الثغرة .... لامؤاخذة ( الجزء 2)

في يونيو 67 مشى لمسافة اكثر من 300 كم مهددا بالموت بين لحظة واخرى، تحرقه شمس يوينو حين ينام مستترا عن طيران العدو، ويخنقه ظلام الليل الذى عاد فيه الى الضفة الغربية للقناة، مع الاف العائدين الذين قهرهم قرار انسحاب عشوائي قبل ان يقهرهم العدو الصهيوني، أما اليوم فهو يعود وحيدا بصحبة الضابط علي ، ضابط اشارة الكتيبة، يستخدمه عكازا حين تخونه قدماه، ينعي ما حدث امامه دون خجل، ولكن هذه المرة المسافة لن تزيد عن 3 ساعات من السير، حتى يعود للضفة الغربية للقناة، الجيش منتصر هذه المرة، ولكنه ينسحب، بعد أن خسر كتيبته بالكامل ، وفشل في تأمين الجانب الأيمن للجيش الثاني الميداني، واخترقته الدبابات الاسرائيلية.
**********
جلس الضابط ذو البشرة الداكنة أمام وحدته الجديدة مبتسما، صار يؤمن أن شيئاً ما يحميه، فعندما قام الفريق محمد فوزي بتطهير القوات المسلحة عقب هزيمة يونيو، وقام ناصر باستبعاد كل رجال المشير عامر من الجيش، بقى هو دون استبعاد، على الرغم من أن المشير عامر هو "واسطته" في دخول الكلية الحربية، وانه من رعاه في بداية حياته حفظا لجميل والده الذي كان يعمل لدى المشير عامر، وها هو الان بعد تسببه في الخطأ الفادح الذي كان احد الاسباب الرئيسية في ثغرة الدفرسوار، ينال ترقيته الجديدة ويتسلم رئاسة اركان أحد وحدات سلاح المشاة، في تسلسل طبيعي لوظائفه القيادية، لرغبة الرئيس السادات في تكتم احداث الثغرةن وعدم محاسبة المسئولين عنها، كي لا يستغل الاعلام هذا في تضخيمها عسكريا، حتى لا يفسد الانتصار.
*********
الليل تلك المرة مختلف، الليل قد اضاء واشتعل، اشعلته قذائف الدبابات، صاحبنا يرتعد في مركبته، فقد الاتصال بسرية الجانب الايمن، التي تتعرض لاختراق شديد، يحاول معاونتها بسرية النسق الثاني، الا انها تنهار تحت التفوق الرهيب للعدو في تلك اللحظات، تتوقف راسه عن التفكير، تتسارع ضربات قلبه ليعلو صوتها فوق صوت القذائف، يغادر مركبته مستكشفا، فيقذفه انفجار المركبة اثر قذيفة من العدو لعدة امتر، يدرك عقب السقوط أن الله قد كتب له الحياة، يتمنى نهارا، لا يعلم كيف يكون شكله
**********
يتأمل صاحبنا تجاعيده في المرآة ، يبتسم مرة اخرى، ويقول لنفسه : ما زال نفس الشيء يحميني، سقط النظام بالكامل وبقيت أنا ، بل ويهتف الثوار لي في كل مكان، مازال ملاكي الحارس يعمل بكفاءة.
*********
في الصباح اصاب صاحبنا الهلع، بين أكثر من 400 جثة لشهداء كانوا يوما افرادا وضباطاً في كتيبته، تحسس البعض، والبعض الاخر بحثاً عن حي، تجمد قلبه الى الابد من مصافحة وجوه الموتى، قرر العودة للضفة الغربية للقناة وفي اذنه يتردد بلاغا اتاه عبر جهاز اللاسلكي منذ عدة ساعات ، لم يعره اهتماما ساعتها " من فهد الى نسر هناك 7 دبابات اسرائيلية تتقدم في الجانب الايمن من قطاع مسئولية الكتيبة، حول".
*******
الراديو في تل ابيب يذيع البيان التالي يوم 15 اكتوبر : قامت قوات المظلات الإسرائيلية بالوصول للمواقع المتاخمة لمياه قناة السويس وعبرت القناة في قوارب مطاطية وكان ذلك يوم 15 أكتوبر وكان من المفترض أن تتصل بها قوات إريل شارون ليلا لإقامة المعبر على قناة السويس تمهيدا لعبور القوات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس.
*******
الراديو في تل ابيب يوم 16 اكتوبر : تم قطع الطريق يوم 16 أكتوبر على قوات أريل شارون بعدما وصلت لمياة القناة وأصبح من المتعذر وصول معدات العبور وكذلك الجسور وأصبحت قواته معزولة تماماً بل ومهددة بالقضاء عليها فأصبح لزاماً على القوات الإسرائيلية القيام بمحاولة لفتح الطريق للإتصال بقوات إريل شارون المدرعة
******
الراديو في تل ابيب 17 اكتوبر : قامت قوات القائد الإسرائيلي " برن " بالهجوم على ثلاثة محاور المحور الأول شمالا للضغط على الحد اليمين للجيش الثاني الميداني و المحور الثاني جنوباً للضغط على الحد اليسار للجيش الثالث الميداني والمحور الثالث غرباً للهجوم على المزرعة الصينة وذلك لفتح الطريق والإتصال بقوات إريل شارون وبعد قتال ليلي عنيف ومعركة مدرعات تصادمية وقتال مباشر إستطاعت قوات " برن " فتح الطريق والإتصال بقوات إريل شارون عند ساحل القناة ومن ثم توصيل معدات وجسور العبور وفي يوم 17 أكتوبر 1973 وصلت القافلة إلى حدود قناة السويس وبدأ عبور المدرعات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس وحدث ما يعرف بـ " ثغرة الدفرسوار " في الجيش المصري.
Published on August 15, 2011 08:33
No comments have been added yet.