مقروءات يناير
عودة للعادة التي أهملتها العام الفائت .. والتي تجمع كافة مقروءات الشهر في تدوينة .. قررت مع بداية هذا العام أن أكثّف قراءاتي الفكرية قليلًا .. لوقوفي أمام منتصف طرق أحتاج فيها لتشبّثٍ فكري .. وعمق إيمان !
قرأتُ في هذا الشهر تسعة كتب .. ستتضمّنها الأسطر القادمة مع مراجعاتها .. وسأوردها حسب تسلسلها الزمني في انتهائي منها :
١- أرض البرتقال الحزين - غسان كنفاني :
قراءتي الأولى لغسّان كانت من خلال هذه النافذة القصصيّة .. غسَّان أحد أولئك الذين يكتبون بدم الوطن .. الذين لا تفتأ تلاله وهضابه تنقر على وتر كل شيء بداخل أحرفهم .. الذين حينما يكتبون تتوسَّط يافا الورقة .. وتسرد غزة لها التفاصيل !
مجموعة قصصيّة عشتُ معها أوقاتًا حيّة .. نقلتني للكثير الكثير من طبيعة الحياة الفلسطينية ..
٢- اختراع العزلة - پول اوستر
ترجمة : أحمد العلي
"الأبناء نيام .. فإذا مات الآباء ؛ انتبهوا" !
وصف سردي يحكي عن الموت الذي نتجنّب التفكير فيه حتى .. عن موت الأب حينما يغدو واقعًا .. بكل الجراح ومعاني الألم المتكتلة .. لكنني لا أظن أن هذا الكتاب فتح لي أفقًا نحو أدب الأب فقط .. وإنما تجاوز ذلك ليبني رابطة توشك أن تشتد بيني وبين أسلوب أحمد العلي الترجمي .. كثيرًا ما يحكم أسلوب المترجم وأدبه على استمراريتي القرائية .. على تشبثي بما أقرأ .. ولربما إبطائي لئلا ينتهي ما بين يدي .. عن تجربة ترجمية امتدت لثلاثة أشهر خضتها دون اختيار(وذلك بسبب أحد متطلبات بحث تخرجي)؛ تعلمتُ منها أن اللغة لا تعطيك بقدر ما تعيشها وتسكنها .. أن تترجم فأنت تبلور الحرف لأكثر من فكرة وومضة .. أن تترجم أي أن تسكن اللغة وتعيشها ليلد منها نصَّا آخر يشبهها ولا يدنو منها .. الترجمة دورة حياة كاملة كحياة الكاتب وأكثر .. ذلك إذ أنك تسكن إحساس الكاتب لتوصله لأبناء لسانِ آخر .. التميز الترجمي لهذا الكتاب حال بين أن أتحدث عن فكرته كثيرًا .. منحته دون تفكير خمسة أنجم يتشاطرها كلَا من پول اوستر وأحمد العلي .. لپول أوستر الذي أيقظ بداخلنا المعنى الذي يكاد يتلاشى للأب ؛ لدوره الكبير في الحب الذي تجرعناه في هذه الحياة .. لفكرة الموت الرهيبة وكيف تتلاشى من بين أيدينا الأشياء -كل الأشياء وأغلاها على الإطلاق- .. ولأحمد العلي الذي سبر أغوار اللغة وأبدع في لعبة الأحرف ..
٣- وقفة قبل المنحدر - علاء الديب
هذا الكتاب الذي يناهز المئة صفحة يشعرك وكأن ما بداخله كلمات كتبت قبل النهاية أو ربما على شفا حفرة من هاوية ..
أحرف تتضمّن صفحات من حياة كاتبها دوّنت بأسلوب يضجّ بالألم لثلاثين عامًا مهمة جدا بالنّسبة له .. لكنّها قاتمة تمامًا .. مخضّبة بالسواد الذي ينثر شيئًا من تشاؤم حينما تنازع الأوراق .. أؤمن دومًا أن وراء السواد حدائق ياسمين مفعمة بالحياة .. لكنني أؤمن أكثر أن ياسمين القلب لايزهر إلا عندما ننثر بذوره بداخلنا ..
