مصغرة مشوهة)، ص ١٩.
ولا يقوم جران بتصوير عالم الحقيقة المشوهة هذا، حيث هو مربوط بعالم مغاير هو العالم الروحي النوراني، وكل شيء صادق في العالم الأرضي(الدنس) هو من إنتاج الروح، ولهذا فإن الحب لا ينبثق من علاقات حياتية متنامية بل هو يتدفق من الأعلى، من عالم الأرواح، فحين يرى حبيبته سلمى لأول جلسة يهتف:
(إن للجمال لغة سماوية تترفع عن الأصوات والمقاطع، وهكذا شاءت السماء وعتقتني على حين غفلة من عبودية الحيرة والحداثة لأسير. حواً في
موكب المحبة).
وتغدوهذه الحبة الرومانتيكية المتدفقة من الأعاني النوارتية متضادة مع شرائع البشر وتقاليدهم.
غن التضاد بين المنطقة البيضاء النوارتية، والتي هي هنا الحب، وبين المنطقة السوداء ، التي هي هنا شرائع البشر وتقاليدهم، سيقوم الشاعر بالتعبير عنها، في كتابه عن المحبة، وستغدوالأنوار والنبوة والمثل وغيرها هي الطاقة الروحية المغيرة لعالم الدنس والفقر الروحي.
إن التضاد بين الروح والمادة من القضايا التي لم تحل تناقضاتها الفلسفة المثالية الدينية في المنطقة، وجبران يواصل إنتاج هذا التضاد غير المحلول بشكل تصويري شعري، فيقول عن جمال سلمى حبيبة الراوي:
(بل كان غريباً كالحلم أو كالرؤيا أو كفكر علوي لا يُقاس ولا يُحد ولا يتسخ بريشة المصور)، فالدخول إلى تجسيد الحياة وتحليلها يغدو اتساخاً.
ولهذا فإن جبران يحول الظاهرات التاريخية العميقة والواسعة إلى عمليات نوارنية شخصية فيقطرها في شعاع وحيد:
(كل ما نراه اليوم من أعمال الأجيال الغابرة كان قبل ظهوره فكراً خفياً في عاقلة رجل أوعاطفة لطيفة في صدر امرأة.. الثورات التي أجرت الدماء كالسواقي وجعلت الحرية تُعبد كالآلهة كانت فكواً خيالياً مرتعشاً بين تلافيف دماغ رجل فرد عاش بين ألوف من الرجال... التعاليم السامية التي غيرت مسيرة الحياة البشرية كانت ميلاً شعرياً في نفس رجل واحد منفصل بنبوغه عن محيطه) السابق ص ٢٩، ٣٠.
إن التحولات الاجتماعية الكبرى في التاريخ لا تغدوعبر هذا الوعي عمليات تراكم فكرية واجتماعية وسياسية لمجموعات بشرية، بل هي وليدة لإنتاج وعي فردي مفصول عن هذه السيرورة، وهنا يقطع جبران حتى مع عملية تراكم الوعي التاريخي العربي، فذلك عودة لوعى ما قبل ابن خلدون وغيره، الذي يقرأ التحولات على ضوء التراكم والصراع الاجتماعي.
إن تصور جبران للثورات أنها نتاج فعل فردي، وبالتالي فظهور الأديان هى عملية فردية محضة، لبشر مفصولين عن المجتمعات التي يعيشون فيها، وتتشكل لديهم الأفكار عبر الرؤيا والغيب، هي عملية ستجعله لا يدرس الأديان باعتبارها ثورات اجتماعية تاريخية، تداخلت فيها الصراعات الاجتماعية والقيادات الفكرية الطليعية، وبالتالي قامت بردم الهوة بين الفكرة والواقع، بين السماء والأرض، بين النور والمادة، بل سوف يُسقط عليها أفكاره المختزلة الصوفية، لعدم قدرته على خلق فعل ثوري على المستوى المعاصر، أوعلى مستوى القراءة، فعل يجمع المثالي والواقعي في تكوين مشترك.
إن عدم استطاعة جبران التضفير بين النور السماوي والفعل الكفاحي، لا تعود فقط لمثاليته الغيبية، بل لغربته الاجتماعية والجغرافية كذلك.
