أزهى عصور الكذب

قتل المجلس العسكري الشهيد ومشى في جنازته - أرسل 2 من لواءاته لتعزية البابا في كاتدرائيته - وخرج إلى الشعب بمؤتمر صحفى "عالمي" ليعلن على الملأ أن أسلحة جنوده فارغة، وما بها من ذخيرة عبارة عن عدة طلقات "فشنك" لتطفيش الحيوانات الضالة، في كذبة ما كنت أتصور يوماً أن يجروء أحد الذين ارتدوا الزي العسكري على نطقها، فمن المعروف أن القوات المسلحة تتواجد في ثكناتها، ولا تغادر إلى الشارع إلا في حالة رفع حالتها القتالية إلى الحالة القصوى، ويستدعي هذا أن يكون الفرد بكامل عتاده، الذي يشمل ذخيرة يومين قتال، وهو ما حدث منذ يوم 28 يناير.
الأنكى والأكثر إضحاكاً، أن المجلس غفل عن إصدار أوامره لبقية المدرعات التي تحرس مكاناً حيوياً في قلب القاهره برفع ذخيرة الرشاشات من على مدرعاتهم، وبقى الرشاش مشهراً وبجواره صندوق ذخيرته الملآن، وكأننا نشاهد جزء جديداً من فيلم "إسماعيل يس في الجيش".
ثم إلتقى أعضاء المجلس في إستعراض إعلامي كبير على قناة "دريم" بصحبة المذيعة الباكية منى الشاذلي، والأخ إبراهيم عيسى، ليعاود أعضاؤه ترديد الكذب الذين يدركون جيداً أنه مفضوح، بل ويبررون دهس المواطنين ب"خضة" المجند، مما يستدعي محامتهم بتهمة الاساءة للجيش المصري، لأن معنى ما صرحوا به أن أفراد الجيش يحتاجون غلى لبس "طاسة الخضة" لإصابتهم بالذعر من المدنيين، ولا يكتفى أعضاء المجلس الموقر بهذا، بل يعلنون بكل ثقة أن المجلس سيعتذر إذا ثبتت إدانة الجيش.
اقتل ما تشاء من المصريين واعتذر، فقط تحلى بشجاعة الإعتذار
وقياساً على هذا لا أعرف السبب في محاكمة مبارك وعصابته، دعوهم يتعذروا لنا على ما فعلوه، وعلينا ألا نكون أصحاب قلوب سوداء، ونقبل الإعتذار ونقٌبل الأيادي.
وكأن المجلس لا يدرك أنه ارتكب جريمة لن يمحوها التاريخ، وكتب بيده أول حادثة قتل من الجيش المصري - الذي أنشيء في عهد محمد على - لمواطن مصري ، بل وبلغت عنجهية السادة اللواءات الإصرار على عدم محاكمة وعزل اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية، وعدم فتح تحقيق داخلي فيما حدث، وكأن شيئاً لم يكن.
وتبقى نقطة النور الوحيدة في تلك الفاجعة، أن أداء المجلس قد تحول مرة أخرى إلى خانة الدفاع، فبعد "رصيدنا لديكم يسمح" غادر منطقة الدفاع إلى الهجوم منذ إصبع الفنجري الشهير، وصار المجلس بكامل رمته لا يهمه أي تعليق على أداءه مطمئناً لحائط عريض يضرب فيه الثوار رؤوسهم.
أما بعد عودته مرة أخرى لخانة الدفاع فعلينا أن نواصل الضغط بلا هوادة، وأن نقضي على اي محاولات للعودة مرة أخرى للهجوم، وهو ما يحاولون بدءه عن طريق منع الاصوات المعارضة وتكميمها، ويبدو هذا واضحاً فيما حدث مع الإعلامي يسري فودة، والكاتب علاء الاسواني.
المعركة الأن مع المجلس معركة إثبات وجود، كتبت منذ شهرين متوقعاً سيناريو أداء العسكر وتحقق أكثر من 75% مما كتبت، والأن أقوم بتعديل هذا السيناريو لعلنا نستفيق.
أولاً يعول المجلس كثيراً على إلهائنا بلعبة الإنتخابات، مع تفعيل قانون العزل بعد إجرائها، ليتواصل رفع الدعاوي وإسقاط عضوية البعض، حتى يفشل المجلس في الإستقرار لتنفيذ مهامه، دافعاً البلد لدوامة من الفوضى السياسية.
ثانياً يقوم المجلس بابراز فشل السياسيين في إدارة شئون البلاد بمعاونة البرامج والجرائد الصديقة - على حسب تعبيرهم الشخصي - ليقوم بعدها بإعلان مرشح عسكري للرئاسة في أحسن الظروف للترشح في الانتخابات.
ثالثاً إستغلال حالة ضعف مجلس الشعب القادم وتشرذمه في إصدار دستور، يحمل وضعاً خاصاً للجيش.
وهكذا يستمر مخطط العسكر المدعوم أمريكياً في السيطرة على مصر، وعلينا ألا ننسى جميعاً أن العسكر هم الضمان الأكبر للكيان الصهيوني، ووجودهم في سدة الحكم يعني أمن الدولة العبرية الذي ترعاه أمريكا وتعتبره أهم أولوياتها.
انتبهوا أيها الثوار، ثورتنا تتلاشى و عندما نصل إلى درجة إعتقال ناشط سياسي يرسم "جرافيتي" مضاد للحزب الوطني بواسطة الشرطة العسكرية، يجدر بنا أن نقول أن الثورة لم تقم من اساسه.
شهدائنا في الجنة والكذاب في النار، وما على الشهيد إلى البلاغ.
رابط السيناريو الأول http://monnam.blogspot.com/2011/09/bl...
Published on October 21, 2011 07:10
No comments have been added yet.