وربما هذا ما افتقده الكاتب ..
أو سلبته منه رياح تلك الأيام !
٤- حبال من السماء - علي العطيّاني
أتذكر جيدًا أنني بدأت بقراءة هذه الرواية في العام الماضي كنسخة إلكترونية لكنني فقدتها جراء خطأ تقني ما ..
عندما حصلت عليها مجددًا وقرأتها ،، لم أستطع أن أتوقف أبدًا .. كانت الأحرف والكلمات تسابقني لأتمها والمعاني الروحانية تسكنني من زاويةٍ أخرى ..
حبال من السماء .. عمقت بداخلي فكرة الارتباط الأخروي كمبدأ .. كسبيل للنجاة ونيل السعادة دنيويا قبل الآخرة .. حبال من السماء حرف بسيط رقيق للقلب .. القلب الذي نتناساه كثيرًا في غمرة انشغالاتنا الدنيوية التي لا تنتهي ..
كلمات تدنيك من معانٍ كثيرة .. معانٍ تنفض عنك التعلّق بالدنيا وتدفعك برفق لدرب خُلِقت لتكون فيه ..
٥- مقالات في كلمات - علي الطنطاوي
ربما هو قدوم متأخر ليكون أول كتب الطنطاوي التي أقرؤها .. اعترف بهذا بشيء من خجل يشوبه الندم .. الحرف هنا يدنو من أفق آخر .. أفق يطرح المشكلة المستعصية ويقدم لها سلسلة حلول نموذجية .. أفق ينتزع منك شيئًا من قناعات خاطئة ليبدلها بأخرى أسلم وأنقى ..
نحتاج كثيرًا أن نفهم الإسلام كما فهمه علي الطنطاوي .. أن نخدم الإسلام كما خدمه .. أن نطبق الإسلام الصحيح .. لنسعد ونحيا بحق .. هذا الكتاب يتناول مجموعة مقالات متنوعة .. تحكي واقعنا ومشكلاته .. وتقدم لنا المخرج الأتقى دائمًا !
٦- روعة التماثل في الكيمياء - محمد صبري عبدالمطلب
علاقتي بهذا الكتاب ميلاد وابتداء وتخصّصية بحتة .. لكوني طالبة كيمياء في سنتها الأخيرة ولكوني لم أقرأ في مجال تخصصي كثيرًا -إن استثنينا بشدّة المراجع الجامعية التي لا تفارق عينيّ طيلة العام الدراسي- قررت أن أوطد علاقتي بالكتب التخصصية ولو بكتاب كل شهر ..
اختياري للكتاب كان عشوائيا لكنه صادف أن كان الاختيار الأصح على الإطلاق .. مفاهيم هذا الكتاب مرتبطة بشدّة بأحد المناهج التي أدرسها والتي اختبرت اختبارها النهائي آخر أيام فصلي المنصرم .. رافقني الكتاب في رحلة ممتعة أضاءت لي الكثير من القناديل .. كان موضحًا لبعض ما أشكل علي إلى ليلة الاختبار النهائي .. أدين له بالكثير خاصة لفهم محاضرة جداول السمات .. حاولت جاهدة أن ألم مكنوناتها وأقتصر على ما درسته لكن جانب مني لم يستوعب .. لم يتمكن من ربط الفكرة .. وكانت صفحات هذا الكتاب .. المرشد لي في تلك العتمة !
٧- في قلبي أنثى عبريّة - خولة حمدي
بدايةً أرى أنّ العنوان ظلم الرواية كثيرًا -رغم تميزه- لكونه يستهدف فئة معينة .. معينة جدًّا من أولئك الذين ينتمون لأدب الحب الرقيق ..
