الناس يمكنهم الطيران
أخبرت بواسطة فيرجينيا هاملتون
إنهم يقولون “الناس يمكنهم الطيران”..
قيل ذلك قبل أمد بعيد بأفريقيا، عندما علم العديد من الناس السحر. وكان بإمكانهم المشي في الهواء كما تسلق البوابة، وطاروا مثل العصافير السوداء فوق الحقول. أجنحة، مضيئة، بالسواد، ترفرف، تخفق ضد الزرقة، هاهنا..
بعدها، العديد من الناس أسروا لأجل السخرة..الذين يقدرون فيهم على الطيران طرحوا عنهم أجنحتهم. لم يكن يمكنهم أخذ أجنحتهم عبر الماء، بسفن العبيد، فهي جدا مزدحمة، إذ كنت لا تعلم.
كان القوم ممتلئين بالبؤس، لذا، أصابهم البحر بدواره، بصعوده وهبوطه..فلهذا نسوا شأن الطيران وقتما لم يعدوا قادرين على تنفس العبق الحلو لأفريقيا..
قيل، بأن الأشخاص الذين أمكنهم الطيران أبقوا على قدرتهم، على الرغم من أنهم طرحوا أجنحتهم وأنهم أبقوا سر سحرهم بأرض السخرة..بدوا مثل القادمين من أفريقيا، والذين توافدوا قبلهم ولديهم بشرة غامقة..ويمكنك القول أنك لا تستطيع بعد الآن التفرقة بين من يستطيع الطيران ومن لا..
واحد ممن يستطيع، كان رجل عجوز يدعى”توبي” وسيدة لافتة الطول، ورغمها خائفة. كان لديها جناحان تدعى سارة..سارة الآن تحمل رضيعا مربوطا لظهرها..خافت لأن أصبحت تعمل بجهد، وتزدرى.
كان العبيد يكدحون بالحقول من طلعة الشمس إلى المغرب. كان مالك العبيد يدعو نفسه(السيد). ويمكن القول بأنه كتلة صلبة من الطين. فحمة متأنقة صلبة.. كومة من الصخور الصلدة التي لا تتزحزح. ملاحظه، على ظهر حصانه أشار إلى العبيد الذين كانوا يتلكأون، لأجل أن يشق بسوطه نحوهم ليجعلهم يتحركون أسرع. ولذا كانوا يعدون أسرع، اضطروا.
عزقت سارة، وشقت طريقها بينما الرضيع باق على ظهرها نائم. قيل أن الطفل تنامى جوعه. بدأ الرضيع بالزعيق عاليا، ولم تتوقف سارة لإرضاعه. لم تقدر على أن تتوقف لتسكنه، أو تسكته. لم يعد لديها حيلا لتهنهنه.
“ابقي هذا الشيء ساكتا” لفظها الملاحظ. وأشار بإصبعه ناحية الرضيع. المرأة انزوت لأسفل. وكان الحوذي قد طرقع بسوطه نحو الرضيع على أي حال. بكى الصغير كما أي طفل مجروح، ووقعت السيدة إلى الأرض.
أتى توبي، الرجل العجوز الذي كان بهناك، وساعدها لتقف على قدميها.
“أنا يجب أن أمضي قريبا” أخبرته.
“قريبا” قالها..
لم تقدر سارة على الوقوف ثابتة أكثر من ذلك، كانت جدا ضعيفة. والشمس حرقت وجهها. بكى الرضيع وبكى “حني عليَّ..حني عليَّ” بدا صوته هكذا.
كانت سارة حزينة، وميتة جوعا. جلست أسفل بالصف.
“انهضي أيتها البقرة السوداء” دعاها الملاحظ. وجه يده، وسوطه زمجر حول قدمي سارة..
مُزق ثوبها الثخين إلى خرق. نزفت قدماها إلى الأرض، لم تقو على النهوض..
توبي كان هناك بينما لم يكن هناك أحد للمساعدة لها ولوليدها. الآن..قبل أن يصبح ذلك متأخرا.. نهجت سارة” أبت..الآن”..
“نعم، يا بنتي، الوقت قد أزف” أجابها توبي..
“امضي، كما تعرفين كيف تمضي” رفع ذراعيه، مطوقا بهما إياها
“كيم..يالي وكيم بوبا تامبي” والعديد من الكلمات السحرية، قالها بسرعة، بدت مثل همسات، تنهدات.