إن جبران يقف أمام الواقع المتخلف كفارس قادم من الغيب، ويقوم باستثمار مفردات ديانته المسيحية، وقد انفصلت عن تاريخها الكفاحي الاجتماعي الطويل، وتحولت إلى لغة صوفية، وبالتالي فقد القدرة على تحليل هذه الديانة كثورة شعبية، ولهذا فهو يأخذ بعض المفردات كالمحبة ويشغلها فى فضاء رومانتيكي، يقول كلماته الجميلة في كتاب النبي:
(المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حنطة / المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم / المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم / المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء / ثم تعدكم لنارها المقدسة، لكي تصيروا خبزاً مقدساً يُقرب على مائدة الرب المقدسة).
ومن الواضح هنا تدفق قاموس الريف المهبط الاجتماعي للمسيحية، وتتشكل عملية البعث الروحية عبر التسامي عن التضادات الاجتماعية والسياسية، وبتشكيل وحدة رومانتيكية بين البشر بعد إزالة جذور التناقض بينهم، التي لا تزول بل تُقصى، فيُعجن المجموعُ الاجتماعيُ فى خبزٍ ديني بدلا من أن يَكتشف تضاداته ويحلها. فالاختلافات والمسئويات المعيشية المتباينة والفكرية المختلفة، تصبح قشوراً، وتتكفل المحبة باستخراج الجوهر الروحي الداخلي، لأن التكوينات الاجتماعية والتاريخية، وهي المُشكلة على الأرض هي مجرد قشور وأنسجة خارجية.
إن تصوره بأن التعاليم السامية كانت ميلاً شعرياً عند فرد واحد، منفصل عن عصره، وبالتالي عن واقعه وتراثه، تجعل التعاليم السامية ليست نتاج الجدل بين القائد والواقع، وبالتالي فإن الانفصال الذي يعيشه جبران عن الواقع وقواه، ليس مهماً، بل هو قادر على ردمه كما فعل الطليعيون الآخرون السابقون، النين كانوا منفصلين وشكلوا ثوراتهم بفكرهم المفارق، أي الذي جاء من اللاواقع، من المنطقة النورانية، مصدر الخير والجمال... الخ.
نستطيع أن نقول إن هذه هي قراءة جبرانية للتحول فى المنطقة، ومحاولة لتكرارها في أوائل القرن العشرين وقتذاك. وقد أعطى فقدان القوى الاجتماعية الفاعلة، وعدم بروز التناقضات فى صفوفها، إمكانية فكرية لجبران لخلق عملية تاريخية من هذا الانسجام الاجتماعي البكر، الذي لم تفجرهُ الصراعات الطبقية الضارية بعد، أو التي لم تظهر في مشاهد وعى جبران، لأن التاريخ السوري اللبناني السابق حافل بها.
لكن هذه القراءة تُلغي ما هو أرضي وتربط كل شيء بالسماء. يقول الراوي لسلمى حين نشأ حبهما من أول ومضة شعاعية روحية:
(إن حياة الإنسان يا سلمى لا تبتدئ فى الرحم كما أنها لا تنتهي أمام القبر، وهذا الفضاء الوسيع المملوء بأشعة القمر والكواكب لا يخلو من الأرواح المتعانقة بالمحبة والنفوس المتضامنة بالتفاهم،)، الأجنحة المتكسرة، ص ٣٣.
إن وجود الأرواح الحائمة في الفضاء وتداخل الكواكب بها، يشير إلى مفردات مغمورة في الفلسفة العربية الدينية للعصر الوسيط، حيث الكواكب أرواح. وهي التي تهيمن على الحركة الأرضية.
يصور جبران خليل جبران الإقطاع المهيمن على الحياة الاجتماعية والروحية كقوى فردية وكاختلال روحي، وليس كبنية اجتماعية موضوعية، استمراراً لنهجه الفاصل بين الروحي والاجتماعي، بين الراهن وجذوره، فالمطران المهيمن على بلدة سلمى "فارس كرامة" يطمع في ثروة ابيها الكهل، ويقوم بفرض إرادته على الكهل وابنته فيزوجها من ابن أخيه الفاسد. ويقول الراوي عن المطران:
(هذا الرجل هو مطران تسير قبائحه بظل الإنجيل فتظهره للناس كالفضائل)، (جامعاً في قبضة الشريعة الفاسدة روحاً سماوية بذات ترابية).