استعرت هذا الكتاب من صديقة .. ولبث على رفّي طويلًا .. حتى أنني كنت أنوي إعادته لها دون قراءته ظنا مني أنه لا يحمل أي مغزى .. سوى رواية تكررت أحداثها كثيرًا بين طيات كتبنا وهذه المرة بنكهة عبرية !
قرأتها ذات يوم لأسدّ شيئًا من الفراغ الممل الذي استبدّ بي ذاك اليوم ولم تكن بي طاقة لبذل أي نشاط .. لذا كانت ظروف قراءته حتمية نوعًا ما .. إلا أنني بمجرد ابتدائي القراءة لم أغلق صفحة الكتاب حتى دنو موعد نومي !
تركته ذلك اليوم بعد أن حاذيت منتصفه لأكمله في اليوم التالي بحماس كبير جدًّا !
سأصنّف هذه الرواية ضمن ما يُكتَب كـ "مدخل لدراسة الأديان" .. صفحاتها تتسلّل لمكنوناتك لترسي دعائم الإسلام في قلبك .. لتستعرض لك قصة شبيهة بتلك المصفوفة في كتبنا التاريخية إلا أنها هنا تتحدث عن حقبة معروفة لديك .. حقبة تتذكر تفاصيلها أو ربما تكون شهدت طفولتك .. عن أحداث لا زال الكبار يروونها بشغف الشهود لانتصارات الأمس .. عن التوراة .. الإنجيل .. القرآن .. عن الكيان الصهيوني الذي لا زالت بندقيته تنخر فينا بشدّة .. عنا عندما نتّحد .. عندما نقرر أن نكون يدًا واحدة .. لنكون !
رواية تحمل بين طيّاتها مناظرات خفيفة وأحيانًا خفيّة .. يقارع الإسلام فيها اليهودية والنصرانيّة .. وينتصر !
٨- اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة
اختيار وترجمة : محمد الضبع
مجموعة ترجمات نصصية تدور في فلك القلم .. هكذا يمكننا تعريف هذا الكتاب .. يتحدث عن الكتابة بدءًا من مفهومها العام وحتى أعمق نقاطها .. تتباين المقالات وتتنوّع .. بين أبجديات كتابة ونصوص عامة ومقابلات وسرد لحياة بعض الكُتّاب .. إلا أن أكثر التميّز يُمنَح للنص الذي يحمل الكتاب اسمه والترجمة المتميزة جدًّا ..
٩- رأيت رام الله - مريد البرغوثي
يغادر مريد البرغوثي فلسطين ليعود لها بعد ثلاثين عامًا بعد أن فاض به الشوق وبلغ من البعد عتيّا .. لتجده يسرد تفاصيل عودته لفلسطين -رام الله تحديدًا- .. منذ لحظة الموافقة وحتى لحظة المغادرة .. بتلهّف البعيد وحسرة المتأمل الحزين .. بصوت الوطن المفقود .. الوطن الذي لا تسترجعه حتى وإن عدنا لثراه باكين ..
هذا الكتاب لا يحكي وجع مريد البرغوثي بمفرده .. بل يحكي قصة شتات قصفت كل بيت فلسطيني ولا تزال !
الكُتّاب لسان شعوبهم أمام العالم .. وكذلك كان هنا مريد ! .. بمداد الوجع خطّ كل شيء .. نثر الأنين ثم عتّقه بالجرح المسجّى .. أبكى .. أضحك .. تنقل بنا بين عدة مفاهيم تقشعرّ لها جسدك وكأنك فلسطيني حقًّا .. وكأنك أحد ضحايا هذا الضياع !
سأظلم "رأيت رام الله" إن صنّفتها كرواية أو حتى كسيرة ذاتية .. هي مزيج من كل شيء .. خليط من كل الفنون والمشاعر والأحاسيس .. تكامل بنائي يوغل في السرد .. يُبدع في الوصف .. حد شعورك بنسيم برندة "أبو حازم" وأنت تَقَلُّب هذه الصفحات .. حد سماعك ضحكة تميم .. وصوته الطفولي مناديًا : عمّو بابا !