المرآة الشابة، رفعت قدما واحدة في الهواء، بعدها الثانية. طفت بتخبط في البداية، مع الطفل المحمول بقوة بين ذراعيها. من بعدها شعرت بالسحر، الغموض الأفريقي المبهم. قيل أنها ارتفعت كما طير حر، بخفة ريشة.
تسارع الملاحظ على إثرها، وكانت سارة قد طفت مثل النسر الآن حتى غابت عن النظر. لا أحد جرؤ أن يتحدث بعدها عن ذلك. لم يصدقوا. لكنه كان، ولأنهم ما حدث بالفعل رأوا أمامهم أنهم حدث.
قيل باليوم التالي بأن الجو كان بالفعل حارا واقعا في الحقول. ووقع شاب صغير من الحرارة. الحوذي قدم وساطه، أتى توبي وتحدث. بكلمات إلى الشاب الواقع. كلمات من أفريقيا القديمة وقتما تسمع لا تذكرها ثانية. بسرعة نسيهم الشاب الصغير كما سمعهم. ولكنهم وجدت طريقا بداخله، نهض وتقلب في الهواء. لهنيئة توقف.. وطفا مبتعدا.
واحد فآخر تساقطوا من الحر، كان توبي هناك. صاح للواقعين، وبلغ بذراعيه نحوهم.. همسات وتنهدات ويصبحون عاليا جدا في الهواء. امتطوا نسماتهم الحارة، كل الطافين سود، عيدانا مضيئة، يدورون تباعا فوق رأس الملاحظ، عبروا الصفوف، والحقول، والأسيجة.
“اقبضوا على هذا العجوز” نادى الملاحظ “سمعته يقول كلمات سحرية..اقبضوا عليه”
الرجل الذي كان يدعو نفسه(السيد) أتى يجري..بينما أجهز الحوذي سوطه ليتموج حول توبي العجوز ويقيده. وكان قد أخذ مالك العبيد بندقية الجانب خاصته من مكانها، قصد ليقتل توبي، الأسود العجوز.
لكن توبي ابتسم. وقيل أنه أرجع رأسه إلى الوراء وقال “هيه..هيه..”
“ألا تعلم من أنا؟ ألا تعلم بعضا منا بالحقل؟” قالها بوجوههم “نحن الذين يمكننا الطيران”
ولفظ الكلمات القديمة كما لفظ قديم، قالها لكل الآخرين بالحقل العاملين تحت السوط
“بوبا يالي..بوبا تامبي”
كان هناك صياحا. واستقامت الظهور المحنية، والشباب والكبار ممن كانوا يدعون عبيدا- ويمكنهم الطيران- عقدوا أيديهم معا.. يمكن القول أنهم كانوا مثل عقد موسيقي، لكنهم لم يمكنهم التقلب بدائرة. لم يغنوا.
لأنهم ارتفعوا عبر الهواء. كانوا يطفون في سرب. أسود ضد ثقل الزرقة. غربان سوداء، أو ظلال سوداء. هذا لا يهم، عاليا قد ذهبوا فوق المزرعة، بعيدا فوق، أرض العبودية.. يمكن القول أنهم طفوا عبورا للحرية.
والرجل العجوز، توبي، طفا خلفهم، يرعاهم. لم يكن يبكي، لم يكن يضحك.
كان بصارهم الخاص. ووقعت نظرته الثاقبة على المزرعة، حيثما كان العبيد ممن لا يمكنهم الطيران ينتظرون.
“خذنا معك” أخبرته نظراتهم بذلك.
لكنهم كانوا خائفين جدا ليهتفوا بها. لم يمكن لتوبي أخذهم معه. ليس لديه وقتا ليعلمهم الطيران. يجب عليهم انتظار فرصتهم للهرب.
“الوداع” قالها الرجل العجوز الذي يدعى توبي لهم..أرواح مسكينة، واختفى.
هذا ما قالوا، وأخبر الملاحظ ذلك، والسيد أدعى بأن الأمر كذبة، خدعة بصرية. بينما أبقى السائق فمه مغلقا.
العبيد ممن لا يمكنهم الطيران، أخبروا عن الناس ممن يمكنهم، لأطفالهم. وقتما كانوا طلقاء وكانوا يجلسون قبل معرفة النار بالأرض الحرة. قالوا ذلك بينهم. أيام ما كانوا يحبون خبو النار والحرية والحكي.
قالوا أن الأطفال ممن لا يمكنهم الطيران قد أخبروا أولادهم بالطبع، والآن، أنا، قد أخبرتها إليك.. [image error]