إيد واحدة

يتأكد الاب من إغلاق ذلك "الترباس" الضخم على الباب، قبل أن يعود إلى مقعده أمام التلفاز ليتابع أحداث اليوم المذاعة على الهواء مباشرة، تلقتي عيناه بعيني زوجته فترتد إلى الأرض سريعاً ، متجاهلاً تلك الدموع التي أغرقت وجهها.
تقترب طفلته الصغيرة بهدوء قط خائف لتلتصق بجسده، يحتضنها محاولاً إيقاف الرجفة التي تعتريها، يضمها بقوة محاولاً أن يهبها أكبر قدر ممكن من الثقة، لكن تفضحه دقات قلبه المتسارعة.
يقطع دائرة تركيزه صراخ طفله الأخر والذي يبكي في ركن أخر من بهو المنزل على أثر البول الدافيء الذي سال على قدميه بعد أن عجز عن التحكم فيه من الخوف، تهرع الأم إليه ملتاعة صارخة : رحمتك يا يسوع.
يلتفت الأب إلى صورة المسيح المعلقة على جدار المنزل متأملاً صفاء ذلك الوجه النوراني على الصليب، يرتفع صوت مقدمة البرامج على المحطة الحكومية صارخة في هلع : نهيب بالمواطنين الشرفاء أن يهبوا لحماية الجيش من المتظاهرين الاقباط!!
يتوقف الزمن للحظة ويصمت الكون متواطئاً مع إرتفاع إرتطام أيادي عديدة تدق باب الشقة، الذي يقاوم الإنهيار من فرط ثقلها.
تصرخ الصغيرة في ذعر : هما عايزين يقتلونا ليه يا بابا؟
يحتضن الأب إبنته بقوة أكبر محاولاً منع نفسه من الإرتجاف، مختبئاً منها فيها، تسرع زوجته لحمل الطفل والإلتصاق بزوجها، والهتافات تدوي عبر شاشة المحطة الحكومية : الشعب يريد إسقاط المسيحيين.
تلتقي نظرات الاب مع نظرات الأم في مصافحة وداع، تتشبث اصابع كلاً منهما في الصغير الذي يحتويه، يصرخ صوت من خارج الباب : افتح يا مهنى أخوك مايكل دهسته مدرعة عند ماسبيرو.
Published on October 10, 2011 20:18
No comments have been added yet.