قرأتُ في هذا الشهر تسعة كتب .. ستتضمّنها الأسطر القادمة مع مراجعاتها .. وسأوردها حسب تسلسلها الزمني في انتهائي منها :
١- أرض البرتقال الحزين - غسان كنفاني :
قراءتي الأولى لغسّان كانت من خلال هذه النافذة القصصيّة .. غسَّان أحد أولئك الذين يكتبون بدم الوطن .. الذين لا تفتأ تلاله وهضابه تنقر على وتر كل شيء بداخل أحرفهم .. الذين حينما يكتبون تتوسَّط يافا الورقة .. وتسرد غزة لها التفاصيل !
مجموعة قصصيّة عشتُ معها أوقاتًا حيّة .. نقلتني للكثير الكثير من طبيعة الحياة الفلسطينية ..
٢- اختراع العزلة - پول اوستر
ترجمة : أحمد العلي
"الأبناء نيام .. فإذا مات الآباء ؛ انتبهوا" !
وصف سردي يحكي عن الموت الذي نتجنّب التفكير فيه حتى .. عن موت الأب حينما يغدو واقعًا .. بكل الجراح ومعاني الألم المتكتلة .. لكنني لا أظن أن هذا الكتاب فتح لي أفقًا نحو أدب الأب فقط .. وإنما تجاوز ذلك ليبني رابطة توشك أن تشتد بيني وبين أسلوب أحمد العلي الترجمي .. كثيرًا ما يحكم أسلوب المترجم وأدبه على استمراريتي القرائية .. على تشبثي بما أقرأ .. ولربما إبطائي لئلا ينتهي ما بين يدي .. عن تجربة ترجمية امتدت لثلاثة أشهر خضتها دون اختيار(وذلك بسبب أحد متطلبات بحث تخرجي)؛ تعلمتُ منها أن اللغة لا تعطيك بقدر ما تعيشها وتسكنها .. أن تترجم فأنت تبلور الحرف لأكثر من فكرة وومضة .. أن تترجم أي أن تسكن اللغة وتعيشها ليلد منها نصَّا آخر يشبهها ولا يدنو منها .. الترجمة دورة حياة كاملة كحياة الكاتب وأكثر .. ذلك إذ أنك تسكن إحساس الكاتب لتوصله لأبناء لسانِ آخر .. التميز الترجمي لهذا الكتاب حال بين أن أتحدث عن فكرته كثيرًا .. منحته دون تفكير خمسة أنجم يتشاطرها كلَا من پول اوستر وأحمد العلي .. لپول أوستر الذي أيقظ بداخلنا المعنى الذي يكاد يتلاشى للأب ؛ لدوره الكبير في الحب الذي تجرعناه في هذه الحياة .. لفكرة الموت الرهيبة وكيف تتلاشى من بين أيدينا الأشياء -كل الأشياء وأغلاها على الإطلاق- .. ولأحمد العلي الذي سبر أغوار اللغة وأبدع في لعبة الأحرف ..
٣- وقفة قبل المنحدر - علاء الديب
هذا الكتاب الذي يناهز المئة صفحة يشعرك وكأن ما بداخله كلمات كتبت قبل النهاية أو ربما على شفا حفرة من هاوية ..
أحرف تتضمّن صفحات من حياة كاتبها دوّنت بأسلوب يضجّ بالألم لثلاثين عامًا مهمة جدا بالنّسبة له .. لكنّها قاتمة تمامًا .. مخضّبة بالسواد الذي ينثر شيئًا من تشاؤم حينما تنازع الأوراق .. أؤمن دومًا أن وراء السواد حدائق ياسمين مفعمة بالحياة .. لكنني أؤمن أكثر أن ياسمين القلب لايزهر إلا عندما ننثر بذوره بداخلنا ..
