ترشيحات للمشاهدة..

بعض الأفلام الأجنبية، اللي مفيش بينها أي رابط غير إنها -في الفترة الأخيرة- كانت من ضمن الأفلام اللي حبيتها. وزي ما ساعات برشح كتب للقراءة فممكن أرشح النهاردة أفلام للمشاهدة والتأمل، وأكتب كلمتين -لنفسي ولكل مهتم- عن كل فيلم منهم زي ما فكرت فيه أو زي ما أثر في. فالسينما والموسيقى والقراية..المفروض إنها بتترك أثر كبير في تشكييل وعينا ووجدانا، حياتنا: نفسيا وماديا كمان. في مستوى أول بنحاول من خلال التعلم والاكتشاف، إننا نفرق بين الصادق والزائف في الصور والكلمات والأشخاص والتجارب المحيطة بينا. ثم بنعلم نفسنا من خلال هذا "الصادق" الذي وجدناه الإضافة الجديدة لوعينا وعقلنا وروحنا، ونتغير بشكل ما. يقول دافيد أ. كوك في كتابه "تاريخ السينما الروائية" "وإنني إذ قضيت حياتي طالبا ومعلما للأشكال اللغوية المختلفة، سواء المنطوقة أم السمعية البصرية، أعتقد أن أكثر الناس ذكاء وإنسانية في حضارتنا هم الذين سوف يختارون [هذا]الموقف.. ولهؤلاء كتبت هذا الكتاب". القائمة طويلة جدا، لكن دي مجرد نماذج -عشان رمضان اللي داخل علينا ده :)- عن التسامح والمحبة، وقبول الاختلاف والتنوع، والإنسان الحديث الذي يملك قدره في يده، وعن النضج والجدية والمثابرة.

الفيلم الأول اللي برشحه هو Philomena (2013)، وكتبت عنه:
قالت جودي دنش الممثلة العظيمة والتي قامت بدور الأم الأيرلندية فيلومينا، تلك الأم التي نزعوا منها ابنها بمنتهى القسوة في تلك كنيسة روسكريه؛ لأنها انجبته من الخطيئة، وكان عمرها لم يتجاوز الخمسة عشر عاما. لكنها، هذه "الخاطئة"، غفرت وسامحت الراهبات القساة في ذلك الدير (دايما بيظهر في الفيلم في فصل الشتاء البارد والثلج في كل مكان) مع ذلك.. أما جودي دنش فقالت: "كل ما يمكنني قوله هو أنني لا أتخيل نفسي في هذا الموقف ويكون بمقدوري أن أغفر ما حصل. أنا لا أملك فعلا كل هذه الإنسانية التي تملكها".. ولهذا أطلق الناس على فيلومينا "الخاطئة"، فيلومينا القديسة..في أحد المشاهد وهي تحكي للصحفي عن المرة اللي مارست فيها الجنس، قالت إنها استمتعت جدا بتلك الممارسة، وقالت لمارتن الصحفي: تعرف إني مكنتش أعرف إني عندي "Clitoris"؟! (وده خلى الصحفي غير المؤمن يلعن أبو الكاثوليكية اللي بتنكر رغبة ربنا خلقها جوانا إن كان موج يعني :) ).. وفي أحد المشاهد الأخرى قالت إنها عارفة إن الشاب الوسيم جدا اللي مارس معاها الجنس ده كذب عليها لما قالها إنه شخص طيب، وكملت بس يمكن لنفسها: مش مهم، أنا كمان كذبت عليه وقولته إني كبيرة.

الفيلم الثاني اللي برشحه هو Theeb (2014)، وكتبت عنه:
في الأنشودة الخامسة عشر من كتاب الجحيم في الكوميديا الإلهية، يلتقي دانتي في رحلته الطويلة ببرونيتو لاتيني، وكان في الواقع صديقا لدانتي وفتح له أبواب المعرفة وغرس في نفسه حب الوطن وتخليد الذكرى ومات ولم يكن دانتي قد بلغ الثلاثين من عمره. وفي اللقاء دار هذ الحوار:
برونيتو: أي قدر يسوقك هنا في الأسفل، قبل اليوم الأخير؟ ومن ذا يدلك على الطريق؟
دانتي: هناك في الحياة الهادئة فوقنا في العالم الأعلى، ضللت في واد قبل أن تكتمل مني السن.
القطعة دي هي اللي جت في بالي وأنا بشوف الفيلم العظيم "ذيب" من كام يوم لما اتعرض في سينما Zawya Cairo قصة نضج طفل في 24 ساعة وقبل أن تكتمل منه السن.. 100 دقيقة من المتعة والدهشة والجمال الخالص.

الفيلم الثالث اللي برشحه هو (2014) Whiplash ، وأكتب عنه:
إليك تلك الفكرة- بمناسبة هذا الفيلم، لكلانا:
مقابل القسوة هناك خيار المقاومة، المقاومة بمعنى العمل وبذل الجهد والعرق بإخلاص وبإصرار وبجدية؛ لمقاومة قسوة الحياة وقسوة الآخرين، بل وقسوة القدر وعبثيته، قسوة الوجود بذاته.. على مدار العمر السابق كان "آندرو نيمان"، الطالب بمعهد شايفر الموسيقي المرموق في نيويورك، الطموح الجاد، هو نموذجي/حالي/اختياري في مواجهة كل قسوة أو صعب في الطريق الذي لم أختر فيه أبدا أن أتراجع، حتى أمام كل البطحات والصعوبات والخوازيق، بل واجتياز الحياة دون مرشد ولا دليل، ومع الوقوع في الأخطاء كلها في تلك الساحة المفتوحة، والتعلم منها بالتراكم، وجبر الكسر لاستكمال المشوار الطويل، بلا كلل ولا يأس.. فمقاومة قسوة الحياة وعدم الوقوع في شرك الانتقام لا من الغير ولا من أنفسنا؛ بل تحويل كل غضب لطاقة بناء ومحبة، المواجهة لا الهروب، كلها علامات لسلامة روحنا وعقلنا وإنسانيتنا.
2 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 25, 2017 21:42
No comments have been added yet.