وكما يفعل جبران في فصل الفكرة عن جذورها الموضوعية وتطوراتها، فهويفصل كذلك الفرد عن الجماعة التي ينتمي لها، فالمطران يبدو ممثلاً للشريعة الفاسدة، وبالتالي فهو يشيرإلى تاريخ جماعي واجتماعي، وإلى وجود شريعتين: فاسدة ونقية، لكن لا نعرف لماذا هيمنت الشريعة الفاسدة، حيث بدت في تكون فرداي مستقل عن الوجود الجماعي والإرث التاريخي وتحولاته.
مثلما أن سلمى وأباها والراوي، الذي هو المولف جبران نفسه، حيث لا مسافة موضوعية فنية بين الكاتب وأثره، يكونون الشريعة النقية، ولكنها ليست في موقع السلطة، بل ليست في موقع التاثير والمقاومة. إنها مُضمرة متوارية في الذوات الفردية المُحاصرة بالكهنوت، الذي يهيمن على الثروة الروحية، فهو الذي يُنتج مفاهيم هذه الثروة ويجعلها متداولة لمصلحته المادية، أي عبرها يقوم بالاستيلاء على الثروة المادية، ليوسع كذلك من سيطرته الروحية.
وبخلاف المطران فإن الشخصيات الخيرة المُستلبة تَذوبُ في الصراع ولا تقوم بإنتاج شريعتها النقية، أي لا تقوم بفهم المسيحية كثورة اجتماعية قام الكهنوتث بالسيطرة فيها على المعنى والمضمون، وتنحيته، وحولها إلى عبادات مُفرّغة من دلالاتها الثورية السابقة.
ولهذا فإن هذه الشخصيات الخيرة تتلاشى عبر الموت أوالصمت، فسلمى تتزوج من الشخصية الفاسدة، وأبوها يموت، وهي تلد طفلاً يموت فتموتُ معه، والراوي يقف على القبر راثياً، دون أن ينقد عجزه.
ولا تختلف بقية آثار جبران عن هذا المنحى، ففي مسرحيته «لعازر وحبيبته» المنشورة حديثاً في صحيفة النهار البيروتية بتاريخ كانون الأول ٢٠٠٢، نرى لعازر الذي أحياه السيد المسيح حسب الرواية الإنجيلية، وهو مستغرق في الطبيعة، متصلاً بحبيبته في السماء، قاضياً معها زمناً خارج الزمن الأرضي، وهذه اللحظة الدهرية بالنسبة اليه كانت لأسرته أمه وشقيقته عدة ساعات من النهار، ولكن الزمن الميتافيزيقي والزمن البشري الموضوعي متباينان، مثلما أن لعازر يرى الوجود المادي وضيعاً فلا يحب أن يمتد جذراً في الأرض المظلمة (مثلما يأبى أن أتلقى الزبدية من أيد ذابلة وأستمدث الحياة من كؤوس الطين).
وهو لهذا يرى بعثه حرماناً لاتصاله بحبيبته، ذلك الاتصال السرمدي النوراني، ويقول لعازرلمريم أخته:
(أنت وأنا وهذه الحديقة مجرد وهم، بل ظل للحقيقة). إن هذه العبارة لابد أن تذكرنا بمُثُل أفلاطون، لكنها هنا تندمج بصوفية عريقة في المشرق، في حين ان أسرته الصغيرة البشرية الأرضية تواصل حيثيات الوجود العادي. ولكن لماذا لم يكن بعثاً لعازر الجبرانى اندماجاً في هذه الحياة الأسرية وتطويراً لها وبحثاً عن حبيبة أرضية حقيقية، وتغييراً داخل الحياة؟
إن هذا السؤال يعبر عن التضادات العميقة في الأدب الجبراني، وعن غياب الفعل الثوري الجبراني على مستوى الواقع والموروث، فيتشكل النقد لظاهرات من الواقع، ويغدو الحل الاتجاه غيباً، ولهذا فإن لعازر حين سمع أن السيد المسيح قام، اتجه إليه، مندمجاً في مسيرته، مستعداً للفداء.
إن هذا الموقف هو بشكل فلسفي عام، لأن لجبران نظرات إصلاحية اجتماعية جزئية، يؤكد مشاركته في أحداث الأرض الواقعية، وهو ليس الداعية للانقطاع الكلي.
ولا يتسع المجال هنا لعرض ذلك.
https://isaalbuflasablog.wordpress.co...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 30, 2019 11:41
No comments have been added yet.