وربما هذا ما افتقده الكاتب ..
أو سلبته منه رياح تلك الأيام !
٤- حبال من السماء - علي العطيّاني
أتذكر جيدًا أنني بدأت بقراءة هذه الرواية في العام الماضي كنسخة إلكترونية لكنني فقدتها جراء خطأ تقني ما ..
عندما حصلت عليها مجددًا وقرأتها ،، لم أستطع أن أتوقف أبدًا .. كانت الأحرف والكلمات تسابقني لأتمها والمعاني الروحانية تسكنني من زاويةٍ أخرى ..
حبال من السماء .. عمقت بداخلي فكرة الارتباط الأخروي كمبدأ .. كسبيل للنجاة ونيل السعادة دنيويا قبل الآخرة .. حبال من السماء حرف بسيط رقيق للقلب .. القلب الذي نتناساه كثيرًا في غمرة انشغالاتنا الدنيوية التي لا تنتهي ..
كلمات تدنيك من معانٍ كثيرة .. معانٍ تنفض عنك التعلّق بالدنيا وتدفعك برفق لدرب خُلِقت لتكون فيه ..
٥- مقالات في كلمات - علي الطنطاوي
ربما هو قدوم متأخر ليكون أول كتب الطنطاوي التي أقرؤها .. اعترف بهذا بشيء من خجل يشوبه الندم .. الحرف هنا يدنو من أفق آخر .. أفق يطرح المشكلة المستعصية ويقدم لها سلسلة حلول نموذجية .. أفق ينتزع منك شيئًا من قناعات خاطئة ليبدلها بأخرى أسلم وأنقى ..
نحتاج كثيرًا أن نفهم الإسلام كما فهمه علي الطنطاوي .. أن نخدم الإسلام كما خدمه .. أن نطبق الإسلام الصحيح .. لنسعد ونحيا بحق .. هذا الكتاب يتناول مجموعة مقالات متنوعة .. تحكي واقعنا ومشكلاته .. وتقدم لنا المخرج الأتقى دائمًا !
٦- روعة التماثل في الكيمياء - محمد صبري عبدالمطلب
علاقتي بهذا الكتاب ميلاد وابتداء وتخصّصية بحتة .. لكوني طالبة كيمياء في سنتها الأخيرة ولكوني لم أقرأ في مجال تخصصي كثيرًا -إن استثنينا بشدّة المراجع الجامعية التي لا تفارق عينيّ طيلة العام الدراسي- قررت أن أوطد علاقتي بالكتب التخصصية ولو بكتاب كل شهر ..
اختياري للكتاب كان عشوائيا لكنه صادف أن كان الاختيار الأصح على الإطلاق .. مفاهيم هذا الكتاب مرتبطة بشدّة بأحد المناهج التي أدرسها والتي اختبرت اختبارها النهائي آخر أيام فصلي المنصرم .. رافقني الكتاب في رحلة ممتعة أضاءت لي الكثير من القناديل .. كان موضحًا لبعض ما أشكل علي إلى ليلة الاختبار النهائي .. أدين له بالكثير خاصة لفهم محاضرة جداول السمات .. حاولت جاهدة أن ألم مكنوناتها وأقتصر على ما درسته لكن جانب مني لم يستوعب .. لم يتمكن من ربط الفكرة .. وكانت صفحات هذا الكتاب .. المرشد لي في تلك العتمة !
٧- في قلبي أنثى عبريّة - خولة حمدي
بدايةً أرى أنّ العنوان ظلم الرواية كثيرًا -رغم تميزه- لكونه يستهدف فئة معينة .. معينة جدًّا من أولئك الذين ينتمون لأدب الحب الرقيق ..
استعرت هذا الكتاب من صديقة .. ولبث على رفّي طويلًا .. حتى أنني كنت أنوي إعادته لها دون قراءته ظنا مني أنه لا يحمل أي مغزى .. سوى رواية تكررت أحداثها كثيرًا بين طيات كتبنا وهذه المرة بنكهة عبرية !
قرأتها ذات يوم لأسدّ شيئًا من الفراغ الممل الذي استبدّ بي ذاك اليوم ولم تكن بي طاقة لبذل أي نشاط .. لذا كانت ظروف قراءته حتمية نوعًا ما .. إلا أنني بمجرد ابتدائي القراءة لم أغلق صفحة الكتاب حتى دنو موعد نومي !
تركته ذلك اليوم بعد أن حاذيت منتصفه لأكمله في اليوم التالي بحماس كبير جدًّا !
سأصنّف هذه الرواية ضمن ما يُكتَب كـ "مدخل لدراسة الأديان" .. صفحاتها تتسلّل لمكنوناتك لترسي دعائم الإسلام في قلبك .. لتستعرض لك قصة شبيهة بتلك المصفوفة في كتبنا التاريخية إلا أنها هنا تتحدث عن حقبة معروفة لديك .. حقبة تتذكر تفاصيلها أو ربما تكون شهدت طفولتك .. عن أحداث لا زال الكبار يروونها بشغف الشهود لانتصارات الأمس .. عن التوراة .. الإنجيل .. القرآن .. عن الكيان الصهيوني الذي لا زالت بندقيته تنخر فينا بشدّة .. عنا عندما نتّحد .. عندما نقرر أن نكون يدًا واحدة .. لنكون !
رواية تحمل بين طيّاتها مناظرات خفيفة وأحيانًا خفيّة .. يقارع الإسلام فيها اليهودية والنصرانيّة .. وينتصر !
٨- اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة
اختيار وترجمة : محمد الضبع
مجموعة ترجمات نصصية تدور في فلك القلم .. هكذا يمكننا تعريف هذا الكتاب .. يتحدث عن الكتابة بدءًا من مفهومها العام وحتى أعمق نقاطها .. تتباين المقالات وتتنوّع .. بين أبجديات كتابة ونصوص عامة ومقابلات وسرد لحياة بعض الكُتّاب .. إلا أن أكثر التميّز يُمنَح للنص الذي يحمل الكتاب اسمه والترجمة المتميزة جدًّا ..
٩- رأيت رام الله - مريد البرغوثي
يغادر مريد البرغوثي فلسطين ليعود لها بعد ثلاثين عامًا بعد أن فاض به الشوق وبلغ من البعد عتيّا .. لتجده يسرد تفاصيل عودته لفلسطين -رام الله تحديدًا- .. منذ لحظة الموافقة وحتى لحظة المغادرة .. بتلهّف البعيد وحسرة المتأمل الحزين .. بصوت الوطن المفقود .. الوطن الذي لا تسترجعه حتى وإن عدنا لثراه باكين ..
هذا الكتاب لا يحكي وجع مريد البرغوثي بمفرده .. بل يحكي قصة شتات قصفت كل بيت فلسطيني ولا تزال !
الكُتّاب لسان شعوبهم أمام العالم .. وكذلك كان هنا مريد ! .. بمداد الوجع خطّ كل شيء .. نثر الأنين ثم عتّقه بالجرح المسجّى .. أبكى .. أضحك .. تنقل بنا بين عدة مفاهيم تقشعرّ لها جسدك وكأنك فلسطيني حقًّا .. وكأنك أحد ضحايا هذا الضياع !
سأظلم "رأيت رام الله" إن صنّفتها كرواية أو حتى كسيرة ذاتية .. هي مزيج من كل شيء .. خليط من كل الفنون والمشاعر والأحاسيس .. تكامل بنائي يوغل في السرد .. يُبدع في الوصف .. حد شعورك بنسيم برندة "أبو حازم" وأنت تَقَلُّب هذه الصفحات .. حد سماعك ضحكة تميم .. وصوته الطفولي مناديًا : عمّو بابا !
Published on January 31, 2017 11:27
No comments have been added yet.


